موسى بهبهاني
الحمد لله أنّ الكويت تحتفل فى كل عام من شهر فبراير بالأعياد الوطنية، الأول عيد الاستقلال ويتبعه عيد التحرير.
ففي صباح يوم 2 فبراير 2025 فى قصر بيان، تم رفع عَلم الكويت، بمشاركة أمير البلاد سمو الشيخ/ مشعل الأحمد الصباح، حفظه الله، إيذاناً ببدء الاحتفالات الوطنية بتلك المناسبات الغالية، والمميزة في قلوب الكويتيين المحبين لوطنهم العزيز.
وعلى ضوء هاتين المناسبتين السعيدتين، تتزين شوارع الكويت ومؤسساتها ومنازلها وأحياؤها بالعَلم الكويتي، والمصابيح الساطعة والمضيئة.
وتُنَّظم المهرجانات الوطنية السنوية مثل مهرجان «هلا فبراير»، ويستمر هذا المهرجان لمدة شهر تقريباً احتفالاً بهاتين المناسبتين المهمتين لدى الشعب الكويتي.
وبالفعل، هي أفراح الكويت، نحتفل بها بمشاركة أبنائنا وأسرهم، والمقيمين الشرفاء على أرضنا الطيبة، وكم هي جميلة الروح والحس الوطني والولاء للكويت، فالمواطنون المخلصون للكويت والمقيمون المحبون لهذا الوطن الغالي يشاركوننا الأفراح بكل سعادة ومحبة وتعم مظاهر الفرح في قلوب جميع من يعيش على هذه الأرض الطيبة.
والشكر موصول للشعوب الخليجية والعربية والصديقة على مشاركتهم احتفالات الكويت الوطنية من خلال مختلف مظاهر الاحتفالات التي عكست حسن العلاقة التي تربطنا معاً.
وكما ورد في الأثر: (منْ لَا وَطَنَ لَهُ لَا إيمَانَ لَهُ)
الوطنية لا ترتبط بكون الإنسان مرتبطاً بوظيفة ما، بل هي متعلقة بالوطن والولاء له، والوطنية هي حب الوطن وصون مصالحه في السراء والضراء، وتصل لأعلى المراتب بالإيثار والتضحية بالحياة الأسرية والاستقرار والأرواح من أجل الأوطان.
فالإنسان قد جُبل على حبّ وطنه، يحبّه ويُواليه، وينتمي إليه.
والجدير بالذكر، أنّ الوطنية ليست كلمات نرددها ولا شعارات نعلقها وإنما هي أفعال تطبق وتثمر.
وعندما تطل علينا تلك الأعياد، لا بد أن نتذكر ما مر بنا ونعتبر بتلك الأحداث القاسية والمؤلمة في قلوب الكويتيين، لقد فقدنا أبناءنا... إخوتنا... أحبتنا شهداء للوطن، ظلماً وجوراً وعدواناً، ناهيك ممن لا يزالون مفقودين بعد مرور كل تلك السنوات الطويلة...
وجدير بالذكر، أن نذكر على سبيل المثال الشاب الشهيد عبدالمهدي بهبهاني، الذي تم اعتقاله بتاريخ 7 /8 /1990 أثناء مروره في الطريق واختفت أخباره عن أسرته منذ تلك اللحظة، وحاولت أسرته التواصل والبحث عنه في المخافر والمراكز الأمنية التي كان يديرها الغزاة، ولكن من دون فائدة تذكر، ولسنوات طويلة لا يوجد خبر عنه، وظلت أسرته تبحث عنه طوال تلك السنوات الطويلة ومرضت أمه رحمها الله (أم عبدالأمير) بسبب حزنها على فقد ابنها الأصغر، فهي لا تعلم إن كان قد لقي حتفه، أم لا يزال أسيراً عند الغزاة القتلة. فقدت تلك الأم الحزينة صحتها وأصبحت طريحة الفراش بسبب قلقها على ابنها المفقود، حتى جاء الخبر بعد سنوات طوال بالعثور على رفات ابنها المغدور به بتاريخ 13 /1 /2021، فلم تعرف ذلك بسبب حالتها الصحية السيئة.
ولم يكتفِ العدو الغاشم بذلك، بل قام بتدمير المعالم الحضارية والمعمارية في الكويت، وذلك بتخريبها وسرقتها، حرقوا ملفات وزارات عدة، وتزايدت أعمال البطش والإرهاب، حيث نقلوا أعداداً كبيرة من مواطنيهم ليستوطنوا في الكويت ويستولوا على منازل الكويتيين.
جريمة العصر
وقد أراد العدو الغاشم أن يجعل من الكويت أرضاً محروقة، ولذلك أقدم على جريمته الكبرى، حيث تعرضت الطبيعة البرية والبحرية والجوية لكارثة شديدة، فالغزاة أضرموا النيران فى آبار النفط وخزاناته، فلم يشهد العالم من قبل تلوثاً بيئياً بهذا الحجم الناتج عن احتراق آبار النفط المتعمد.
لقد تم حرق أكثر من 737 بئراً بترولية، وتعتبر هذه من أكبر الكوارث البيئية التي واجهت الإنسان، إذ نتج عن ذلك انبعاث آلاف الأطنان من الغازات الملوثة يومياً، وتجمعت هذه الملوثات في الطبقة السفلى للغلاف الجوي، وازداد بها تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون، وسقوط الأمطار لم يسهم بغسل هذه الملوثات، بل قطرات الأمطار المتساقطة كانت مليئة بمركبات خطرة على صحة الإنسان والنبات والحيوان والطيور.
تكونت البحيرات البترولية ما أدى إلى تلوث التربة وتعرض المحاصيل الزراعية والنباتات البرية والمراعي الطبيعية والحيوانات والطيور للتسمم نتيجة تركيز المواد الهيدروكربونية وتسرب البترول في الأرض وانتشرت حول حقول البترول برك وبحيرات من الوحل والرواسب.
ولم يكتف العدو بذلك، بل قام الغزاة بسرقة المنازل والسيارات والشركات والمخازن ومؤسسات الدولة، وشملت عمليات التخريب كل المواقع، ناهيك عن سرقة المواد الغذائية والأدوية والمضادات الحيوية والحاضنات من المستشفيات، وتم كذلك خطف الشباب من المساجد والطرقات والمنازل ونقلهم إلى العراق لاستخدامهم كدروع بشرية.
حفر الغزاة الخنادق على طول شواطئ الكويت، وفي أجزاء واسعة من الصحراء، وتحولت المدارس بين المنازل إلى ثكنات عسكرية تطلق منها رصاصات مضادات الطائرات معرضين أرواح المدنيين إلى الخطر.
بيت القرين
رمز الصمود في وجه الغزاة، وخير شاهد على تلك المقاومة البطولية والتضحية، حيث تمكن 19 شاباً كويتياً يمثلون جميع شرائح الشعب الكويتي من خوض ملحمة وطنية، بأسلحتهم الشخصية ومواجهة حشود الغزاة الذين طوقوا المنزل وأمطروه بوابل من القذائف الثقيلة، استشهد 12 منهم، وكتب الله النجاة للآخرين، ليكونوا شاهد عيان، ليرووا لنا ما دار بدقة وأمانة، من قلب الحدث.
فالوطن ليس له بديل والوحدة بين أبناء شعبنا أيام الغزو مثلٌ يجب الاحتذاء به.
الكويت حرة
24 فبراير 1991
الساعة 4 فجراً، قوات التحالف تبدأ الهجوم البري لطرد الغزاة من الكويت.
25 فبراير
يعلن طاغية العراق بقبوله الانسحاب من الكويت.
26 فبراير
القوات الغازية تنسحب بالكامل من الكويت والجنرال كيلي، يعلن بأن قوات التحالف أسرت 30 ألف جندي، ودمرت 2058 دبابة و562 عربة مدرعة و1505 قطع مدفعية.
ليلة 27 فبراير
أعلن الرئيس الأميركي جورج بوش الأب، أن الكويت تحرّرت وجيش النظام العراقي قد اندحر، ويعلن وقف جميع العمليات العسكرية في الساعة الخامسة فجراً.
أعادت الكويت بسواعد أبنائنا بناء مرافقها العامة وتعميرها خلال فترة قياسية.
كلمات خالدة
- سمو أمير البلاد الشيخ جابر الأحمد، طيب الله ثراه، قال:
(لله الحمد تحررت الكويت بسواعد أبنائها الذين وقفوا صفاً واحداً خصوصاً الذين بقوا بأرضهم ولم يتركوها في ظل القتل والتنكيل والسجن، ونحمد الله كثيراً على إعادة بلدنا لأصحابها ورجعت الكويت للكويتيين).
- سمو الشيخ الوالد سعد العبدالله، طيب الله ثراه،قال : (بلادنا في تاريخها السياسي مرت بمِحن كثيرة، ولكنها اجتازت تلك المِحن بتماسك الجبهة الداخلية، ولذلك فإننا نولي كل الأهمية لتكريس الوحدة الوطنية وجمع شمل المواطنين في وطننا).
ختاماً
رحم الله أبطال التحرير ورموز الوطن، عملوا بتفان وإخلاص وعمل دؤوب حتى تحرّرت الكويت.
الشيخ جابر الأحمد الصباح
الشيخ سعد العبدالله الصباح
الشيخ صباح الأحمد الصباح
الشيخ الشهيد فهد الأحمد الصباح
الشيخ سعود الناصر الصباح
الشيخ جابر الخالد الصباح ( الله يشفيه)
ولن ننسى شهداءنا الأبرار، من رجال وشباب، ونساء وفتيات، وما قدموه من تضحيات جليلة للوطن العزيز، سائلين الله عز وجل، أن يتغمدهم بواسع رحمته، ويسكنهم فسيح جناته، وينزلهم منازل الشهداء.