البعثي أياد علاوي، الذي ارتكب ما ارتكب بحق الشيوعيين والديمقراطيين في شباط (فبراير) 1963 الأسود، راح يناور ويراوغ من جديد من خلال رسالة اعتذار موجهة إلى سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، يبرر فيها تهجمه على الحزب الشيوعي الذي يحتفي بشهدائه في 14 شباط (فبراير) من كل عام، ويحاول عبر رسالة اعتذاره امتصاص رد الفعل الغاضب من تبعات إساءته بعد أن تفوَّه أثناء مؤتمر إعلان تشكيل التجمع المدني الوطني العراقي بزعامته في بداية شباط (فبراير) الجاري بأنه يتشرف ببعثيته ومقاومته الشيوعيين وغيرهم. ومن المفارقات العجيبة أن سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي كان ضيفاً على المؤتمر المذكور!
تقلب علاوي المفاجئ
يحاول علاوي أن يقدم صورة مختلفة أمام عوائل ضحايا حزب البعث العراقي، ومن خلال رسالة اعتذاره عن علاقته ولقائه بالقادة الشيوعيين قبل وبعد إعلان الجبهة مع البعث، وأن ما تحدث به خلال مؤتمر إعلان التجمع المدني الوطني العراقي ليس تعبيراً عن رأيه الخاص بالحزب الشيوعي العراقي، وإنما كان حديثه عن الخلافات التي كانت قد حصلت بين الحزبين آنذاك، في الوقت الذي يؤكد عبر وسائل الإعلام المحلية والعربية، وفي جميع المناسبات، بأنه يفتخر بتاريخه ونضاله في صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي! ويأتي هذا التناقض في سلوكيات علاوي بالضبط من إيمانه كبعثي بالمراوغة والمناورة والتضليل والخداع.
حنين إلى الماضي
أثبت علاوي من جديد، ومن خلال خطابه، أنه لا يزال يحنُّ إلى ماضيه ومهنته (كحرس قومي1) في مواجهة الذين كانوا يختلفون معه ومع حزبه الفاشي.
إنَّ رسالة الاعتذار التي بعث بها علاوي لسكرتير الحزب الشيوعي العراقي لا تعني لعوائل ضحايا البعث الفاشي وحرسه القومي شيئاً؛ الضحايا الذين استشهدوا في عام 1963، وفي مقدمتهم قادة الحزب الشيوعي العراقي الأفذاذ، وضحايا مسلخ (قصر النهاية2) بأبشع طريقة، بعد أن حوله مدير الأمن العام ناظم كزار إلى مسلخ بشري حقيقي، وكان مُطلق الصلاحية في اعتقال وتعذيب أي شخص، وهو أول من استخدم آلات تقطيع الأطراف، وإذابة أجساد المعتقلين في أحواض الأسيد ـ التيزاب ،الموثقة في كتاب (المنحرفون3) ، وفي مقدمتهم المعتقلين الشيوعيين الذين يفخر علاوي بمعاداتهم وقتلهم علناً وأمام الرأي العام المحلي والعربي.
توبة الذئب موته
باعتباري سجيناً سياسياً سابقاً، وضحية من ضحايا حزب علاوي، فإني أرفض رسالة اعتذار من يتلاعب بالكلمات، ولا يزال يحنُّ ويحلم بعودة حزبه الدموي، ويتشرف ببعثيته ومعاداته للشيوعيين والديمقراطيين الأحرار.
نعم... إن اعتذار علاوي لا يمثل سوى مراوغة ومناورة جديدة مكشوفة من مراوغات البعثيين لكسب بعض التعاطف الشعبي بعد سقوط الأقنعة عن وجوههم الحقيقية التي كانت تخفى على الكثيرين ممن ظنوا بهم خيراً يوماً ما.
إنَّ الاعتذار ربما يكون عن الخطأ أو الأخطاء البسيطة فحسب، أما ارتكاب الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، واستباحة دماء الأبرياء فقط لمجرد الانتقام من كل من انتمى إلى فكر آخر أو عقيدة أخرى، فغير مقبول على الإطلاق، ومرفوض قانونياً وأخلاقياً وسياسياً.
أختتم مقالي بالمثل الكوردي الذي ينطبق على علاوي وكل الذين يظنون أن قدرتهم على الخداع والمراوغة ما زالت تعمل حتى الآن، وهو: "توبة الذئب موته!"