: آخر تحديث
شارك في المسيرة الخضراء ودرس بالمدرسة الأميرية في الرباط

محمد بن زايد والمغرب.. جذورٌ تاريخية وذكريات مشتركة

41
35
29

إيلاف من الرباط: بعد ما أصبح محمد بن زايد رئيسا لدولة الإمارات العربية المتحدة، عادت الصحافة الدولية لتنبش من جديد في أقوى ذكريات محمد بن زايد وعلاقته بالمغرب، خصوصا وأن المحللين الدوليين وكبريات الصحف الدولية، تحدثوا عن تقارب كبير في الرؤى والمواقف بين الملك محمد السادس ومحمد بن زايد، منذ أن كان الأخير وليا للعهد.

 


رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وملك المغرب محمد السادس (وام)


الجذور التاريخية

الجذور التاريخية والذكريات المشتركة لعبت دورا كبيرا في صناعة المواقف السياسية والاتفاقيات الثنائية بين المغرب والإمارات خلال السنوات الأخيرة ، وهو ما أعاد أمجاد التقارب بين البلدين في أيام الملك الراحل الحسن الثاني.

وقالت صحيفة " الاخبار" المغربية ، في مقال نشرته اليوم عن العلاقات المغربية -الاماراتية، إنه  منذ جلوس الملك الراحل الحسن الثاني على العرش في مارس 1961 ، والأنظمة الكبرى حول العالم ، أولها الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وفرنسا ثم بريطانيا ، تضع المغرب نصب عينيها ، وتراقب السياسات الدولية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا .

وفي نفس الفترة كان الشيخ زايد يتقوى دوره في إمارة أبو ظبي، حيث كان الرجل الأكثر إثارة للاهتمام بالنسبة للأمريكيين بعد اكتشاف كميات هائلة من النفط في المنطقة.
ومع مضي السنوات، نجح الملك الراحل الحسن الثاني في جعل المغرب قطبا مهما في معادلة المباحثات والاتفاقيات التي تهم العالمين العربي والإسلامي، حيث دعا إلى أكثر من قمة عربية وإسلامية في الرباط، وجالس كبار الحكام العرب الذين كانوا قد وصلوا إلى السلطة قبله منذ أيام والده الراحل محمد الخامس.
 


الملك محمد يُقلِّد وسام المحمدي من الدرجة الأولى إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد تقديرا لمساهماته وجهوده في دعم العلاقات الإماراتية المغربية وحرصه على ترسيخها في خدمة المصالح المشتركة للبلدين والشعبين.

 

تأسست دولة الإمارات العربية المتحدة سنة 1971 وكان الشيخ زايد، أقوى رجال الاتحاد وأكثرهم تأثيراً، والمؤسس الفعلي لدولة الإمارات العربية، قد وصل لتوه إلى السلطة، وهو ما قوى التقارب بينه وبين الملك الحسن الثاني، خصوصا بعد المحاولة الانقلابية التي استهدفت الطائرة الملكية. إذ حدث تقارب كبير بين الرجلين أعلن فيه الشيخ زايد أنه يدعم مواقف الملك الحسن الثاني، الامر الذي شكل ضربة موجعة للعقيد معمر القذافي والهواري بومدين، وكلاهما كانا يحكمان بلدين بتروليين وكانا يطمحان لضم الشيخ زايد إلى النادي.

هذه الضربة التي تلقاها القذافي تلتها ضربات أخرى، عندما اقترح الملك الراحل الحسن الثاني على صديقه الشيخ زايد أن يتكلف بإعداد أجهزته الأمنية والعسكرية، حيث توجهت خيرة الأطر المغربية إلى الإمارات أثناء بنائها خلال عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.
طيلة هذه الفترة، وصولا إلى فترة نهاية حياة الملك الراحل الحسن الثاني، كان الرجلان يتبادلان الزيارات الودية والرسمية، حيث اعتاد الشيخ زايد في أغلب المناسبات أن يقضي عطله في المغرب.
 


رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد مع ملك المغرب بعيد تقليده الوسام المحمدي تقديرا لجهوده بترسيخ العلاقات بين البلدين

محمد بن زايد رئيساً للامارات

أشارت صحيفة "الاخبار " الى ان تنصيب محمد بن زايد، رئيسا لدولة الإمارات صنع الحدث هذه الأيام، على اعتبار أنه كان يعتبر الرجل الثاني في الدولة منذ سنوات، خصوصا مع تدهور الحالة الصحية لرئيس الإمارات الراحل الشيخ خليفة بن زايد وتواريه عن الانظار بسبب المرض، وهو ما جعل وسائل الإعلام الدولية تهتم خلال الفترة السابقة بمحمد بن زايد بشكل أكبر، لكن تعيينه رئيسا للبلاد في الآونة الاخيرة، أعاد اسمه إلى واجهة الصحف الدولية والمنابر المتخصصة في أخبار الشرق الأوسط وتناولت علاقته بالمغرب، وعمق صداقته الشخصية والإنسانية مع الملك محمد السادس.

 محمد بن زايد والتجربة المغربية

في موسم سنة 1975 و 1976، كان محمد بن زايد يقضي فترة دراسته بالمغرب، وكان يروج ان الأمر يتعلق بتشديد ابوي صارم من الشيخ زايد اثناء إعداده لابنه محمد، ثالث أبنائه وقتها.
عندما عين محمد بن زايد سنة 2004 وليا للعهد لامارة ابو ظبي، عادت الصحافة الدولية، أولها «نيويورك تايمز » لتقليب ذكريات محمد بن زايد في المغرب، وجاء وقتها حسب الصحيفة، أن محمد بن زايد كان عمره 14 سنة عندما ارسله والده الشيخ زايد رئيس دولة الإمارات، إلى المغرب لكي يكون بعيدا عن محيطه الأسري ومعارف والده من وزراء الدولة والمسؤولين الكبار، وكان بينهم مغاربة.

سبب هذا الإبعاد، رغبة الشيخ زايد في أن يحظى ابنه بمعاملة متساوية مع بقية التلاميذ الذين تقرر أن يدرس معهم بعد حصوله على الشهادة الابتدائية في أبو ظبي ومدينة العين. قالت الصحيفة ذاتها إن الشيخ زايد كان يريد أن يربي ابنه تربية عصرية لكنها لا تخرج عن «عادات» أهل البدو الذين كانوا يرسلون ابناءهم بعيدا لكي يدرسوا ويتمتعوا بشخصية مستقلة وقوية، ويتحملوا المسؤولية في سنوات مبكرة من حياتهم. وكانت تلك فعلا رغبة الشيخ زايد عندما فاتح الملك الراحل الحسن الثاني في الموضوع . إذ رغم حفاوة الاستقبال الذي أقيم لمحمد بن زايد ، إلا أن والده رئيس الإمارات طلب من الملك الراحل الحسن الثاني الا يحظى ابنه باية معاملة تفضيلية .

وظهر الأمر جليا عندما أنهى محمد بن زايد مرحلة الدراسة  في المغرب ، إذ بعد فترة قصيرة فقط من عودته إلى الإمارات ، أرسل إلى بريطانيا لكي يتلقى تكوينا عسكريا صارما للغاية . وتحدثت الصحيفة نفسها عن ممارسة محمد بن زايد لانشطة الطلبة في بريطانيا بينها البحث عن عمل لضمان دخل يعين على مصاريف الحياة اليومية في بريطانيا . وكان ذلك اختيارا لمحمد بن زايد بصم على تجربة دراسته في الخارج.

مرحلة الدراسة في المغرب ، لعبت دورا كبيرا في صقل شخصية محمد بن زايد وجعلته يصمد أثناء التكوين العسكري الصارم في لندن ، وفوق كل هذا ، كان قد راكم صداقة متينة جدا مع الملك محمد السادس عندما كان الاثنان يلتقيان بإشراف من والديهما الملك الحسن الثاني والشيخ زايد ، خصوصا وانهما أصبحا خلال فترة إقامة ابن زايد بالمغرب ، زميلي تجربة الدراسة في أجواء مشابهة كان عنوانها الصرامة وتعليمات الأبوين لكي لا يحظيا بأي تعامل تفضيلي.
 


رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد آل نهيان (ولي عهد أبوظبي آنذاك) يبحث مع ملك المغرب محمد السادس سبل تعزيز العلاقات الأخوية والتعاون الثنائي بين البلدين وسط التطورات الإقليمية والدولية.

