الحقيقة أن عمرو موسى من الشخصيات السياسية الفذة، وكان يتقاسم الهم العربي مع المغفور له الأمير سعود الفيصل. لا الأمير سعود ولا عمرو موسى كانا يتعاملان بعاطفتهما تجاه أي أمر، فقد كان لديهما بعد نظر، وكانا يستشعران الخطر قبل وقوعه، لقدرتهما على قراءة الأحداث وحجم تطورها ومصدر خطرها. الأمير سعود الفيصل وعمرو موسى يتمتعان بالخبرة والانسجام في وضع الحلول، وحرصا على الوجود المستمر خلف كل قضية تمس العرب ومنطقة الشرق الأوسط. ولا يمكن، من وجهة نظري، لأشخاص حديثي عهد في السياسة وتفاصيلها وتاريخها ومشهدها بشكل عام، خاصة ما يخص إسرائيل، أن يتحدثوا وينتقدوا شخصاً مثل عمرو موسى. وأعتقد شخصياً أنه لو طُلب من الأمير بندر بن سلطان رأي يخص هذا التصريح، فلن يعترض على تصريح عمرو موسى، بل سيؤكد مخاوفه، وستكون النظرة إلى المستقبل محكومة بالعقل لا بالعاطفة. فقد جاء اليهود من كل مكان واحتلوا فلسطين بوعد بلفور، وما زالوا يتمددون وتزداد مساحة الاستيطان، ويقول التاريخ إن أطماع اليهود لا حدود لها.
ويرى الأستاذ عيسى العياد أن "عمرو موسى وسمو الأمير سعود الفيصل يندر أن يتكرر أمثالهما، إلا من سار على نهجهما واقتفى أثرهما، ولله الحمد نلمس هذا جلياً اليوم في معالي الأستاذ عادل الجبير وسمو الأمير فيصل بن فرحان، وإن كان هذا النجاح نتاج مدرسة الفيصل، رحمهما الله".
وهناك رأي آخر للدكتور المعروف جهاد أبو لحية، إذ يصف من ينتقد معالي الدكتور عمرو موسى قائلاً: "كأنهم لا يقرأون حرفاً من التاريخ، وهذا هو سبب جهلهم للأسف. حتى بعيداً عن قراءة التاريخ، ألا يسمعون التصريحات الصهيونية المتطرفة من قبل عدد من الوزراء الحاليين في إسرائيل، الذين يتحدثون بشكل واضح عن احتلال سيناء؟ إسرائيل الكبرى ليست مجرد حلم، وإنما هي مخططات موضوعة". وأضاف: "مع الأسف، 'سوشلجية' اليوم نصبوا أنفسهم قضاة وساسة وإعلاميين ونقاداً دون أي مقومات حقيقية لهذه المناصب. حينما يتحدث شخص بقيمة أمين عام سابق للجامعة العربية، وقبلها وزير خارجية لدولة عربية كبيرة، فإن كلامه يجب أن يؤخذ بالاعتبار، لا التقليل منه وتصوير الأمر وكأنه يرغب في حدوثه، لا التحذير منه".
إقرأ أيضاً: عندما يتشبع العقل بلا وعي كما يُراد له
والذي أراه شخصياً، وربما غيري الكثير، أنه لا حديث عهد بالساحة السياسية، ولا كثير من جيل السوشل ميديا يدركون حجم الخطر طالما تحركهم عاطفتهم!
وللكل الحق فيما يراه، وإن كان نقد الكبار صعب المنال.