في خطوة اعتبرها المراقبون تحولاً جذرياً في النهج القيادي للبنتاغون، رشّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بالتعاون مع وزير الدفاع بيتر هيغسيث، الجنرال المتقاعد من سلاح الجو، الفريق دان "رايزن" كاين، لرئاسة هيئة الأركان المشتركة (CJCS). هذا الترشيح لا يعكس مجرد ترقية تقليدية، بل هو إعلان عن مرحلة جديدة في القيادة العسكرية الأميركية، تستبدل "المسار الذهبي" البيروقراطي بمحارب مجرّب وقائد استخباراتي من خارج المنظومة التقليدية.
لم يكن اختيار كاين وليد الصدفة، بل خطوة محسوبة لإعادة روح المحارب والابتكار إلى وزارة الدفاع الأميركية.
فمع تطور الحرب وتداخل التكنولوجيات في جميع المجالات، يتطلب الجيش قائداً قادراً على إعادة التفكير في مشتريات الأسلحة، والهياكل التنظيمية، وأولويات التدريب. لم يكن من الممكن تصور أن يرتقي جندي احتياطي ورائد أعمال إلى أعلى منصب عسكري في البنتاغون. ومع ذلك، فإن مؤهلات كاين كقائد مجرَّب في القتال استثنائية، ولا يضاهيها سوى خبرته المدنية المميزة.
مسيرته العسكرية تزخر بالإنجازات. في 11 أيلول (سبتمبر) 2001، قاد طائرة F-16 فوق واشنطن بأوامر صادمة: إسقاط أي طائرة مدنية إذا لزم الأمر. لاحقاً، وبعد فترة عمل ناجحة في القطاع الخاص، عاد إلى الخدمة العسكرية ليشغل منصب مساعد مدير وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) للشؤون العسكرية، ومساعد القائد العام لقوة المهام المشتركة للعمليات الخاصة، حيث قاد عمليات معقدة ضد داعش في سوريا والمنطقة، واكتسب ثقة القوات البرية الخاصة في مواجهة التنظيم المتطرف.
وباعتباره طيارًا يربط بين القتال الجوي والحرب البرية والعمليات الخاصة، يجلب كاين رؤية ووجهات نظر نادرة لا يضاهيه فيها إلا القليلون. وقد دفعه دوره هذا إلى قلب العمليات المشتركة بين الوكالات، حيث تعاون مع وحدات استخباراتية وعسكرية في مهام شديدة الخطورة. هذه الخبرة – أي الإبحار في الديناميكيات المعقدة والمتنافسة بين الوكالات تحت الضغط – تزوده بمنظور دقيق بالغ الأهمية بالنسبة لقيادة الأركان العامة للقوات المسلحة، حيث يعد التوفيق بين الكيانات المتنوعة والمتنافسة مفتاح النجاح.
لكن ما يميز كاين حقاً هو خبرته في القطاع الخاص. بعد تقاعده من الخدمة الفعلية، خاض تجربة ريادة الأعمال، حيث أسس شركات تجارية من الصفر، واتخذ قرارات استثمارية معقدة، وتعايش مع العواقب وتحديات السوق - النجاح أو الفشل يقع على عاتقه مباشرة.
تجربة كاين في مجال المال والأعمال نادراً ما تتوفر لدى قادة الجيش التقليديين الذين يتسلقون السلم الوظيفي التقليدي. ومن المرجح أن عقليته القوية، التي صاغتها بوتقة ريادة الأعمال، والانطباع الذي تركه لدى الرئيس ترامب كمحارب محنك عندما التقيا في العراق عام 2019، قد دفعاه إلى تجاوز أقرانه الذين لم يواجهوا مثل هذه التجارب.
صورة أرشيفية لعناصر من الجيش الأميركي في أفغانستان
إن "مجموعة المواهب" الفريدة التي يتمتع بها كاين تؤهله لاكتشاف القادة غير التقليديين والارتقاء بهم في صفوفه، مما يعزز تفوقه الاستراتيجي في عالم لا يمكن التنبؤ به. ومع تسارع الابتكارات في القطاع الخاص واصطدامها بالاحتياجات العسكرية، تصبح خبرته المزدوجة مضاعفًا للقوة. إنه ليس مجرد محارب، بل هو صانع – قائد يفهم في كل من الفتك والبراعة.
ترشيح الفريق دان "رايزن" كاين يبعث برسالة واضحة: إدارة ترامب جادة في إعادة تشكيل وزارة الدفاع، عبر تعزيز الكفاءة والابتكار بدلاً من الترقية على أساس الأقدمية. هو قائد لا يقتصر دوره على التخطيط، بل يمتلك عقلية المحارب وصانع القرار في آن واحد.
تبدأ القيادة والمساءلة من القمة، ويمثل صعود كاين خطوة جريئة إلى الأمام بالنسبة للجيش الأميركي—خطوة تعيد تعريف معايير القيادة العسكرية في عصر التحديات المتغيرة!
ترامب يراهن على الجنرال المتقاعد "رايزن" للقيادة.. والجيش الأميركي على أعتاب تغيير كبير!
مواضيع ذات صلة