شهود على علاقة الشيخ زايد وابنه بالمغرب

لا يمكن الحديق اليوم عن علاقة الملك الراحل الحسن الثاني بالشيخ زايد ، أو علاقة الملك محمد السادس بمحمد بن زايد ، تقول "الاخبار" ، دون إثارة سيرة رجال لعبوا دورا كبيرا في إرساء دعائم العلاقة الأخوية بين البلدين ، والتي وصلت إلى قمتها في عز الأزمات التي عصفت بانظمة عربية وإسلامية أو اثرت بشكل سلبي علی أخرى .
أحد هؤلاء،الوزير أحمد العراقي ، الذي كان وزيرا للخارجية ووزيرا أول في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.

كان العراقي، أحد أوائل مبعوثي الملك الراحل الحسن الثاني إلى دولة الإمارات ، في عز الخلافات العربية بين الملك الحسن الثاني والعراق وسوريا ، حيث كانت العلاقة بين الملك الحسن الثاني وصدام حسين وحافظ الأسد تخضع لمنطق المد والجـزر ، وحسب سـخـونـة الأحـداث ، لـكـن بـالمـقـابـل استطاع سفراء الملك الحسن الثاني تقوية علاقته بالشيخ زايد ، الذي كان يقيم اعتبارا كبيرا للملك الحسن الثاني ويسمع صوته في اللحظات الحرجة التي تأزمت فيها علاقات دول عربية كثيرة في ما بينها بسبب تداعيات الأحداث السياسية وصراع الانظمة العربية.

وقبل العراقي، كان هناك عبد الهادي بوطالب ، الذي كان يعرف الشيخ زايد جيدا من أيام المدرسة المولوية ، حيث اطلع الشيخ زايد في واحدة من زياراته للمغرب في نهاية عقد الستينيات على المدرسة المولوية ( الاميرية) واعجب كثيرا بتاريخ المدرسة التي أسسها الملك الراحل محمد الخامس لكي يدرس بها الملك الحسن الثاني عندما كان وليا للعهد.

وكان بوطالب أحد مؤسسي تلك التجربة الفريدة إن لم تكن الأولى في العالم العربي والإسلامي ، حيث تأسست المدرسة المولوية لتكون مدرسة حديثة لتكوين الملك المستقبلي للمغرب ، في انفتاح على أساليب التدريس العصري العالمي ، وحفاظا على التراث والموروث الإسلامي الذي يشكل أساس التربية.

وهكذا، أصبح بوطالب، الذي تخرج من جامعة  القرويين ، ذا مكانة خاصة لدى الشيخ زايد، خصوصا وأنه نقل رسائل غاية في الحساسية من الملك الحسن الثاني إلى أبو ظبي، في عز الأزمات العربية، خصوصا بعد أزمة إمدادات النفط والصراع العربي - الإسرائيلي وحرب الجولان، والانقلابات العسكرية. بالإضافة إلى عبد الهادي بوطالب، كـان هناك محمد  بـوسـتـة، زعـيـم حـزب الاستقلال بعد وفاة علال الفاسي سنة 1974، ووزيـر الخـارجـيـة لاحقا، الذي تكلف بتمثيل الملك الحسن الثاني في مناسبات كثيرة، حضرها الشيخ زايد، كما أنه تكلف مرات كثيرة بمرافقة الشيخ زايد خلال الفترات التي حلّ فيها ضيفا على الملك الحسن الثاني خارج المحافل الرسمية، حيث كان من المعتاد وقتها أن يحل الشيخ زايد ضيفا على الملك الحسن الثاني، حيث كانت تقام على شرفه استقبالات ملكية في القصر الملكي، حضرتها شخصيات دولية ومغربية أيضا .

وفي المرحلة التي كان فيها محمد بن زايد، الرئيس الحالي للإمارات، تلميذا في المغرب يتابع دراسته الإعدادية، كان والده يتردد على الملك الحسن الثاني في زيارات غير رسمية للاطمئنان على المسار الدراسي لابنه، والحرص على الا يكون هناك أي تدخل من الملك الحسن الثاني أو الوزراء المغاربة لكي يعاملوا ابنه معاملة تفضيلية دون بقية التلاميذ، وخلال تلك المرحلة، كان بوستة، يرافق الشيخ زايد في بعض تنقلاته داخل المغرب خلال الاستجمام أو عطل نهاية الأسبوع حتى يكون حريصا على أن تكون إقامته في المغرب لائقة بحجم ضيف استثنائي يحظى بمكانة كبيرة لدى الملك الحسن الثاني.
 

