خالد بن حمد المالك
التاريخ يتحدث عن دولة عظمى، عن بدايات التأسيس لها قبل أكثر من ثلاثة قرون، بكل ما فيها من بعد إنساني، ومبادئ ثابتة، بأهدافها وسياساتها التي تجمع ولا تفرِّق، حيث الاجتماع على رأي واحد، وهدف مسكون في قلوب الناس، متجاوزة كل التحديات.
* *
من الدولة السعودية الأولى، مروراً بالدولة السعودية الثانية، وإلى ما نحن عليه في دولتنا السعودية الثالثة، ظل مصيرنا واحداً، لا استسلام لخسارة، ولا حدود للطموح، عزم وإصرار على بلوغ الأهداف، وإيمان بأن معارك التأسيس ثم الوحدة بكل مراحل الدولة السعودية الثلاث كانت فراً وكراً، وأن الانكسار في مرحلة أو مرحلتين لا يعدو أن يكون جولة من جولات حروب كان هذا قدر المؤسسين الكبار فيها، وقد صاحبها استرداد للحقوق بالجسارة والعزيمة التي لا تلين.
* *
هي فصول في حروب طويلة، وأزمنة مختلفة، ومعارك توجت بما هي عليه بلادنا اليوم، حيث كانت الدولة السعودية الأولى بداية التأسيس بقيادة الإمام محمد بن سعود، وثم الثانية بقيادة الأمير تركي بن عبدالله آل سعود، وكانتا بداية لخطى أخرى قادمة، تكريساً لقيام الدولة السعودية الثالثة، وتوحيدها على يد الملك عبدالعزيز، ليكتمل البناء مع كل الملوك فيما بعد، وليكون عهد الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان عهد الإنجازات الكبيرة، وبناء الدولة الحضارية المدنية، بما لا سبق له بهذه السرعة والإتقان في دولة أخرى.
* *
إن مبادرة الملك سلمان بأمره الملكي الكريم بجعل يوم الثاني والعشرين من شهر فبراير من كل عام، يوماً لإحياء ذكرى التأسيس، إنما هي مبادرة للتذكير بالتاريخ الذي صاحب مسيرة هذا الإنجاز الوحدوي الكبير، والتذكير بعمر الدولة السعودية وتأسيسها، والنجاحات التي تُوّج بها العمل الكبير إلى أن أصبحنا أمام دولة كبيرة ومؤثِّرة في العالم.
* *
ولا بد في هذا اليوم المجيد أن نترحَّم على الإمامين محمد بن سعود وتركي بن عبدالله آل سعود والملك عبدالعزيز، وكل الرجال الأموات من ملوك وأمراء ومواطنين الذين ساهموا في وصول المملكة إلى هذا السقف العالي من التقدم والأمن والاستقرار، ما جعل بلادنا وجهة العالم للإفادة من حكمة قادتها وعمق سياساتها، ومحاكاة هذه السياسة في تأصيل القيم والأمن وحسن التعامل، والعدل بين الناس.