: آخر تحديث

قوات أميركية في الجنوب اللبناني 

4
4
3

من الجيد أن نسمع أن الأميركيين ضغطوا على إسرائيل من أجل استكمال الانسحاب من الجنوب بحلول 18 شباط الحالي. ولكن هذا الأمر لا يعفي لبنان من واجباته بالنسبة إلى ما يقع على عاتقه من تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، الذي يستند إلى القرار 1701 وكافة مندرجاته، لا سيما تنفيذ القرارين 1559 و1680، أي جعل منطقة جنوب الليطاني، في مرحلة أولى، منزوعة من كل سلاح، وخصوصًا سلاح "حزب الله". وبطبيعة الحال، المهم هو تفكيك البنى التحتية وتسليم كافة الأصول العسكرية التابعة للحزب إلى الجيش اللبناني، وإنهاء الانتشار المسلح المقنع الذي يستغل عودة السكان إلى قراهم وبلداتهم ومدنهم.

فلبنان يخرج من حرب ومن منطق الحرب، التي فرضت عليه قسرًا، بشكل نهائي لا رجعة فيه. كما أن واجبات الحكومة، كما أحسن الرئيس نواف سلام القول في المقابلة التلفزيونية الأولى، هي فرض سلطة الدولة وسيادتها على كامل الأراضي اللبنانية، من النهر الجنوبي إلى الناقورة، بقواها الذاتية، بمعنى أنه لا شريك للدولة في حمل السلاح على كل الأراضي اللبنانية وفق اتفاق الطائف والدستور.

وللمزيد من الوضوح، لا مكان لسلاح "حزب الله" بعد الآن، وذلك أيا تكن الأعذار والنظريات، وفانتازيا الممانعة من طهران إلى بيروت وغزة وصعدة. لكن ثمة بونًا بين الموقف الرسمي والتطبيق على الأرض. فنحن نعرف تمامًا أن الحزب المذكور لم يخلِ بعد منطقة عمليات "اليونيفيل"، لا بل إنه يحاول بشكل دائم الالتفاف على إجراءات الجيش والقوات الدولية، فضلًا عن المراقبة الإسرائيلية في الجو. وهذا السلوك يتكرر في كل مكان من لبنان. والحال أننا بإزاء سياسة التملص من التنفيذ، والالتفاف حول الإجراءات، والقفز فوق المتطلبات، وصولًا إلى رفض إصدار إعلان صريح بالعودة إلى كنف الدولة، مقرونًا بتسليم السلاح والانتقال إلى العمل السياسي والاجتماعي، أسوة ببقية الأحزاب اللبنانية.

من هنا، نحن نحث الحكومة على التصدي لمسألة فرض سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية كبند عاجل لا يقل أهمية عن إخراج الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية التي احتلها، ولا عن إعادة إعمار الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لمدينة بيروت. للحكومة نقول: لا تعتمدوا على الضغط الخارجي وحده لتعبيد الطريق أمام استعادة الدولة سلطتها الكاملة، فـ"حزب الله" لا يوفر فرصة إلا ويعمل على تقويض الإجراءات، ليس في الجنوب فحسب، بل في البقاع وعلى الحدود مع سوريا. ولا ننسى عودة تهريب الأموال من إيران والعراق عبر رحلات غير مباشرة إلى بيروت. وعليه، لا بد من التشدد في مراقبة الرحلات الآتية من العراق، حيث تعمل ميليشيات "الحشد الشعبي"، العاملة تحت إمرة "فيلق القدس" الإيراني، على تمويل الحزب المشار إليه نيابة عن طهران، وذلك بأموال الشعب العراقي المنهوبة.

في مطلق الأحوال، من المهم أن يخرج الإسرائيلي من جميع الأراضي المحتلة في الحرب الأخيرة، حتى لو كان الحل بنشر قوات أميركية في النقاط الخمس التي يعتبرها الإسرائيلي أساسية لحماية تجمعاته السكنية في الشمال من تسلل مقاتلين من "حزب الله" تحت يافطة "الأهالي".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد