باريس: انطلقت زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان في حملتها الانتخابية، متكلمة "باسم الشعب" في قضاياه الحياتية، قبل أن تعود إلى موضوعيها الأساسيين الهجرة ومكافحة الارهاب، وباتت تحلم بانتصار تاريخي في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، بعد تأهلها الى الدورة الثانية.
ومع أن الكثير من استطلاعات الرأي كان يعطيها المركز الاول في الدورة الاولى، فقد اكتفت مرشحة الجبهة الوطنية بالمركز الثاني الاحد وراء المرشح الوسطي الشاب ايمانويل ماكرون، الذي جمع ما بين 23 و24%، في حين حصلت هي على ما بين 21,6% و23%، بحسب التقديرات الصادرة بعد انتهاء الانتخابات.
وخلال الحملة الانتخابية، رجحت الاستطلاعات باستمرار وصولها الى الدورة الثانية، بعد أن ركزت بخطابها على استياء الفرنسيين "المنسيين"، الذين يعانون من البطالة ومن تردي أوضاعهم، مدعومة في ذلك بموجة قومية تجتاح أوروبا.
الا أن المحللين يتوقعون خسارتها في الدورة الثانية من الانتخابات في السابع من مايو. وقد دعا المرشح الاشتراكي الخاسر برنار أمون والمرشح الذي حل ثالثًا فرنسوا فيون مساء الاحد الى التصويت في الدورة الثانية لايمانويل ماكرون من اجل قطع الطريق عليها.
باشرت ابنة جان ماري لوبان، أحد مؤسسي حزب "الجبهة الوطنية" عام 1972، حملتها في فبراير مركزة على "الوطنية" و"الأفضلية الوطنية"، فقدمت نفسها على أنها "مرشحة الشعب" في مواجهة "يمين المال ويسار المال".
ومع تسجيلها تراجعًا طفيفًا في استطلاعات الرأي في الأيام الأخيرة، شددت مارين لوبان (48 عامًا) خطابها، وأضافت الى وعودها الانتخابية وعدًا بـ"تعليق الهجرة الشرعية".
بعد الاعتداء في جادة الشانزيليزيه في وسط باريس مساء الخميس، حضت الرئيس فرنسوا هولاند بنبرة شديدة على إبداء "انتفاضة أخيرة"، مطالبة بـ"رد أمني أكثر شمولية" في فرنسا.
وتدعو مارين لوبان إلى الخروج من اليورو وفرض ضرائب على المنتجات المستوردة، كما تعد بتعليق اتفاقات شنغن لحرية تنقل الأفراد داخل الاتحاد الأوروبي، وطرد الأجانب المدرجة أسماؤهم على لوائح التطرف لدى أجهزة الأمن، وإلغاء حق الجنسية للمولودين على الأراضي الفرنسية.
وقالت مارين لوبان في إعلان حملتها الانتخابية: "لو طلب مني أن أصف نفسي، أعتقد في الحقيقة أنني سأرد ببساطة أنني بما لا جدال فيه فرنسية في الصميم، باعتزاز وإخلاص. أتلقى الإهانات الموجهة إلى فرنسا وكأنها موجهة إليّ مباشرة".
تابع أنصارها من شتى الأعمار والأوساط الاجتماعية خطاباتها بانتباه شديد في تجمعاتها العامة، وكانوا يقاطعونها مرارًا هاتفين "نحن في ديارنا"، في شعار وصفه خصومها بأنه "صيحة معادية للأجانب"، فيما اعتبرته هي "صرخة حب" لفرنسا.
وغالبًا ما شهدت تجمعاتها الانتخابية، حيث تتخذ وضعيات عسكرية وترتدي ملابس بألوان العلم الوطني، تظاهرات لمعارضين لها وصدامات مع الشرطة.
عندما سرت شبهات حولها في قضية وظائف وهمية في البرلمان الأوروبي، رفضت الاستجابة لاستدعاء من القضاة، مؤكدة أنها ضحية "حملة سياسية". وطلب القضاء الفرنسي من البرلمان الأوروبي رفع الحصانة النيابية عنها.
رؤية جديدة
عمدت منذ توليها رئاسة الجبهة الوطنية في 2011 خلفًا لوالدها الذي قطعت علاقاتها معه رسميًا، إلى استبعاد المسؤولين الأكثر تطرفًا والناشطين المعادين للسامية التواقين الى الجزائر الفرنسية، وربما بالنسبة للبعض الى نظام فيشي المتعاون مع المانيا النازية، والكاثوليك المتزمتين.
وعمدت خلال عملية اعادة تنظيم الحزب هذه الى إبعاد والدها الذي كان يثير فضيحة تلو الاخرى بتصريحاته المعادية للسامية وهجماته على المهاجرين. في مطلع مايو 2015 وعلى اثر تصريحات جديدة معادية للسامية صدرت عن جان ماري لوبن، وقعت القطيعة نهائيًا بين الاب وابنته التي أقصته من الحزب.
وكانت استراتيجية إعادة ترتيب الحزب هذه مجدية إذ بات يحقق تقدمًا متواصلاً في كل انتخابات.
غير أن لوبن أثارت صدمة شديدة حين نفت مؤخرًا مسؤولية فرنسا في حملة توقيفات شملت أكثر من 13 ألف يهودي في باريس إبان الاحتلال النازي للعاصمة الفرنسية، رغم اعتراف باريس رسميًا بذلك منذ 1995، وواجهت على الإثر غضب خصومها وجمعيات يهودية وإسرائيل.
وفي سعيها لنيل مصداقية دولية، قامت برحلات عدة إلى الخارج سمحت لها بتسجيل نقاط.
في يناير، نُشرت صور لها في بهو "برج ترامب" في نيويورك، من دون أن تلتقي الرئيس المنتخب. وفي فبراير، رفضت خلال زيارة إلى لبنان وضع حجاب للقاء مفتي الجمهورية. وفي نهاية مارس، التقت في موسكو الرئيس فلاديمير بوتين، معلنة أنه يعرض "رؤية جديدة" لـ"عالم متعدد الأقطاب".
لم يكن من المفترض اساسًا بمارين لوبن، الاصغر بين بنات جان ماري لوبان الثلاث والمطلقة مرتين، والام لثلاثة اولاد، وهي تعيش حاليًا مع احد مسؤولي الحزب لوي آليو، خوض المعترك السياسي. بل كان من المقرر عوضًا عن ذلك ان تخلف شقيقتها ماري كارولين والدهما الذي هيمن على الحزب لحوالى اربعين عامًا.
غير أن الحياة السياسية الصاخبة والمتقلبة للجبهة الوطنية والخلافات العائلية في التسعينات فتحت الطريق امام هذه المحامية صاحبة الأطباع النارية.
وأطلت مارين لوبن على الرأي العام في الخامس من مايو 2002 في ليلة الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، لتدافع بضراوة عن والدها، بعدما هزم بفارق كبير امام جاك شيراك، وفرضت نفسها وريثة له.
برنامج لوبان
وتتركز النقاط الاساسية في برنامج لوبان على التمسك بالحدود الوطنية والخروج من اليورو والحد من الهجرة وانتهاج سياسة حمائية، وهذه أبرز نقاطه:
اوروبا
- التفاوض في بروكسل على الخروج من اليورو والعودة الى الحدود الوطنية عبر الخروج من فضاء شنغن. الدعوة الى استفتاء حول انتماء فرنسا الى الاتحاد الاوروبي في ختام هذه المفاوضات.
- استدعاء الاحتياط للمساعدة في ضبط الحدود.
- رفض معاهدات التبادل الحر.
الهجرة
- خفض الهجرة الى 10 آلاف شخص سنويا بعد ان يتم تجميد تأشيرات الدخول الطويلة الامد لفترة معينة.
- التشدد في شروط اللجوء.
- التشدد في سياسة لم الشمل.
- رفض تسوية اوضاع الاجانب الموجودين بشكل غير شرعي أو منحهم الجنسية.
- الغاء حق الحصول على الجنسية الفرنسية استناداً الى العيش على أرض فرنسية.
دفاعيًا
- الانسحاب من قيادة الحلف الاطلسي.
- زيادة ميزانية الدفاع.
اجتماعيًا
- جعل سن التقاعد عند الستين عامًا.
- اعادة النظر في بعض المكتسبات الاجتماعية للاجئين ما لم يحصلوا على الجنسية أو على اقامة طويلة الامد.
- علاوات لمحدودي الدخل.
ماليًا
فرض ضريبة على منتجات الشركة التي تنقل مصانعها الى خارج فرنسا.
- فرض ضريبة اضافية على مجمل العاملين الاجانب في فرنسا.
- خفض الضرائب على الدخل.
- اعفاء ساعات العمل الاضافية من الضرائب.
صناعيًا
- منع أي شركة تلقت اعانات حكومية من بيعها الى شركة اجنبية قبل عشر سنوات.
- حصر تنفيذ المشاريع الحكومية بالشركات الفرنسية.
طاقة وبيئة
تعليق تطوير مجالات الطاقة الهوائية والاستثمار في مجالات الطاقة البديلة.
- الاحتفاظ بالطاقة النووية.
- منع استغلال الغاز الصخري.
زراعيًا
- منع استيراد منتجات زراعية لا تتقيد بمعايير الانتاج الفرنسية.
أمن وقضاء
- سحب الجنسية من أي حامل جنسيتين في حال ارتباطه بخلية جهادية.
- تجنيد 15 الف شرطي ودركي اضافي وستة آلاف موظف جمركي.
- التشديد على حق الدفاع عن النفس لقوات الامن.
- التشدد في الاحكام واقرار عقوبة سجن مؤبد غير قابلة للخفض.
- الطرد الفوري للمجرمين والمنحرفين الاجانب.
العلمانية والمجتمع
- عدم تمويل اماكن العبادة والنشاطات الثقافية من المال العام.
- استبدال الزواج المثلي بعقد مدني محسن.