حرّكت تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتانياهو عن سوريا، المياه الراكدة جنوبا بعدما طالب بمنطقة منزوعة السلاح، ومنع هيئة تحرير الشام والجيش السوري الجديد من التواجد في المنطقة، واعلانه ان اسرائيل لن تتسامح مع أي تهديد يتعرض له الدروز.
عدم رد دمشق على تصريحات نتانياهو، أظهر إلى حد كبير هشاشة أوضاع السلطة الجديدة، فوفق الارض والميدان اصبح اكثر من نصف مساحة محافظة القنيطرة خارج سيطرتها، ولا تزال تناوئ فصائل في محافظة درعا يتقدمها اللواء الثامن بقيادة أحمد العودة، فيما عجزت كليا عن دخول محافظة السويداء بالطريقة التي ارادتها ليلة رأس السنة، واقتصر وجودها على القطاع الخدماتي، عدا عن خروج كامل للمحافظات التي تتواجد فيها قوات سوريا الديمقراطية عن سيطرتها.
صمت السلطات الجديدة، قُوبل بطلب انصارها من دروز المحافظة الرد على نتانياهو، مما طرح علامات استفهام حول اسباب إختباء دولة خلف ظهور مواطنيها، والطلب من السكان الاستنكار وكأن هؤلاء بحاجة إلى إجراء فحوصات دورية في الوطنية.
كلام نتانياهو عن حماية الدروز، يأتي في الواقع مكملا للخطوط الحمراء التي رسمتها الولايات المتحدة الاميركية بعد سقوط النظام السوري، والمتضمنة ضرورة حفظ امن الدول المجاورة، وضمان حماية الاقليات، ومشاركتهم في الحكم السوري الجديد.
ومع سقوط النظام السوري، طالب الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي للطائفة وممثلها بضرورة تشكيل حكومة تضم كامل اطياف المجتمع السوري، والاعلان عن دستور وطني يؤسس لقيام دولة مدنية على اساس اللامركزية الادارية، مطالبا بعدم العودة الى الاساليب التي كان يتبعها نظام الاسد.
ولعلّ العلاقة بين الدروز، وأحمد الشرع لم تكن ودية وايجابية حتى قبل ان يصل إلى دمشق، فالأخير يبدو انه لم يتمكن من تذليل هواجس ابناء الطائفة منذ ان كان ابو محمد الجولاني في إدلب، فالمجزرة الشهيرة التي ارتكبتها جبهة النصرة التي كان يقودها بحق المدنيين في بلدة قلب لوزة، والتضييق الخانق عليهم، ومصادرة منازلهم واراضيهم الزراعية ومنعهم من إقامة شعائرهم الدينية لا تزال ماثلة في الاذهان، وساهم هذا التضييق في نزوح القسم الاكبر من سكان تلك البلدات الشمالية الى جرمانا في ريف دمشق والسويداء حيث أخبروا قصصهم ومعاناتهم.
ولم يعمد الشرع منذ تسلمه كرسي الرئاسة في دمشق الى توضيح ما حصل في السنوات الماضية، بل ان جبل الجليد مع المحافظة ارتفع اكثر فأكثر نتيجة المواقف التي صدرت من دمشق والتي لم تلاق استحسانا في السويداء بدءا من فرض اسماء اشخاص على الوفد الذي زار قصر الشعب في الايام الاولى التي تلت اسقاط النظام، وصم الاذان عن سماع المطالب، وارسل رتلا عسكريا لدخول المحافظة في ليلة رأس السنة دون التنسيق قبل ان يتم منعه واعادته الى العاصمة.
وفي حين اراد المجتمع المدني والفعاليات في المحافظة تعيين السيدة محسنة محيثاوي لتولي منصب المحافظ، جاء الرد بإرسال مصطفى بكور كموفد للادارة ثم جرى التعريف عنه بالمحافظ الجديد، وايضا تم رفض تعيين ضباط لادارة امور الشرطة والمرور والفرع الجنائي وبالمقابل تم تعيين ضباط من خارج المحافظة لتسير شؤونها من دون حتى التواصل مع فعالياتها، كما ان توزيع الخدمات ذكر باساليب النظام السابق والذي وضع معادلة الخدمات مقابل الولاءات.
واذا كانت المعادلة كما يرفعها انصار السلطة تقوم على ان من يحرّر يقرّر فإن السويداء خرجت عن سيطرة النظام منذ ان منعت سوق ابناء المحافظة للتجنيد الالزامي، كما ان السطوة السياسية والامنية والعسكرية انتهت في اواخر 2023 عندما انتفضت المحافظة ضد النظام، وطالب وقتها الشيخ الهجري بتطبيق القرار 2254 وانتقال السلطة، وضرورة الحفاظ على وحدة سوريا في الوقت الذي كان اليأس من سقوط النظام يدب في نفوس الكثير من المعارضين حيث ارتفعت يومها اصوات منظري الفصائل في ادلب لانشاء كيان طائفي مستقل يضم المناطق التي لم يدخلها النظام السوري وفق اتفاقية خفض التصعيد.
ويبقى السؤال حول ماذا يريده الدروز؟ والإجابة لا تزال كما أعلن عنها ممثلهم، الشيخ الهجري في اكثر من مناسبة، حكم لامركزي، ودولة مدنية، وحكومة تمثل جميع الاطياف، وجيش وطني لا يقرّب الغرباء اليه ويُبعد ابناء البلد عنه، ولا طموحات تقسيمية او انفصالية.
مشاكل أحمد الشرع والسويداء سببُها الجولاني
مواضيع ذات صلة