خالد بن حمد المالك
عرضتْ حماس إطلاق جميع الرهائن لديها دفعة واحدة مقابل وقف إطلاق النار نهائياً، قابل نتنياهو هذا العرض بالرفض، مصراً على أن يكون وقف إطلاق النار لهدنه مدتها 60 يوماً، يتم خلالها إطلاق الرهائن على دفعات، هذا يقودنا إلى التساؤل: لماذا يرفض نتنياهو هذا العرض لإعادة الرهائن إلى ذويهم، إن لم يكن له نوايا من بينها عدم الانسحاب من القطاع، حتى ولو جردت حماس من سلاحها، وأنهي أي دور لها في إدارة قطاع غزة.
* *
نتنياهو لا يتردد في ترديد أن أهداف إسرائيل لا تُستكمل بإيقاف القتال، أي أنه سوف يواصل حربه الوجودية ضد السكان في غزة إلى أن يضطرهم إلى القبول بالتهجير إن نجح في ذلك، حيث بدأ يعرض مجموعة أفكار بينها مساعدة من يرغب باختيار المكان الذي يرغب في الذهاب إليه، وتشجيعه دون ما زعم بأنه دون إكراه.
* *
في مرحلة التفاوض الحالية تبدو حماس أكثر مرونة في تقبل العرض الأمريكي، ومثلها إسرائيل، لكن هذه المرونة انحصرت في الشكليات كما عُلم من التسريبات والتصريحات، لكن أن يكون إيقافاً نهائياً للقتال، وهذا هو المهم، وبشكل دائم، فهذا اختراق لم يتم، ولن يتم، أيضاً لم تبد حماس الاستعداد لتسليم سلاحها، وخروج عناصرها من القطاع لتسهيل وقف إطلاق النار نهائياً، بينما تتمسك إسرائيل بأن يكون وضع القطاع في حالة تغيير، وأن لا يعود إلى ما كان عليه، وإشارات في حكم النوايا المبطنة الواضحة عن استمرار احتلال إسرائيل.
* *
أفق الحل في حالة انسداد، حتى ولو تم الاتفاق بين إسرائيل وحماس على صيغة معدلة للورقة الأمريكية، لأن معالجة القضية الفلسطينية، وإبقاء المنطقة بعيداً عن الحروب والأزمات يتطلب قيام دولة فلسطينية، وهي ما تواجه بالرفض من إسرائيل، وتردد يشبه الرفض من دول العالم، مجاملة للموقف الأمريكي الذي لا يتحدث عن دولة فلسطينية خلال فترة رئاسة ترامب.
* *
أمريكا لا تطرح حالياً أي أفكار عن دولة فلسطينية، تجاوباً مع فكرة خيار الدولتين، بل إنها تتحدث عن دولة إسرائيلية ذات مساحة صغيرة شبهها الرئيس ترامب بحجم قلمه، وكأنه يذكر بحاجتها إلى التوسع على حساب الأراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967م، وربما أكثر بما تم احتلاله من الأراضي السورية واللبنانية.
* *
وللتذكير، فقد كان الرئيس الأمريكي الحالي هو من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في فترة رئاسته الأولى، وهو من اعترف بالجولان السوري المحتل عام 1967م جزءاً من دولة إسرائيل، وهو من ألغى التمثيل الفلسطيني الدبلوماسي في الولايات المتحدة الأمريكية وغير ذلك هناك الكثير من المواقف التي تظهر عدم استعداد أمريكا في العهد الحالي بالتضامن مع الدول التي تطالب بدولة فلسطينية لإنهاء عدم الاستقرار في المنطقة.
* *
من الواضح أن هناك تسويفاً، وتردداً في دول العالم، نحو إقامة دولة فلسطينية، وكان هذا في الماضي، ما الآن بعد مغامرة السابع من أكتوبر، فالتطورات والمستجدات تخدم أعداء إقامة الدولة الفلسطينية، وتجعل إسرائيل في موقف متصلِّب، تعاند وترفض ولا تقبل بأي حوار أو مفاوضات أو نقاش يقود إلى قيام دولة فلسطينية مجاورة لها.
* *
ما الحل، وقد فشلت الحلول الدبلوماسية، ولم تنجح المقاومة، والوضع يزداد سوءاً يوماً بعد آخر، ولا نرى في الأفق ما يزيل هذا التصور، فيما أن أمريكا أكثر من تتمسك بموقفها الرافض لقيام دولة للفلسطينيين، وإن كان هذا الموقف يتغيَّر هبوطاً وصعوداً من رئيس إلى آخر، لكنه لا يصل مع أي رئيس على امتداد التاريخ إلى معالجة القضية الفلسطينية، وصولاً إلى تحقيق حلم الفلسطينيين بقيام دولتهم على ما تبقى من أراضيهم التي تحت الاحتلال.