: آخر تحديث

صدفة نمو الشَعر من جديد!

5
4
4

يكاد يكون ارتفاع ضغط الدم أحد الأمراض التي لها حالياً خيارات مجموعات علاجية متعددة، لكن الأمر لم يكن كذلك قبل خمسين عاماً، وكان هناك سباقُ محموم بين شركات الأدوية لإيجاد أدوية تساعد على التعامل المرض المزمن الأكثر انتشاراً.

كانت شركة "أبجون" الأمريكية "التي أضحت لاحقاً جزءا من إمبراطورية "فايزر" إحدى تلكم الشركات، التي سخرت معاملها للبحث والتطوير، وخرجت بالمئات من المركبات تستهدف التأثير على عوامل ارتفاع ضغط الدم، منها المركب رقم 20، الذي تميّز بقدرته على توسيع الأوعية الدموية، الذي أُطلق عليه لاحقاً اسم "مينوكسيديل" (Minoxidil). وقد أثبت فعاليته في خفض ضغط الدم، لكن لوحظ أيضاً أنه قوي، وقد يُسبب احتباسا للسوائل، ما استدعى يكون وصفه للمرضى إلى جانب أدوية إدرار البول.

خلال التجارب السريرية، ظهرت ملاحظة غريبة ومثيرة للفضول: عددٌ متزايد من المرضى يشيرون إلى نمو شعر زائد، ليس فقط على الرأس، بل أحياناً في الوجه والذراعين والصدر، وسجلت على أنها "أثر جانبي طريف"!

أحد من شهد هذه الملاحظة هو الدكتور شارون ليفي، من مركز جامعة ستانفورد الطبي، الذي لاحظ أن مرضاه -إلى جانب انخفاض ضغطهم- كانوا يشهدون تحسّناً في نمو الشعر، حتى أولئك الذين يعانون من بدايات الصلع الوراثي! هنا بدأ التساؤل يتوسع: هل لدى "المينوكسيديل" القدرة على تحفيز نمو الشعر؟ لكنها لم تكن ترقى لتكون استطباباً رسمياً للدواء، الذي سجلته هيئة الغذاء والدواء الأمريكية عام 1979م لعلاج ارتفاع ضغط الدم، تحت الاسم التجاري "لونتين".

خلال السبعينيات اتخذ باحثو الشركة اتجاه غيّر البوصلة، فبدلا من التركيز على الفعالية العلاجية للجرعات الفومية من الدواء، قرروا اختبار استخدامه موضعياً بتراكيز منخفضة على فروة الرأس، ذلك لأن الآثار الجانبية عند تناوله عن طريق الفم قد تكون مؤثرة على ضغط الدم بشكل كبير، ولن توضح الآثار الأخرى، وجاءت النتائج رائعة: نسبة كبيرة من الرجال الذين يعانون من الصلع الوراثي لاحظوا تحسن نمو الشعر بعد استخدامه لعدة أشهر.

وهكذا حصلت الشركة على تسجيل جديد للدواء عام 1988م من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، إذ وافقت على المينوكسيديل الموضعي بتركيز 2% ليكون دواءً لعلاج تساقط الشعر والصلع الوراثي عند الرجال، ثم تركيز 5%، وأيضاً الموافقة على استخدامه للنساء، لاحقاً ظهرت دراسات تُشير إلى أن الدواء يعمل على تحفيز الدورة الدموية الدقيقة حول بصيلات الشعر، ما يزيد من تدفّق الأوكسجين والمغذيات، ويطيل دورة نمو الشعر ويُبطئ تساقطه.

يُعرف اليوم "المينوكسيديل" بوصفه علاجاً لتساقط الشعر والصلع أكثر مما يُعرف كدواء لضغط الدم، على الرغم من أن شكله الفموي لا يزال يُستخدم في بعض حالات ارتفاع ضغط الدم، وهكذا، تحوّل أثر جانبي "طريف" إلى علاج أعاد الألق لرؤوس الرجال، والنساء كذلك!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.