الرباط: "سلوكات لا مدنية مضرة بالفرد وبالجماعة، ما فتئت تتنامى في بعض فضاءات المجتمع، وداخل مؤسسات التربية والتكوين بجميع مستوياتها"، بهذه الكلمات لخص رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، عمر عزيمان، أزمة المدرسة المغربية التي أصبحت كابوسا يؤرق بال الدولة والمجتمع، مطالبا بمواجهته عبر تكثيف جهود مختلف الفاعلين في للمجال.
ودعا رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، في كلمة صباح اليوم، القاها في اللقاء ء التواصلي المخصص لتقديم المحاور والمضامين الأساسية للتقرير الذي أعده المجلس، في موضوع "التربية على القيم بالمنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي"، إلى تضافر جهود الجميع، ولاسيما المؤسسات التربوية من أجل التصدي الحازم لتلك السلوكات اللامدنية المضرة بالفرد وبالجماعة.
وأضاف عزيمان ، وهو ايضا مستشار الملك محمد السادس ، أن السلوكات المضرة المنتشرة في المدارس، تتمثل في "عدم الانضباط وعدم احترام مهام المسؤولين وعدم احترام الآخر، والغش، والعنف والتحرش، والاضرار بالملك العام وبالبيئة"، مؤكدا على ان المغرب أصبح في حاجة قصوى ل"تملك وترسيخ منظومة القيم التي يحددها دستور بلادنا في أذهان وتصورات وتصرفات وسلوكات الأفراد والجماعات والمؤسسات"، مركزا على أهمية الدور الذي ينبغي أن تقوم به المدرسة في هذا الباب.
وزاد عزيمان موضحا أن "الدور المركزي الموكول للمدرسة في القيام الأمثل بإحدى وظائفها الجوهرية المتمثلة في التنشئة الاجتماعية المبكرة للمتعلمات والمتعلمين، وفي تربيتهم على القيم الروحية وقيم المواطنة وفضائل السلوك المدني، لا محيد عنه"، مشددا في الآن ذاته، على تكامل دور المدرسة مع "باقي تنظيمات وفعاليات الدولة والمجتمع، ولاسيما الأسرة والهيئات السياسية والنقابية والجمعيات المدنية والحقوقية ووسائل الإعلام".
وأشار رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، إلى أن المحطة التاريخية التي يمر بها المغرب، تجعل الحاجة ملحة إلى "تكوين المواطن الواعي، القادر على الموازنة بين حقوقه وواجباته، المتشبث بهويته المتعددة الروافد وبتاريخه، وحضارته ووطنه، الملتزم بمسؤولياته تجاه نفسه وأسرته ومجتمعه، المدرك لمكانته ودوره في المجتمع، المحترم للآخر وللحق في الاختلاف، المنفتح على العصر وعلى الكون"، مشددا على أن المجلس يطمح إلى "الإسهام الجماعي في بناء مدرسة مواطنة تقوم بدورها الكامل في ترسيخ مغرب المواطنة والديمقراطية والعدل والتسامح والسلام".
وتوقف تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين، الذي أعده بمبادرة منه، عند تفشي ما سماها "السلوكات المخلة بالقيم"، داخل وفي محيط المدرسة، مقابل عدم وضوح وانسجام منظومة القيم والحقوق والواجبات، وبين الممارسة الفعلية لها"، مسجلا "شبه غياب التقييمات المنظمة لهذه البرامج"، وهو ما اعتبره عاملا رئيسا يضعف "سيرورات الإصلاح ويهدر الطاقات والإمكانيات".
وسجل التقرير، الذي حصلت "إيلاف المغرب" على نسخة منه، "ضعف تكوين الفاعلين التربويين في مجال القيم والتربية عليها، وما له من آثار على ممارساتهم التربوية وانخراطهم في إنجاح الإصلاحات ذات الصلة"، كما تحدث عن جملة من التقنيات والإمكانيات التي تخون المدرسة المغربية ومواردها البشرية وتعرقل أداء وظيفتهم على أكمل وجه.
كما أشار التقرير إلى "محدودية قدرة المدرسة المغربية على تنمية الشراكات في محيطها الاجتماعي الثقافي، خصوصا فيما يتعلق بتنمية أدوار الحياة المدرسية والجامعية في علاقة بمشروع المؤسسة"، لافتا الى أن الاشتغال ب"برامج متعددة ومتتالية دون اعتماد مقاربات إدماجية قائمة على ترصيد الممتلكات، وكذا ضعف المواكبة المنتظمة لمناهج وبرامج التربية على القيم وتقييم آثارها"، من الأمور التي تعرقل تحقيق الإصلاح المنشود في المجال التعليمي والمدرسي.
ودعا المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، في تقريره إلى وضع "برنامج عمل وطني وجهوي للتفعيل، وإعداد ميثاق تربوي تعاقدي وطني للتربية على القيم مؤطر للتدابير والشراكات، وبلورة إطار مرجعي عام لمنظومة القيم المستهدفة ومجالات التربية عليها"، كما حث على ضرورة "تنويع المقاربات والأساليب في تفعيل المقترحات والتوصيات مع مراعاة تكاملها وانسجامها".