تابعنا نحن، المنظمات الكوردية المدنية السورية الموقعة أدناه، التحضيرات الجارية منذ أيام لعقد مؤتمر الحوار الوطني السوري عن كثب، والمعلن انعقاده من قبل اللجنة التحضيرية يومي 24 - 25 شباط الجاري.
وقد جرى اختيار عدد من الشخصيات، من قبلكم، لتمثيل الشعب الكوردي دون العودة إلى الحركة السياسية الكوردية، التي تمثل هذا الشعب في سوريا منذ عام 1957، وتناضل في سبيل قضيته ضد الأنظمة الديكتاتورية، إلى جانب دفاعها عن حقوق جميع المكونات السورية، ومنها حقوق الشعب الكوردي، وهي الجهة التي تمثل الكورد في مختلف المحافل المحلية والإقليمية والدولية.
كما أن المجتمع المدني الكوردي، بجميع منظماته واختصاصاته وكياناته، قد تم تهميشه عمدًا، دون التواصل مع أي منظمة مدنية كوردية ، رغم أن أحد محاور الحوار السوري وورش العمل في المجموعة الخامسة يتناول دور المجتمع المدني السوري في المرحلة الجديدة من بناء البلاد. ومع ذلك، جرى تهميش المجتمع المدني بشكل عام، بما في ذلك المنظمات المدنية والحقوقية الكوردية.
لذا، فإننا، كمنظمات مجتمع مدني كوردية في سوريا، نعرب عن استنكارنا لآلية اختيار أسماء المشاركين في الحوار، ما لم يتم تزكيتهم من قبل ممثلي القضية الكوردية في البلاد.
ونرى أنه من حق الأفراد، أيًّا كانوا، الحضور والمشاركة، ولكن ليس على حساب تغييب المؤسسات والجهات التي تعبر عن الإرادة السياسية والاجتماعية لشعبنا. وها أنتم لعقد ون المؤتمر، الذي كان من المفترض أن يكون الوفد الكوردي الممثل رسميًا حاضرًا فيه، ولكن للأسف الشديد لم يحصل ذلك. فأنتم بذلك تنتهجون السياسات والأساليب ذاتها التي مارسها نظام البعث، والمتمثلة في الشوفينية والإقصاء، وهي ممارسات أثبتت فشلها في تحقيق الاستقرار والعدالة، بل كانت سببًا في تعميق المظالم وتأجيج الأزمات.
إنَّ القضية الكوردية في سوريا ليست مسألة هامشية، بل قضية عادلة ذات جذور تاريخية ونضال مستمر منذ أكثر من سبعة عقود. لقد كان للكورد دور فاعل في تحرير سوريا من الاستعمار العثماني والانتداب الفرنسي، كما قدموا التضحيات خلال انتفاضة 12 آذار ضد سياسات القمع والاستبداد التي مارسها نظام الأسد بحقهم٠ وساهموا في الثورة السورية منذ يومها الأول، مقدمين الشهداء والجرحى والمعتقلين. كما تصدوا ببسالة لتنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى، دفاعًا عن وحدة سوريا وشعبها بمكوناته كافة.
بناءً على ذلك، فإننا نرفض أي محاولة لتهميش قضيتنا أو إنكار وجودنا كثاني أكبر قومية في البلاد. ونؤكد مجددًا أن الكورد لم يسعوا يومًا إلى تقسيم سوريا، بل كانوا دائمًا عامل استقرار وضمان لوحدة أراضيها. كما نرى أن تبني نظام لامركزي سياسي يضمن حقوق الكورد في الدستور السوري الجديد سيكون خطوة نحو تحقيق العدالة والمساواة، ونشدد على ضرورة منح جميع المكونات السورية حقوقها المشروعة دون تمييز.
وفي هذا السياق، وانطلاقًا مما صرح به رئيس الحكومة الانتقالية السيد أحمد الشرع، ووزير الخارجية السيد أسعد الشيباني، حول الاعتراف بحقوق الكورد، فإننا نأمل أن تُترجم هذه التصريحات إلى خطوات عملية ملموسة. ونطالب بأن يتم الحوار مع الكرد كطرف رئيسي في القضية السورية، عبر وفد كوردي مشترك يمثل المجلس الوطني الكوردي، والإدارة الذاتية، والأحزاب والمنظمات والفعاليات الكوردية كافة. بالاضافة الى مشاركة شخصيات كردية مستقلة ضمن هذا الإطار.
إننا نؤكد مجددًا أنه لا حل للأزمة السورية دون حل عادل للقضية الكوردية . فالشعب الكوردي لن يقبل بالظلم ولن يتنازل عن حقوقه، لكنه في الوقت ذاته يؤمن بالعيش المشترك مع جميع مكونات الشعب السوري في وطن يسوده السلام والأمان والكرامة، ويكفل حقوق جميع مواطنيه دون تمييز.
قامشلو - سوريا
24 شباط (فبراير) 2025