A 2015 file picture shows Moroccan King Mohammed VI (R) and Sheikh Mohamed bin Zayed Al-Nahyan the Crown Prince of Abu Dhabi (2L) at the Royal Palace in Casablanca. (AFP)
صورة التُقِطَت عام 2015 تُظهر الملك المغربي محمد السادس (إلى اليمين) والرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان (ولي عهد أبوظبي آنذاك) في القصر الملكي بالدار البيضاء.

القذافي و الحسن الثاني و الشيخ زايد

فـي بـدايـة عقد السبعينيات من القرن الماضي، كان القذافي منزعجا جدا من التقارب بين الملك الحسن الثاني والشيخ زايد، مؤسس دولة الإمارات، حتى إنه حاول التأثير على تلك الصداقة. وقد انتبه ضباط الاستخبارات المركزية الأميركية إلـى هـذا الأمـر، عـنـدمـا رصـدوا اهتمام القذافي بربط صداقة مع رئيس دولة الإمارات وقتها، في عز خلافه مع الملك الراحل الحسن الثاني، حيث كانت العلاقات بين المغرب وليبيا في أسوأ مراحلها، ووصلت حد القطيعة.

اقترح العقيد القذافي على الشيخ زايـد أن يرسل إليه نخبة من مهندسي البترول الأجانب، الذين اشتغلوا في ليبيا، حسب ما تشير إليه وثائق «ويكيليكس» التي رفعت عنها السرية سنة 2012، فاعتذر الشيخ زايد بلباقة للقذافي ورفض العرض الليبي.

في الحقيقة لم يكن الشيخ زايد في حاجة إلى مهندسين أجانب عملوا في ليبيا، لأن بلاده كانت تعرف توافدا مهما لأكبر الشركات العملاقة في العالم للتنقيب عن البترول، والـتـي تـوظـف أفضل المهندسين في العالم، لذلك كان العرض الليبي في غير محله بالإضافة إلى أن الشيخ زايد حسب ما رصـدتـه الـخـارجـيـة الأميركية، كان يقيم وزنا كبيرا لصداقته مع الملك الحسن الثاني ولم يرد أن يمنح أفضلية للقذافي، خصوصا وأن الملك الحسن الثاني دعا وقتها في أكثر من مناسبة، ما بين 1968 و 1975، إلى عقد قمم عربية وإسلامية في العاصمة الـربـاط ودعا إليها كل الزعماء العرب، واعتبر الشيخ زايد دائما ضيف شرف عنده.

كانت هذه الإشارة كافية لكي تفهم الولايات المتحدة أن الصداقة بين المغرب والإمارات كانت متينة جدا. وفعلاً، فقد ظهر الأمر جليا السنوات اللاحقة، خصوصا سنة 1971 و 1972، حيث كان الشيخ زايد أول داعم للملك الحسن الثاني، مع العاهل الأردني الملك حسين بن طلال، حيث اتصلوا للاطمئنان على سلامة الملك الحسن الثاني في المحاولتين الانقلابيتين.

ومـن بـيـن مـا جـاء في أرشيف وثائق الاستخبارات المركزية الأمريكية، تضيف " الاخبار"، خصوصا في مذكرات العميل «ويليام بـلـوم» الذي وضع مؤلفا بعنوان «قصص الاستخبارات المنسية»، جاء فيه ما يفيد بأن العقيد القذافي كان منزعجا جداً من التقارب بين الملك الحسن الثاني والشيخ زايد، إذ استاء كثيرا عندما أخبره وزير خارجيته أن الشيخ زايد أخبر موفد ليبيا إليه، أنه ينوي زيارة الملك الحسن الثاني وقضاء عطلة قصيرة معه مباشرة بعد المحاولة الانقلابية الثانية التي استهدفت الطائرة الملكية في صيف سنة 1972. وأكد لمبعوث القذافي، انه يرفض بالمطلق أن يتابع تطورات الأحداث من بعيد عندما يتعلق الأمـر بـصـديـق مـقـرب وحـمـيـم بحجم الملك الحسن الثاني .

عندما وصلت هذه المعلومات إلى القذافي ثار غضبه، خصوصا وان الاتهامات وقتها كانت موجهة إلى ليبيا لأن القذافي أعلن صراحة عن تأييده للمحاولة الانقلابية ، وكان معروفا أن العقيد كان سخيا جدا مع معارضي الملك الحسن الثاني في الخارج .

