بقي المغرب كدولة ذات تاريخ عريق دولة فاعلة في العلاقات الدولية منذ قرون عديدة، أما موقعه الجغرافي كبوابة ربط وعبور وتفاعل بين ضفتي المتوسط والأطلسي وقارتي أوروبا وأفريقيا إضافة إلى رصيده الديني فقد شكلا عنصرين أساسيين في صياغة أهداف السياسة الخارجية المغربية بين ثوابتها وتحولاتها الاستراتيجية بضوء رؤية العاهل المغربي الملك محمد السادس في أهمية الحضور المغربي القوي والفاعل على الساحة الأفريقية، كما أنَّ الحيوية والنشاط والدينامية التي بثها الوزير المكلف بالشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي ناصر بوريطة جعلت من الرباط محطة أفريقية وحتى أوروبية وأطلسية لكل من يريد أن يسهم في الانخراط في هذه الساحة فائقة الأهمية الجيوسياسية.
وحقيقة فقد تمكنت البراعة والخطط التي وضعتها وزارة الخارجية في اكتساب الدبلوماسية المغربية النشطة مزايا عديدة في القدرة على الولوج إلى هذا الفضاء بسلاسة وقبول أفريقي منقطع النظير وتقدير كبير للمواقف والنهج المغربي في أفريقيا.
استطاع المغرب بمهارة عالية أن يتغلب على كثير من التحديات التي فرضتها تحولات السياسة الدولية على الصعيدين القاري والجهوي، كما أنَّ المغرب بات اليوم يقدم نفسه باقتدار نموذجاً للدولة المستقرة والفاعلة في محيط إقليمي مضطرب ويحقق معدلات نمو مميزة وفي الوقت نفسه قوى من سياسة تنويع الشركاء الدوليين والإقليميين والتي يؤكد من خلالها عدم البقاء تحت سياسات أحادية مع المصالح الفرنسية فقط.
إقرأ أيضاً: السعودية المتألقة
إنَّ جذور العلاقات المغربية الأفريقية تعود تاريخياً إلى جنوب الصحراء إذ أدت كل من الجغرافية والتركيبة السكانية دوراً محورياً في تعميق هذه العلاقة ففيما مثلاً تشهد فرنسا تراجعاً في الدور والحضور الأفريقي نشهد تصاعداً وتطوراً للدور المغربي بفعالية مشهودة وترحيباً بهذا الدور مما انعكس إيجاباً على ملف الصحراء المغربية وتأكيد حقوق المملكة المغربية في وحدتها الترابية وكامل سيادتها على الأقاليم الصحراوية. وما إقامة عشرات الدول الأفريقية قنصليات لها في الأقاليم الصحراوية إلا تعبيراً عن التفهم الكبير لمعطيات هذا النجاح الدبلوماسي، وأكاد أن أقول إن الدبلوماسية المغربية في عهد وزيرها الهمام والنشيط تحرز كل يوم نجاحاً وتحقق هدفاً وهو تعبير منطقي كما يقول كتاب السياسة بأن أي سياسة خارجية لا يكون لها عائد وانعكاس على الملفات الداخلية هي سياسة غير مترابطة وغير مجدية.
المغرب اليوم بات قطباً فاعلاً في القارة الأفريقية رغم أن بعض الجهات المعروفة تحاول إعاقة هذا الدور دون جدوى وبالتالي فقد أمست السياسة الخارجية المغربية وأدواتها الدبلوماسية تستحق الدراسة والاستفادة منها في مراكز الأبحاث المتخصصة لما تحرزه من تألق ونجاح وفعالية ومن خلال ما تقدم وبإيجاز غير مخل بالمضمون استطيع القول بأن الدبلوماسية المغربية أصبحت اليوم مدرسة تتجه إليها أنظار الحكومات والفاعلون في عالم السياسة والدبلوماسية.