العراقيون ضاقوا ذرعا بالانقطاعات المتكررة للكهرباء وبالأخص في فصل الصيف والذي يعود الى أسباب عدة من بينها ان لم يكن أهمها الخلاف الدائر بين ايران والولايات المتحدة ونتائجه السلبية المتمثلة بالعقوبات الامريكية على ايران وعدم إمكانية العراق دفع المستحقات الإيرانية من شراء الغاز المستورد منهم، والايرانيون بدورهم يقطعون الغاز في احلك الظروف للضغط على الحكومة العراقية لدفع هذه المستحقات والمواطن العراقي بين هذا وذاك يعاني الحر واللهيب الصيفي.
ولا يخلو هذا الملف من التوظيف السياسي من جميع الأطراف، ونرى بان الاطار التنسيقي دخل الحلبة وقذف بالكرة في ملعب الولايات المتحدة مطالبا بالإطلاق الفوري " للمستحقات المالية المترتبة عن استيراد الغاز الايراني دون تأخير او مماطلة، وعدم استخدام هذا الملف سياسيا لتلافي انعكاساته السلبية على المواطن العراقي"
الولايات المتحدة
الولايات المتحدة بدورها تشدد على العراق عدم تسليم المبالغ المستحقة من شراء الغاز الإيراني وتم الاتفاق معهم على توديع المبالغ في حساب مصرفي لدى البنك التجاري العراقي تحت اسم الشركة الإيرانية المجهزة للغاز. في ذات الوقت، تسمح الولايات المحتدة بإطلاق بعض الأموال من اجل "شراء المواد الغذائية او الادوية" حسب شروط محددة وهذه الاطلاقات عرضة لتدقيق شامل وحثيث مما يؤخر عملية تسديد المبالغ.
كثرت التصريحات في الآونة الأخيرة حول تسديد المبالغ، اذ اعلن وزارة الكهرباء عبر الناطق الرسمي وقال أحمد موسى، المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية في26 حزيران الماضي بانه "تم سداد جميع مستحقات الغاز الإيراني" فيما صرحت وزارة الطاقة الإيرانية في ذات الوقت بنفس التصريحات.
ودخلت الولايات المتحدة خط التصريحات وتداولت العديد من الصحف والمواقع الإخبارية نقلا عن وزير خارجية العراق بانه تم الاتفاق على اطلاق ٢.٧ مليار دولار من المستحقات الإيرانية، الا ان ذلك لم يكن صحيحا واكد رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني في تصريحه الصحفي يوم امس بانه تم دفع ١.٨ مليار يورو لحد اللحظة منذ بداية العام.
أسبوعٌ حار
علما ان اغلاق الصنبور الغازي كبد بغداد 5000 ميغاواط من الكهرباء بسبب نقص إمدادات الغاز القادمة من ايران، بالاضافة الى قطع الكهرباء المستورد في ذات الوقت، مما جعل الانقطاع شبه تام وعاش العراقيون في ظلام وحرارة غير مسبوقة بسبب الارتفاع الكبير في الحرارة والذي وصف الأمم المتحدة بان الأسبوع الأول من شهر تموز سجل اعلى درجات الحرارة منذ عقود من الزمن.
ان ازمة الكهرباء في العراق ازمة مزمنة وواقع الأمر يقول ان العراق يتأذى من صديقين وبغض النظر عن حاجة العراق الماسة الى ١٥ الف ميغاواط الان وفورا لسد احتياجات المواطنين في درجات حرارة تصل الى الخمسين مئوية فان وقف الاعتماد على الغاز الإيراني هو هدف تسعى له الحكومة العراقية بقيادة محمد شياع السوداني من خلال توقيع اتفاقات مع كبريات الشركات العالمية مثل سيمنز الألمانية وتوتال انيرجيز الفرنسية وشركة نفط الهلال الاماراتية.
هذه الخطط أعلنتها الحكومة منذ ان جاءت في أكتوبر الماضي وتسعى من خلالها للتخلص من حرق الغاز وتوجيهه لتوليد الكهرباء خلال اقل من خمس سنوات.
لكن حتى يحين هذا الوقت ينبغي ان يدرك أصدقاء العراق خلافاتهما يدفع ثمنها العراقيون وينبغي الا يستخدم أي منهما او غيرهما الكهرباء او المياه او الغذاء او الامن في العراق كوسيلة للضغط على الطرف الاخر.
هناك ضرورة لان يعي الجانب الأمريكي ان ايران دولة جارة واستيراد الغاز والكهرباء منها في هذه المرحلة ضرورة لا مفر منها نظرا لسهولة وصوله لاراضي العراق .
كما ان واشنطن حتما تتابع سعي حكومة السوداني الحثيث الى توسيع نطاق مصادر استيراد الغاز وليس ادل من ذلك على مشروع الربط الكهربائي مع مصر والأردن وكذلك مع دول مجلس التعاون الخليجي واللذين تطمح بغداد من خلالهما الى تامين الكهرباء من مصادر أخرى.
مشروعات تطوير
وبالعودة للمشاريع الداخلية في العراق نجد ان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني افتتح أواخر الشهر الماضي المرحلة الأولى من مشروعات تطوير ورفع كفاءة الوحدات الغازية، بتشغيل 40 منظومة لتبريد الهواء الداخل لوحدات التوليد الغازية في 8 محطات كهربائية ببغداد والمحافظات، من شانها ان تضيف 800 ميغاواط تضاف الى إنتاج العراق.
الى ذلك أطلق العراق وشركة “توتال إنرجيز” الفرنسية في بغداد الاثنين مشروعاً ضخماً بقيمة 10 مليارات دولار يهدف خصوصاً لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية ومن الغاز المحترق في الحقول النفطية. وفي شهر اذار الماضي وقع شركة نفط الهلال عقد جولة التراخيص الخامسة ومن خلال ذلك سوف يكون بإمكانهم انتاز ما يقارب من 600 مليون متر مكعب قياسي في اقل من عامين.
خفض العجز
كما تعمل وزارة الكهرباء على خفض عجز الكهرباء عبر اتجاهات مختلفة، أبرزها تنفيذ المحطات المركبة التي ستضيف 4 آلاف ميغاواط من دون وقود، والتوجه نحو استعمال الطاقة المتجددة والشمسية بدعم استثماري سعودي يضيف 1000 ميغاواط من الطاقة و250 ميغاواط ستنتجها شركة بور جاينا الصينية.
كما وقع العراق خلال زيارة السوداني لبرلين مذكرة تفاهم مع شركة سيمنز الألمانية من شانها وفقا لوزارة الكهرباء ان تضيف للشبكة الوطنية 6 آلاف ميغاوات، بما سيؤدي إلى زيادة ساعات التيار الكهربائي.
كل هذه الجهود وغيرها بالطبع تتطلب وقتا حتى تصير واقعا ملموسا لكنها جهود ينبغي تشجيعها ودعمها من اصدقاء العراق اما هذا الشد والجذب فلا يجب ان يكون ابدا سببا في معاناة العراقيين في اوج حرارة الصيف. على أصدقاء العراق وشركائه الاستراتيجيون وعي معاناة الشعب العراقي وان يعملوا على ابعاد المواطن العراقي من خلافاتهم السياسية.