في سياق ذلك، تحدث عملاء الاسـتـخـبـارات المركزية الأمريكية (CIA )عن محاولات قام بها العقيد القذافي لعرقلـة عـقـد قمة عربية في الرباط ، لكن الشيخ زايد تدخل بقوة وأجرى اتصالات مع عاهلي السعودية والأردن وحثهما على حضور القمة في الرباط، بل وأن يكونا أول الحاضرين حتى يقطعا الخط على القذافي الذي كان يخطط لنسف مشروع القمة، واقترح أن تعقد في العاصمة الجزائر ، على عهد الرئيس بومدين.

هذا الأخـيـر كـان بـدوره سببا في أزمات دبلوماسية كبيرة بين المغرب والـجـزائـر وصـلـت حد القطيعة سنة 1975، وكان مستاء بدوره من الشيخ زايد، لأنه كان أول زعيم عربي دعم فكرة «المسيرة الخضراء» ، حتى أنه أرسل ابنه للمشاركة فيها باسمه، وممثلا لدولة الإمارات.
 


رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وملك المغرب يشهدان توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين البلدين

محمد بن زايد مشاركا في المسيرة الخضراء

عندما شارك محمد بن زايد في المسيرة الخضراء، سنة 1975، لم يكن عمره يتجاوز 14 سنة.
كان بن زايد كما سبقت الاشارة الى ذلك قد تعرف على ولي العهد وقتها الأمير سيدي محمد، حيث كان الشيخ زايد قد سجل إعجابه في إحدى زياراته إلى المغرب، بنموذج المدرسة المولوية التي كان ولي العهد الأمير المغربي  يتابع فيها دراسته، فأرسل ابنه محمد بن زايد لكي يصبح بدوره تلميذا في المغرب، بعد ان انهى وقتها مرحلة الدراسة في مدينتي العين وأبو ظبي تزامن إذن وجود محمد بن زايد في المغرب مع انطلاق المسيرة الخضراء.
واعتبر وقتها ممثلا لوالده الشيخ زايد، بحكم أن عددا من الدول العربية أرسلت من يمثلها في المسيرة الخضراء، من سفراء ودبلوماسيين وقناصلة وسياسيين أيضا، لكن الشيخ زايد كان الوحيد الذي أرسل ابنه ممثلا له ولبلده في المسيرة الخضراء، وهو ما اعتبر وقتها دليلا على عمق الصداقة التي كانت تجمع الملك الحسن الثاني والشيخ زايد. وطبعا، شكلت مشاركة محمد بن زايـد فـي المسيرة الخـضـراء، حـدثـا اسـتـحـق اهتمام الصحافة الدولية، حيث كتبت عنه وكالة الأنباء السويسرية، واهـتـمـت بـوجـود الابن الثالث لمؤسس دولة الإمارات بين المشاركين، وهو ما لعب دورا كبيرا في الترويج للمسيرة الخضراء ومدى دقة تنظيمها .

في سنة 2004، أثير من جديد موضوع مشاركة محمد بن زايد في المسيرة الخضراء، عندما أصبح الرجل الثاني في الإمارات بعد إصابة أخيه الراحل بتداعيات صحية حالت بينه وبين مواصلة مهامه رئيسا للدولة . وقتها اهتمت الصحف الدولية، وعلى رأسها « نيويورك تايمز »، بالنبش في طفولة محمد بن زايد، الذي أصبح رسميا وليا للعهد في أبو ظبي، وتوقف المهتمون مليا عند قصة مشاركته في المسيرة الخضراء، ولو أنه لا تتوفر معطيات وافية في هذا الجانب، إلا أنهم تحدثوا عن مرحلة دراسة محمد بن زايد في المغرب، حيث أكدوا أن والده الراحل كان متمسكا باستصدار جواز سفر عادي لابنه حتى تتم معاملته بشكل عادي في المغرب عندما كان تلميذا هناك وعمره لا يتجاوز 14 عاماً.

وما يؤكد هذا المعطى أنه مباشرة بعد إنهاء مرحلة الدراسة في المغرب وجه الشيخ زايد ابنه محمد إلى التكوين العسكري في بريطانيا، وهو دليل على التكوين الصارم الذي اختاره الشيخ زايد لابنه، حيث تحدثت صحيفة «نيويورك تايمز» عن رغبة الشيخ زايد في أن يعتمد ابنه على نفسه خلال مرحلة دراسته، بل إنه لم يكن يرى أي مانع في أن يعمل ابنه مثل بقية الطلبة الأجانب حول العالم، لكي يؤمن مصاريف إقامته ويحتك بالطلبة من مختلف الخلفيات والثقافات، وهو ما أثر بشكل كبير على شخصية محمد بن زايد، الذي أصبح اليوم رئيسا للإمارات.
 


محمد بن زايد يجري مباحثات مع ملك المغرب


الاتفاقيات العسكرية و الأمنية المغربية-الاماراتية

عندما كان الشيخ زايـد يحكم إمارة أبو ظبي، خلال ستينيات القرن الماضي، وقبل أن تتأسس دولة الإمارات وتتحد في ما بينها وتختاره رئيسا للدولة في ديسمبر  1971، كان الشيخ يحظى بعلاقة وطيدة مع أكثر من دولة عربية. لكن المغرب كان أول دولة عربية وإسلامية تدعم تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة الشيخ زايد، حيث كان الملك الحسن الثاني قد اقترح على الشيخ زايـد فـي أكثر من مناسبة أن يساهم في تأسيس جيش الإمارات وقطاعاتها الأمنية اللازمة لتأسيس الدولة، وهو ما تم بالفعل.

وحظي هذا التقارب باهتمام كبير من وسائل الإعلام الغربية، ومخابراتها أيضا. إذ كان مزعجا لبعض الأنظمة أن يكون هناك تقارب كبير بذلك المستوى بين حاكمين عربيين، وصل حد مساهمة الملك الحسن الثاني في تأسيس الحرس الرئاسي الإماراتي ، وتخصيص نخب أمنية رفيعة المستوى، اعتبرت من خيرة خريجي المعاهد العسكرية والأمنية المغربية لتأسيس الإدارات الأمنية للإمارات المتحدة.
حـتـى أنـه لـم يـعـد مـن الـغـريـب اليـوم ، رؤية شخصيات مغربية بلباس مغربي تقليدي، في محافل التنصيبات العسكرية والاحتفالات بالأعياد الوطنية الإماراتية في قلب القصر الرئاسي ، كما أن الأمنيين المغاربة الذين عملوا في الإمـارات خلال سبعينيات وثمانينيات الـقـرن الماضي، سـاهـمـوا فـي تـأسـيـس أجـهـزة الحراسة لحكام الإمارات المشكلة للاتحاد، كما أسسوا أيضا نواة الحرس الرئاسي الذي كان يرافق الشيخ زايد.

وفي التسعينيات أيضاً، أرسل الملك  الـراحـل الـحـسـن الـثـانـي خريجي تدريب أمني مكثف لخيرة الأطر المغربية في مجال حراسة ومرافقة الشخصيات، لكي يختار منهم الشيخ زايـد حراسه الخاصين.
وحسب مصادر إعلامية، فإن «هدية» الملك الحسن الثاني للشيخ زايد ظلت ترافقه إلى آخر أيام حياته، حيث كان حرسه الخـاص يـشـرف عـلـيـه أمـنـيـون مغاربة مدربون في أرقى المعاهد الأمنية.

لقد فتح محمد بن زايد، عينيه في هذا الجو «الأخوي» بين الملك الحسن الثاني ووالده الشيخ زايد، وقد أشاد في مناسبات كثيرة، وهو ولي للعهد، بالعلاقات المغربية- الإماراتية، خصوصا في مجال التعاون العسكري والأمني.

تجدر الإشارة أيضا إلى أن مسؤولي الجزائر وليبيا، أيام الـقـذافـي والـهـواري بـومـديـن خصوصاً سنة 1972، كانوا قد عرضوا على الشيخ زايد، حسب ما تشير إليه وثائق «ويكيلكس» أن يعقدوا اتفاقيات للتعاون في المجال العسكري، لكن الشيخ زايد بقي وفيا للصداقة بينه وبين الملك الحسن الثاني. خصوصا وان مخابرات الولايات المتحدة ومـخـابـرات الاتحـاد السوفياتي رصدت تحركات لكل من ليبيا والجـزائـر في تمويل صـراعـات فـي أفريقيا وتزويد المقاتلين بالسلاح لدعم انقلابات عسكرية. لذلك بقي التقارب بين المغرب والإمارات، والذي يعود إلى ما قبل العرض الجزائري -الليبي، مزعجاً، وعلى مدى سنوات طويلة جداً.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار