مقالي اليوم اقتصادي كما هي العادة ولكنه بنكهة سياسية فرضتها تلك المكانة الكبيرة لأهم عاصمة عربية اكتسبت هذا الوضع نتيجة لنجاح قيادتها في تبني سياسة الحياد الإيجابي فعلاً وليس شعارًا كما كانت تدعي بعض الدول.
ومن الموافقات الحسنة أن تتجلى هذه السياسة الحكيمة وأن يتردد اسم السعودية حاضناً لإحدى أهم اجتماعات السلام العالمي التي اختارت السعودية ضامناً لها لا مجرد بقعة جغرافية لانعقادها قبل أيام فقط من احتفال بلادنا بيوم التأسيس، ما يعزز استمرارية هذا النهج منذ تأسيسها، حيث تقدم قيادتها بعلاقاتها المتوازنة ونديتها الإيجابية للقوى العالمية لاعباً رئيساً وضامناً موثوقاً امتداداً لنهجها الدولي مع عنايتها بالبناء الداخلي وتوفير أعلى الخدمات لشعبها وتقديم المساعدة للشعوب المحتاجة في أنحاء العالم.
ثم جاء دورها الفعّال في إحلال السلام والوساطة في حل الخلافات عالميًا متجلياً في قبول وساطتها بين أكبر دولتين في العالم اليوم الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.
وقد أكد قادة هاتين الدولتين بوضوح أن الرياض هي المؤهلة للتوسط ورعاية المحادثات والقيام بهذه الوساطة والمساهمة ليس فقط في حل مشكلة أوكرانيا وإنما مشكلات عديدة بين الدولتين.
وقد أكد الرئيسان الأمريكي والروسي على حكمة الأمير محمد بن سلمان وحياده وعلاقته الطيبة مع الجميع، ويحق لنا نحن جميعا أن نفخر بمكانة بلادنا وقيادتها المتمثلة في الملك سلمان بن عبدالعزيز والأمير محمد بن سلمان وأن ندعو لهما بمزيد من التوفيق لرفع راية بلادنا بكل فخر في أهم المحافل الدولية.
وعودة إلى الشأن الاقتصادي أقول أن هذه الجهود السياسية الكبيرة لم تشغل القيادة عن البناء الداخلي في بلادنا، وترسيخ قوتنا الاقتصادية العالمية جعلت من السعودية عضواً فاعلاً في مجموعة العشرين الأقوى اقتصاداً على المستوى الدولي، ويتوافق مع حراك اقتصادي وتنموي تشهده مختلف مناطق المملكة والرياض ورمزيتها بصفتها عاصمة البلاد وقلبها النابض أكبر مثال لهذا الزخم من المشروعات الكبيرة في كل شارع ومنها مشروعات البنية التحتية ضمن نهج تكاملي واضح بين الجهات المختلفة.
وهو ما أكد عليه أمين منطقة الرياض الأمير الدكتور فيصل بن عياف ضمن كلمته في حفل استعراض المخطط الشامل التفصيلي لأعمال مشروعات البنية التحتية في منطقة الرياض برعاية أمير منطقة الرياض الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز حيث ذكر "أن المركز يهدف إلى تغيير طريقة العمل في مشاريع البنية التحتية وتعزيز التنسيق بين جميع الجهات المعنية.
وهذه المنهجية ستحدث نقلة نوعية يلمسها المواطن والمقيم في الرياض حيث تسهم في تقليل الازدحام المروري الناتج عن تكرار أعمال المشروعات، إضافة إلى رفع مستوى رضا السكان عن الخدمات المقدمة من خلالها" ورغم كثرة عدد مشروعات تطوير البنية التحتية في العاصمة لم تتعطل عجلة الفعاليات التي تستضيفها حيث بلغ عددها نحو 15 ألف فعالية خلال فترة وجيزة حضرها ما يزيد على 42 مليون زائر من مختلف دول العالم.
وأخيرًا: من المهم الإشارة إلى أن هذه المكانة التي بلغتها بلادنا لم تكن بسبب قوتها الاقتصادية أو المالية فحسب فكثير من الدول لديها الإمكانيات نفسها ولم تبلغ هذه المكانة التي أشادت بها أكبر دولتين خلال اليومين الماضيين، إلا أنه انعكاس لنهج القيادة الحكيمة الراسخ والمبني على مبادئ وقيم ديننا الحنيف وعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة، إضافة إلى حرص القيادة وتفاعل المواطن معها، وهذا هو السبب الحقيقي لبلوغ هذه المكانة التي بدأت رحلتها منذ 3 قرون.