: آخر تحديث

إسرائيل تملي شروطها!

5
4
4

إسرائيل عدو لا يؤتمن التعامل معه في أي شيء، لا ضمانات توقفه عن حرق أوراق الاتفاقيات، ولا قوة تمنعه من عدم الالتزام بما يتم الاتفاق عليه، فهي دولة لا تعترف بالقوانين والمواثيق الدولية، متمردة على أبجديات ما تُدان به من قرارات على جرائمها.

* *

وهي في سلوكها وسياساتها ومواقفها محمية ومدعومة من أمريكا والغرب، إما خوفاً أو نفاقاً، أو لمصلحة بأن تكون عامل هدم وزعزعة للاستقرار في المنطقة، أو رغبةً في التخلّص من اليهود من أن يكونوا في دولهم الأصلية مصدر إزعاج وقلق.

* *

اتفق الفلسطينيون والإسرائيليون على وقف لإطلاق النار، وتبادل الأسرى، بضمانات دولية، غير أن إسرائيل تتلكأ في تنفيذ ما يخصها ويلزمها في هذا الاتفاق، بل وتملي شروطها بما هو خارج بنود الاتفاق، مستفيدة من ضعف حماس والجهاد بعد قتل زعماء الحركتين، ونفاد سلاحهما أو كاد، وسيطرة إسرائيل على مساحات كبيرة في القطاع.

* *

كان المفروض أن تطلق إسرائيل أكثر من 600 فلسطيني من سجونها، بعد التزام حماس بإطلاق الرهائن الإسرائيليين المتفق عليهم، وما إن تم ذلك من جانب حماس حتى تم تأجيل إطلاق الفلسطينيين من قبل إسرائيل، وحجتها في ذلك مراسم الاحتفالية التي يتم فيها إطلاق الرهائن الإسرائيليين، إلى جانب إصرارها على تسليم أربع جثث للإسرائيليين كانوا خارج الاتفاق.

* *

اضطرت حماس للقبول بشروط إسرائيل، فتم تسليم جثامين الإسرائيليين الأربعة، ودون مراسم كما هو معتاد، وبعيداً عن الإعلام كما طلبت إسرائيل، وأن يتم إطلاق الرهائن الفلسطينيين دون أي احتفالية من قبل أهاليهم، وتم قبول هذا الطلب، وزادت عليه إسرائيل بأخذ التعهد على أُسر المفرج عنهم بالتزام ذلك.

* *

أنا أفهم أن حماس ليست في وضع يسمح لها برفض شروط إسرائيل، وأفهم أنها قد تضطر إلى تمديد المرحلة الأولى استجابةً لرغبة إسرائيل، وأفهم أن إسرائيل سوف تستأنف القتال بمجرد استلام آخر رهينة إسرائيلية، وأفهم أن حماس سوف ينتهي دورها في حكم قطاع غزة كما هو قرار إسرائيل، وأن إسرائيل عدو وقادتها مجرمون، وأنها تحتل أرضاً ليست لها، ولكني لا أفهم أن يتحدث من بقي من قادة حماس والجهاد عن انتصارات حققوها في تبادل الأسرى.

* *

نحن أمام واقع، أمام مشاهد، وبين أيدينا نتائج عمَّا أسمته حماس بطوفان، وهي نتائج مريرة ومؤلمة من حيث التهديم والقتل والتجريف، وفتح الباب أمام التهجير، وتوقف الكلام عن خيار الدولتين، وتراجع القدرة الفلسطينية على مقاومة إسرائيل بشكل لن تعود إلى ما كانت عليه إلا أن يشاء الله.

* *

الحديث عن الانتصارات العربية والفلسطينية، مع أنها وهمية، ولا يصدقها عاقل، إنما هي ثقافة عربية قديمة متأصلة، ففي حرب قناة السويس عام 1956م تحدثنا عن انتصارات لا وجود لها، وفي حرب الأيام الستة عام 1967م أطلقنا على الهزيمة النكسة ومسميات أخرى من باب حفظ ماء الوجه وذر الرماد بالعيون، وفي حرب أكتوبر عام 1973م أسأنا للانتصار حين تم الاعتراف بإسرائيل مقابل انسحابها من سيناء، أي أننا حققنا بالاعتراف بإسرائيل ما لم نحققه في الحرب وهو الانسحاب من سيناء.

* *

استرداد الحقوق المشروعة، يبدأ من الاعتراف بالواقع، والابتعاد عن التضليل، وأن يكون هناك تخطيط للحروب، واختيار الوقت المناسب، والاستعداد لمواجهة العدو، بعيداً عن المغامرات غير المحسوبة نتائجها المدمرة، فهل نحن على استعداد للتعاطي مع الواقع؟!

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد