: آخر تحديث

مساعد العيبان.. الرجل الذي يهمس في أذن التاريخ

3
5
4

في المشهد السياسي السعودي، حيث تلتقي الحكمة بالحنكة، يبرز رجال لا تسلط عليهم الأضواء، لكن حضورهم يفرض نفسه في كل قرارٍ حاسم وكل لحظة مفصليَّة؛ ليسوا من أولئك الذين يملأون الشاشات، ولا يبحثون عن العناوين العريضة، بل يشبهون أولئك المهندسين الذين يرسمون الخرائط خلف الكواليس، تاركين للبنية أن تحكي عن صلابتهم دون أن يروها أحد... من بين هؤلاء، يأتي اسم الدكتور مساعد العيبان، رجل يعرفه التاريخ أكثر مما تعرفه المنصات، رجل لا يحتاج إلى الظهور، لأن أثره أكبر من أن يُختزل في صورة أو تصريح.

يشبه ظل شجرةٍ عملاقة، لا تراه العين، لكنه يمنح المكان هدوءه وثباته، رجل حضوره ليس في صوته بل في قراراته، ليس في خطبه بل في الوثائق التي تحمل بصمته، ليس في سيرته اليومية بل في تاريخ يُكتب دون أن يرويه، حين يجتمع القادة، يكون هناك، حين تُكتب السياسات، يكون صوته مسموعاً حتى وإن لم يكن مسجّلاً؛ حين تتحدث الإنجازات، يكون اسمه بين السطور، حيث لا أحد يرفع يده ليطالب بالفضل، وحيث يُترك المجد لذاته ليجد صاحبه.

أن تكون مثل مساعد العيبان، يعني أن تكون ذلك البحر العميق الذي يبدو ساكناً، لكنه يحمل تحته تياراتٍ من القرارات والتخطيط والرؤية البعيدة ، أن تكون صاحب اليد القوية التي لا تصافح الأضواء لكنها توقّع على مستقبل الأوطان ، أن يكون وجودك محسوساً لا مرئياً، حاضراً لا صاخباً، ثقيلاً بوزن القرارات لا خفيفاً برنين العناوين.

ليس كل رجل دولةٍ يستطيع أن يكون مثل مساعد العيبان، لأن في عالم اليوم، حيث يُقاس النجاح بعدد مرات الظهور، هناك قلة فقط من يدركون أن التأثير الحقيقي لا يحتاج إلى منبر، وأن البصمة الحقيقية لا تحتاج إلى عدسة تلتقطها، بل إلى عقل يخطها وإرادة تُنفذها وثقة لا تحتاج إلى تبرير، في كل دولةٍ رجال يظهرون ليُحكوا، ورجال يُحكى عنهم دون أن يظهروا. والأخيرون، وحدهم، هم الذين يصنعون التاريخ.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف