: آخر تحديث

حشود باريس وضرورة إسقاط نظام الملالي

6
7
4

من قلب العاصمة الفرنسية باريس، هتفت الحشود البشرية بصوت عالٍ: "الموت للمستبد، سواء كان الشاه أو الشيخ، إيران ديمقراطية وغير نووية…". هذا غيض من فيض الهتافات التي انطلقت من الحناجر التي بحّت لكثرة ترداد مثل هذه العبارات المطالِبة بإسقاط نظام الملالي، مجددةً البيعة للمقاومة الإيرانية كبديل ديمقراطي يضمن مستقبلًا زاهرًا للدولة والمواطن في إيران.

لقد تجمهرت الحشود المكتظة من مختلف الأعمار والجنسيات كبحرٍ متلاطم الأمواج، يهدر بعنفوانٍ يصل عنانُه إلى السماء، من أفواهٍ صرخت وأصرّت على مواصلة دعم الثورة الإيرانية المباركة حتى الانتصار. إن هذه الاحتفالية السنوية، التي تعزز الفعل الثوري وتنشره ليصل مداه إلى أسماع العالم عبر آلاف مؤلفة من البشر بمختلف مستوياتهم السياسية والشعبية، لَأمرٌ مفرح، ويُعوَّل على صداه الفاضح لنظامٍ ميؤوس من إصلاحه وصلاحيته للتعايش السلمي المتّبع لدى أصحاب العقول النيرة والصدور الواسعة الممتلئة محبةً وتآخيًا.

حدثٌ بارز ونقطةٌ مضيئة تهافتت إليها الجموع الغفيرة من كل حدبٍ وصوب، تهافت الفراش إلى الضوء المشتعل نورًا. ومن خلال ما ازدحمت به باريس في 8 شباط (فبراير) من أناسٍ مؤيدين لمقاومتهم التاريخية، ممثلين لشعبٍ هُضِم حقه وأُهدِر دمه على يد حكامٍ ديدنهم التوحش الدراكولي، والعودة بالزمن إلى قرون الغابة حيث يأكل القوي الضعيف، ويشيع الرعب والخوف في قلوب المستضعفين بتسلطه وظلمه وظلامه.

إقرأ أيضاً: ماذا بعد يوم سقوط الشاه؟

لقد تنوعت المشاركات في احتفالية المقاومة الإيرانية بذكرى قيام الثورة الوطنية، وتعددت الخطابات فيها، إذ عبّرت الكلمات عن شرعية نضال الشعب الإيراني ومقارعته التاريخية للاستبداد. وعلى رأس هذه الكلمات، تأتي كلمة مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمرحلة الانتقالية، بأهميتها وثباتها على الموقف الوطني ومشروعيته. فقد أكدت، في ذكرى يوم 8 شباط (فبراير) 1979، على مسامع الحضور الجماهيري الكبير، والعالم، أنها ماضية دون هوادة في المقاومة والنضال الدؤوب نحو تحقيق الهدف الأسمى، ألا وهو الانتصار على طاغوت ولاية الفقيه وإقامة جمهورية إيرانية ديمقراطية متحضرة غير نووية، تعتنق السلام وتشرعنه كأولوية لشعبٍ عانى ويعاني من ويلات القهر والتسلط والإذلال. ومن مجمل ما جرى في هذه الاحتفالية، يبرز لكل عاقلٍ حصيف أن نظام ولاية الفقيه في إيران أضحى أقرب للتهاوي والسقوط من أي وقتٍ مضى، رغم وجود بعض المعوقات، في مقدمتها دعم تيار "المسايسة" طويلة الأجل، وعدم الثبات الغربي في المواقف تجاه الملالي، وعدم الاعتراف بشكلٍ رسمي بحق الشعب الإيراني في التصدي لحكام النظام الظالم بمختلف الوسائل لأجل إنجاز التغيير الديمقراطي المنشود.

وقد حمّلت مريم رجوي، في خطابها، المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه شعبٍ يُعدَم منه سنويًا المئات، لا لجرمٍ اقترفوه سوى أنهم طالبوا بحريتهم المغيبة منذ عقود. كما كانت مؤازرة أصدقاء المقاومة الإيرانية عبر كلماتهم في الاحتفالية السنوية على درجةٍ عالية من الأهمية، مؤكدةً شرعية نضال المقاومة ومسيرتها التي لا تلين.

إقرأ أيضاً: ملالي إيران ومستقبل سوريا

لقد كان يوم السبت هذا يومًا مشهودًا، إذ تظاهر فيه عشرات الآلاف من المعارضين الإيرانيين الذين أتوا من مختلف أنحاء أوروبا والعالم إلى باريس خلف راية المقاومة الإيرانية، مطالبين المجتمع الدولي بموقفٍ حازمٍ جازمٍ حيال السلطات الإيرانية بعد سقوط ربيبهم بشار الأسد في سوريا. وقد تمنى العديد من المتحدثين أن يمارس الرئيس الأميركي دونالد ترامب ثقله ويفعّل ضغطه السياسي على ملالي إيران فيما يتعلق ببرنامجهم النووي، علمًا أن المرشد الإيراني كان قد حثّ الحكومة الإيرانية، يوم الجمعة، على عدم التفاوض مع الولايات المتحدة، واصفًا مثل هذه الخطوة بالمتهورة. أما مريم رجوي، فقد قالت في كلمتها: "منذ بعض الوقت، وفي ظل الانتكاسات المتتالية، كانت هناك خلافات بين الفصائل الداخلية بشأن مسألة التفاوض من عدمه مع الولايات المتحدة".

وأيضًا، ألمح رئيس الوزراء البلجيكي السابق، غي فيرهومشتات، قائلًا: "كما فعلت سوريا مع بشار الأسد، سيتحرر الشعب الإيراني من الملالي، وسيحصل ذلك عام 2025، ولا أعتقد أن الاسترضاء السابق نحو إيران سيحصل هذه المرة من قبل الإدارة الأميركية".

إقرأ أيضاً: الثورة السورية وخطر ملالي طهران

وقد رُفِعت في الاحتفالية السنوية بباريس أعلام المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، بالتوازي مع الأعلام الأوكرانية، وذلك حين انضم مئات الأوكرانيين إلى المحتجين، منددين بملالي طهران ودعمهم للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حربه القذرة ضد أوكرانيا. ومن ضمن ما تطرقت إليه مريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، في كلمتها، قولها: “بدلًا من استرضاء الملالي، عليهم الوقوف إلى جانب الشعب الإيراني”، وتقصد بذلك قادة العالم.

لقد كانت جميع الكلمات التي أُلقيت بهذه المناسبة مؤثرة وصريحة، وتلتقي في مطلبٍ أجمع عليه المشاركون، مغزاه أنه لم يعد هناك أي مكانٍ في هذا العالم المتحضر للنظام الإيراني المتحجر المشبع عداوةً واستعداءً لكل الشعوب المحبة للحق والخير والجمال.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف