لندن: أكد كير ستامر أن حزب العمال البريطاني الذي يتزعمه، لن يبالغ في الثقة بقدرته على العودة الى السلطة في انتخابات العام المقبل بعد أكثر من عقد في المعارضة، وذلك في تصريحات الأحد مع انطلاق المؤتمر السنوي العام للحزب.
ويعقد الحزب الاجتماع الذي يستمر أربعة أيام في شمال غرب انكلترا، مدفوعا بفوز كبير حققه في الانتخابات المحلية وتفوّقه على الحزب المحافظ الحاكم في استطلاعات الرأي.
وقال ستامر في تصريحات نشرتها "ذا أوبسرفر ويكلي"، "لن نصاب بالدوار، لن يكون الأمر بمثابة مهمة منجزة".
وأضاف "لذا لن ترونا نثير الجلبة. لن تروا الأخطاء التي ارتكبتها في السابق أحزاب المعارضة".
وتواجه حكومة المحافظين برئاسة ريشي سوناك سلسلة من الأزمات أبرزها ارتفاع التضخم وكلفة المعيشة والإضرابات في قطاعات اقتصادية مختلفة منها الخدمة الصحية الوطنية.
ومع بداية المؤتمر، أعلن ستامر خطة بكلفة 1,5 مليار جنيه استرليني (1,8 مليار دولار) للحد من قوائم الانتظار الطويلة التي يواجهها المتقدمون للحصول على تقديمات الخدمة الصحية، والتي تزايدت بشكل ملحوظ في ظل الإضرابات والتأخير بسبب الجائحة.
وسيسعى ستارمر (61 عاماً) للمحافظة على الصدارة، بل وتعزيزها، بعد المؤتمر المنعقد في ليفربول علماً بأن مؤتمر المحافظين الأسبوع الماضي شهد خلافات داخلية وإلغاء جزء من مشروع سكك حديد للقطارات السريعة.
ووصف ستامر الفوز الكبير الذي حققه العمال في انتخابات تكميلية في اسكتلندا الخميس بأنه "خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح" نحو التحوّل إلى أكبر حزب في البرلمان، وهو ما يمكن أن يقوده لرئاسة الوزراء.
وقال ستارمر الجمعة "نحن حزب التغيير في بريطانيا. نحن حزب التغيير في مختلف أنحاء البلاد"، في ردّ واضح على مساعي رئيس الوزراء ريشي سوناك لتصوير المحافظين على أنهم وحدهم القادرون على إحداث التغيير، رغم أنهم في السلطة منذ 13 عاماً.
الحزب العمال
وتولى حزب العمال منصب رئاسة الوزراء آخر مرة عام 2010 عندما كان غوردن براون فيه، ويستعد اليوم للعودة إلى السلطة في أعقاب انتخابات عامة ينبغي أن تجري بحلول كانون الثاني/يناير 2025 كأقصى حد.
ومني حزب العمال في آخر انتخابات على مستوى البلاد عام 2019 بأسوأ هزيمة انتخابية منذ العام 1935 في عهد الزعيم اليساري المتشدد جيريمي كوربن.
لكن بعد الهزيمة الكبيرة أمام المحافظين بزعامة بوريس جونسون حينذاك، أعاد ستارمر الدفع قدما بالحزب.
وأشاد بالفوز "المزلزل" الذي حققه العمال على الحزب الوطني الاسكتلندي الخميس بمقعد روثرغلين وغرب هاملتون (جنوب شرق غلاسكو) مع 20 في المئة من الأصوات.
وسيحتاج حزب العمال لاستعادة مجموعة كبيرة من المقاعد الأربعين التي خسرها في اسكتلندا عام 2015 لتكون لديه فرصة الإطاحة بحكومة سوناك المحافظة.
وتقدّم العمال بأرقام عشرية في الاستطلاعات على مدى أشهر، فيما تعاني بريطانيا من أزمة تكاليف معيشة وتشهد إضرابات، بينما أدت الخلافات الداخلية في صفوف المحافظين إلى استبدال ثلاثة رؤساء وزراء في غضون أكثر من عام بقليل.
ضغوط اقتصادية
كشفت استطلاعات مؤخرا بأن الفجوة تتقلّص بعدما أعلن سوناك عن سياسات شعبوية تسعى لتحديد الفوارق بين المحافظين الذين يميلون بشكل متزايد إلى اليمين ومعارضيهم.
لكن استطلاعاً أجرته صحيفة "أوبزرفر" الأسبوعية في كل دائرة انتخابية على حدة، توقّع فوزا كاسحا للعمال إلا إذا نجح سوناك في تقليص الفجوة.
واستطلع التحليل الذي أجرته شركة "سورفيشن" للاستطلاعات بتكليف من مجموعة "38 دغريز" الناشطة آراء أكثر من 11 ألف ناخب قبل وقت قصير من مؤتمر الحزب المحافظ.
ويواجه ستارمر الذي كان يشغل منصب المدعي العام سابقاً، اتهامات متكررة بمبالغته في الحذر وفشله في توضيح مواقفه بشكل دقيق.
واستبعد عدداً من الأمور بينها إلغاء رسوم التعليم الجامعي وإعادة بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي.
وأكد ستامر في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" الأحد، أن خطة حكومة سوناك لترحيل مهاجرين الى رواندا سيتمّ التخلي عنها. وتنظر المحكمة العليا حاليا في قانونية هذا الإجراء قبل اتخاذ قرار بشأنه.
كما تراجع عن زيادة الضرائب وخفف خطة حزب العمال المرتبطة بالطاقة النظيفة، ما أفسح المجال للمحافظين باتّهامه بتبديل مواقفه حيال عدد من القضايا.
وأشاد به أنصاره كشخصية إدارية، مشيرين إلى أنه يتأقلم مع الواقع الاقتصادي بتقلّباته، لكن العديد من معارضيه يتّهمونه بعدم التعبير عن رؤية واضحة للبلاد.
ويتوقع منه مراقبون بأن يقدّم تفاصيل عن سياسات العمال لدى تحدّثه خلال المؤتمر الثلاثاء والذي يمكن أن يكون آخر تجمّع سنوي للحزب قبل الانتخابات العامة.
لكن الضغوط الاقتصادية تعني أنه قد يتردد في الإعلان عن تعهّدات كبيرة مرتبطة بالإنفاق يحتمل بألّا يتمكن العمال من الإيفاء بها حال انتخابهم.