كييف (أوكرانيا): رحبت الخارجية الأوكرانية الجمعة بإعلان انسحاب روسيا من شمال منطقة خيرسون في جنوب أوكرانيا المحتلة منذ مطلع آذار/ مارس ووصفته بأنه "نصر مهم"، في انتكاسة قوية أخرى لموسكو بعد قرابة تسعة أشهر من بدء الغزو الروسي للبلاد.
وكتب وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا على تويتر "أوكرانيا تسطر نصراً مهماً آخر في الوقت الحالي وتثبت أن مهما تقول روسيا أو تفعل، أوكرانيا ستنتصر".
من جانبها، قالت وزارة الدفاع الروسية في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي "اليوم عند الساعة الخامسة صباحاً بتوقيت موسكو (02,00 ت غ)، استُكمل نقل الجنود الروس إلى الضفة اليسار من نهر دنيبرو. لم تُترك قطعة واحدة من المعدات العسكرية والأسلحة على الضفة اليمنى".
لكن يبدو أن هناك مخطّطاً وراء هذا الانسحاب، إذ أعلن فلاديمير بوتين في نهاية أيلول/سبتمبر، خلال احتفال في الكرملين ثم في احتفال آخر في الساحة الحمراء ضم أربع مناطق أوكرانية، من بينها خيرسون.
كما حذّر الرئيس الروسي من أن روسيا ستدافع "بكل الوسائل" عما تعتبره جزءاً من أراضيها، في تهديد باللجوء إلى السلاح النووي.
انسحاب الجيش الروسي
لكن في مواجهة هجوم مضاد أوكراني بدأ نهاية الصيف، أعلن الجيش الروسي الأربعاء أنه سينسحب من الجزء الشمالي لمنطقة خيرسون، بما فيه عاصمة المنطقة التي تحمل الاسم نفسه والواقعة على الضفة اليمنى لنهر دنيبرو، من أجل تعزيز مواقعه على الجانب الآخر من هذا النهر.
ورغم ذلك، ستبقى منطقة خيرسون "تابعة لروسيا الاتحادية" على ما قال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف الجمعة.
وأضاف بيسكوف في أول تعليق للرئاسة الروسية على انسحاب قواتها من خيرسون "لا يمكن أن يكون هناك تغيير".
وأشار إلى أن الرئاسة الروسية "غير نادمة" على الاحتفال الكبير الذي أعلن خلاله فلاديمير بوتين في أيلول/سبتمبر ضم أربع مناطق أوكرانية إلى روسيا وبينها خيرسون.
ويكتسي قرار الانسحاب إلى جنوب أوكرانيا أهمية أكبر، مع إعطاء فلاديمير بوتين في 21 أيلول/سبتمبر أمراً باستدعاء حوالى 300 ألف من جنود الاحتياط لتعزيز خطوط المواجهة الروسية.
وبثت وكالة الأنباء الحكومية "ريا نوفوستي" صوراً لمركبات عسكرية روسية تغادر خيرسون، مشيرة إلى أنها كانت تعبر جسر أنتونوفسكي الممتد فوق نهر دنيبرو.
وقال عدد من المراسلين الروس إنه تم تدمير الجسر بعد ذلك من دون توضيح ما إذا كان الجيش الروسي فجّره بالديناميت أم أنه دُمر نتيجة الضربات الأوكرانية. وتُظهر صور نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي هذا الجسر مدمّراً.
سيطرة أوكرانية
قصفت أوكرانيا هذا الجسر لأسابيع، وهو الوحيد في مدينة خيرسون، من دون تدميره، لتصعّب على القوات الروسية عبوره، وبالتالي قطع خطوط الإمداد الروسية وإجبار موسكو على الانسحاب.
واستعاد الجيش الأوكراني الأربعاء 12 قرية في منطقة خيرسون الأوكرانية، على ما أعلن الخميس قائد الجيش الأوكراني فاليري زالوجني.
واكتفت هيئة الأركان العامة الأوكرانية بالقول صباح الجمعة إن هجومها خلال اليوم "مستمر" وإن نتائجه ستعلن "لاحقاً".
وكانت أوكرانيا حذرة خلال اليومين الماضيين بشأن الانسحاب الروسي من خيرسون خشية أن يكون في الأمر خدعة أو أن يقوم الجيش الروسي بتلغيم المنطقة لتصعّب عودة القوات الأوكرانية.
من جانبها، واصلت القوات الروسية شن ضربات في أنحاء أوكرانيا حيث دُمِّر جزء من منشآت الطاقة في الأسابيع الأخيرة، ما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي في أجزاء كبيرة من البلاد، بما فيها العاصمة كييف.
كما استهدفت ضربة أخرى ليل الخميس الجمعة، مدينة ميكولايف في جنوب أوكرانيا، على مسافة مئة كيلومتر من خيرسون.
ودُمِّر مبنى سكني من خمسة طوابق تماماً، ما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص على الأقل، كما أفاد رئيس الإدارة الإقليمية فيتالي كيم على تلغرام.
وشاهد صحافي في وكالة فرانس برس في الموقع مبنى مدمرًا وعمال إنقاذ يتقدمون عبر الأنقاض. وكانت جرّافة تعمل على إزالة الحطام.
ويستمر القتال أيضاً على الجبهة الشرقية خصوصاً في باخموت، المدينة التي تحاول موسكو احتلالها منذ الصيف وساحة المعركة الرئيسية حيث ما زال الجيش الروسي، مدعوماً بعناصر مجموعة فاغنر شبه العسكرية، في موقع هجومي.
مساعدة فاغنر
وفي هذا السياق، أعلن مؤسس مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين الجمعة أن منظمته ستدرّب ميليشيات وتبني تحصينات في منطقتين من روسيا على الحدود مع أوكرانيا.
ونقل المكتب الإعلامي لشركة كونكورد التابعة لبريغوجين قوله "إن شركة فاغنر العسكرية الخاصة تساعد وستساعد سكان المناطق الحدودية (في أوكرانيا) لتلقي التدريب وبناء منشآت وإعدادهم وتنظيم ميليشيات".
والهدف، بحسب بريغوجين، هو بناء "تحصينات ومراكز تدريب لأفراد الميليشيات في المناطق الحدودية". وأضاف "من يريد السلام يستعد للحرب. يجب أن تكونوا دائماً على استعداد للدفاع عن أرضكم".
وبحسب الرئاسة الأوكرانية، قتل 14 مدنيا الخميس، ثمانية في منطقة دونيتسك (شرق) وستة في ميكولايف.
من جانب آخر، بدأ مسؤولون كبار في الأمم المتحدة ونائب وزير الخارجية الروسي مناقشات الجمعة حول العقبات أمام تصدير الأسمدة والحبوب الروسية.