: آخر تحديث

الهوية الوطنية والثقافية السعودية

4
4
4

ناهد الأغا

عندما نتحدث عن مجموعة من القيم والتقاليد والمعتقدات والعادات، كذلك المعايير الثقافية والاجتماعية والسياسية التي يتميز بها المواطن السعودي فإننا نعني بذلك «الهوية الوطنية السعودية».. فالهوية الوطنية السعودية هي باقة القيم بكل ما تعنيه هذه المفردة التي تميز مجتمع المملكة العربية السعودية عن مجتمع آخر من هذا العالم.. ولعل ما يميز مجتمع المملكة ويظهر تفرده وحفاظه وبكل أسباب القوة هو تاريخ المملكة وثقافتها.

وعلى الرغم من التطورات والمستجدات التكنولوجية والاقتصادية المتسارعة إلا أن السعوديين من الشعوب التي يحسب لها هذه الميزة؛ وهي الحفاظ على هويتهم الاجتماعية والثقافية الوطنية.. تلك الهوية التي يكون إطارها؛ العامل الأساس والمهم جداً في وحدة البلاد وقوتها؛ بل هي أكثر من ذلك.. فهي «البصمة» التي تجعل من شعب المملكة المثل الأعلى في التفرد والتميز عن باقي الشعوب.. وبهذه الخطة الاستثنائية فإننا نملك هوية وطنية مترفة بالأصالة لها من الثراء الذي يطفح سمات سامية؛ ويملك روحاً من الاعتزاز والوحدة قل نظيرها.

وجاءت «رؤية 2030» التي تعمل على نهضة المملكة وتطورها الثقافي والاقتصادي لتكون داعماً حقيقياً في تعزيز الهوية الوطنية بمفهومها المعاصر.. حيث شملت مزيداً من القيم والمثل التي تندرج تحت عنوانها:

كالمبادرة والعمل الجماعي والاحترام الذي يسود أجواءه والتفاهم المتبادل ويكون على رأسهم جميعاً الابتكار.

ورغم النهضة المعاصرة إلا أن الارتباط بالتقاليد وأصالتها يظل جزءاً لا يتجزأ من صلب الهوية الوطنية السعودية.. فرؤية 2030 احتضنت الهوية الوطنية السعودية من خلال احترام القيم الاجتماعية والحفاظ عليها؛ الشعور بالانتماء والفخر؛ وتعزيز الاقتصاد والتعليم دون المساس بالجوهر.. وهذا ما يجعل الهوية الوطنية السعودية على مر السنين متينة وقوية؛ لأنها تتطلع دائماً للارتقاء إلى مستوى الريادة العالمية.. فهي ليست مجرد مسألة تخص المواطن داخل المملكة فحسب؛ بل تشمل حتى الأفراد الذين يعيشون خارج المملكة. ورغم التحديات التي تواجهها الكثير من الهويات الوطنية إلا أن الهوية الوطنية السعودية دائماً تتربع على عرش الصدارة بين الهويات الوطنية العالمية. ولأن الثقافة والهوية متلازمتان.. حيث الأولى يشكلها اثنان من البنود؛ رئيسان هما :

أولهما الموروث التاريخي والعادات والتقاليد والعقيدة الإسلامية.

وثانيهما كل ما يتعلق بالفن والابتكار الإبداعي المعاصر وما استحدث من الفنون الأدائية.. وعلى هذا فإن الهوية الثقافية السعودية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالزمان والمكان والتاريخ.. فالمملكة منذ القدم هي موطن الثقافة العربية على اختلاف مشاربها؛ وهي مهد ديننا الحنيف.. وهذا التراث المثقل بالعراقة إنما هو المرآة التي تعكس أصالة الصورة التي تحتفظ بها المملكة.. فهو بمكوناته يشكل الجزء الذي يرتبط بالكل من النظام الأساسي للمملكة.

وهناك سعي حثيث الخطى عبر هيئات وزارة الثقافة المتنوعة لتعزيز الفرص والقدرات في القطاعات الثقافية وتطوير الإمكانيات بما يتماهى والتطور المتسارع في عصرنا عبر تقديم المبادرات الخلاقة والجهود الاستثنائية التي تضع المملكة في مقدمة الدول الرائدة في كل المجالات ولاسيما الثقافية.

وحسب رؤية 2030 وتوجهاتها المنسجمة بالاهتمام بمختلف المجالات الثقافية تجلى تعزيز المشهد الثقافي ودعم الهوية الوطنية الثقافية عبر التعليم العام والتعليم الجامعي؛ ومن ثم إنشاء جامعات جديدة.. ناهيك عن الأندية الأدبية؛ وجمعيات الثقافة والفنون؛ ومعارض الفن التشكيلي المحلية والعالمية، وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر المشروعات الرائدة :

مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية؛ مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني؛ مكتبة الملك عبد العزيز العامة؛ مكتبة الملك فهد الوطنية؛ مؤسسة الملك فيصل الخيرية؛ جائزة الملك فيصل العالمية؛ جائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة؛ مهرجان البحر الأحمر؛ بينالي الدرعية؛ الفرقة الوطنية للمسرح؛ الفرقة الوطنية للموسيقى؛ أكاديميات الفنون؛ المتاحف المتخصصة؛ مجلات الفنون والآداب؛ أسابيع الأزياء؛ مدينة ثقافة الطفل؛ ومدينة الثقافة السعودية.

ولعل من أهم الجوانب التي عززت وتعزز الصورة المضيئة والإيجابية للمملكة ما قامت به من جهود جبارة بترجمة «القرآن الكريم» إلى مختلف اللغات العالمية.. وأنشأت مركزاً مخصصاً لطباعة «القرآن الكريم» وترجمته ليصل إلى 2 مليار مسلم في أنحاء المعمورة.. فضلاً عن جهود الحج الاستثنائية التي يضيق المقام لذكرها.

وفي خضم الحديث عن تعزيز الهوية الوطنية الثقافية وحمايتها والحفاظ عليها.. علينا ألا نغفل دور «الأسرة» تلك اللبنة الأساس التي تسهم أولاً بغرس القيم الوطنية في نفوس الأبناء وتعليمهم أهمية الاعتزاز بهويتهم وثقافتهم.. وتجعلهم ينهلون القيم والمبادئ الأصيلة فيحملونها كالطير في قلوبهم وليست عبئاً على ظهورهم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.