استمرت الاحتجاجات والإضرابات على نطاق واسع في جميع أنحاء إيران في 5 تشرين الثاني (نوفمبر) 2024، مما يؤكد تصاعد السخط الاقتصادي والاجتماعي بين مختلف المجموعات المهنية والمتقاعدين. من المتخصصين في الرعاية الصحية إلى عمال النفط، تعكس الاحتجاجات الإحباط المتزايد إزاء فشل الحكومة في معالجة المطالب القديمة.
في يزد، وسط إيران، استمرت الممرضات في مستشفيات متعددة، بما في ذلك مستشفى صدوقي، في احتجاجاتهن من أجل تحسين الأجور وظروف العمل. أثّر الإضراب بشدة على عمليات المستشفى، حيث أشارت التقارير إلى تنفيذ الإجراءات الطارئة فقط وتعطّلت رعاية المرضى الروتينية. أعربت الممرضات عن إحباطهن بشعارات مثل "كفى من الوعود الفارغة؛ طاولاتنا فارغة" و"أين ذهبت أجورنا؟ إلى جيوب من؟".
وشهدت مدينة شيراز تجمعاً للعاملين في مجال الرعاية الصحية، حيث نظم الممرضون والطاقم الطبي في جامعة شيراز للعلوم الطبية احتجاجاً، سلطوا من خلاله الضوء على الأجور المتدنية وظروف العمل غير الملائمة. وجاء احتجاجهم في أعقاب سلسلة من المظاهرات التي تهدف إلى لفت الانتباه إلى الحالة الحرجة للعاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يعانون من انخفاض الأجور وعدم كفاية الدعم.
في الأهواز، الواقعة في جنوب غرب إيران، تجمع موظفو شركة أرواند للنفط والغاز للاحتجاج على ظروف العمل السيئة والأجور غير الكافية. هذه المظاهرة جزء من حركة أوسع نطاقاً تشمل عمال قطاع النفط والغاز الذين أصبحوا أكثر صراحة بشأن إحباطهم إزاء الوعود غير المنجزة من جانب إدارة الشركة والسلطات الحكومية.
أكد احتجاج العمال على الحاجة الماسة إلى التعويض العادل وتحسين معايير السلامة في صناعة حيوية لاقتصاد البلاد ولكنها غالباً ما تتجاهل رفاهية موظفيها.
في زنجان، نظم عمال قطع الأشجار مظاهرة احتجاجية، سلطوا فيها الضوء على الضغوط المالية التي يواجهها العاملون في الصناعات المحلية. وفي الوقت نفسه، تجمع عمال في إيلام من إدارة صيانة الطرق للاحتجاج على تدهور شروط العقد والأجور الراكدة. وسلط هؤلاء العمال الضوء على فترة الثمانية أشهر التي لم يحصلوا فيها على عقود رسمية وخفض رواتبهم بما يصل إلى خمسة ملايين تومان. وفي الجنوب، في بوشهر، انضمت الممرضات إلى المظاهرات ضد الظروف الاقتصادية التي ساءت بسبب التضخم وعدم دفع المستحقات. وعكست هذه المظاهرات المشاعر التي شوهدت في أجزاء أخرى من البلاد حيث دعا العاملون في مجال الرعاية الصحية إلى اتخاذ إجراءات حكومية عاجلة.
إقرأ أيضاً: باقتصاد متعثر: كيف تواجه إيران الضغوط الإقليمية والدولية؟
وفي الوقت نفسه، تستمر حوادث القمع في لفت الانتباه إلى الاستجابة القاسية من جانب الحكومة للاضطرابات. ففي الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر)، داهمت قوات الأمن منزلاً في جل شهر، وهو حي في مقاطعة لاشار بمحافظة سيستان وبلوشستان، مما أسفر عن مقتل شخص وإصابة واعتقال اثنين آخرين. ويتبع هذا نمطاً من الإجراءات القسرية في المناطق العرقية، مما أدى إلى زيادة التوترات واتهامات بممارسات تمييزية من قبل السلطات.
ولا تقتصر الاحتجاجات على العاملين في مجال الرعاية الصحية والصناعة. ففي كرمانشاه، تجمع المتقاعدون للمطالبة بمعاشات تقاعدية وخدمات أساسية أفضل. وتجسد هتافاتهم، مثل "لا مزيد من الحرب؛ نحن بحاجة إلى رعاية اجتماعية دائمة"، خيبة الأمل التي يتقاسمها العديد من المتقاعدين في جميع أنحاء البلاد. وانضم المتقاعدون في مناطق أخرى، بما في ذلك أصفهان وشيراز وبيجار، إلى مظاهرات مماثلة.
إقرأ أيضاً: عائدات النفط الإيرانية بين السماسرة والوسطاء
وتؤكد الموجة الأخيرة من الاحتجاجات في جميع أنحاء إيران على الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة التي تواجهها مختلف المجموعات المهنية والعمالية. من الممرضات وموظفي شركات النفط إلى المتقاعدين وعمال البلديات، تعكس هذه المظاهرات استياءً واسع النطاق من الأجور غير الكافية وظروف العمل السيئة والوعود غير المنجزة من قبل السلطات الحكومية. إن استمرار هذه الاحتجاجات يسلط الضوء على فشل النظام الإيراني في معالجة المطالب المشروعة لمواطنيه ويؤكد على الدعوة العاجلة للتغيير الشامل والعدالة في جميع أنحاء البلاد.