في السابع والعشرين من تشرين الأول (أكتوبر)، قال المرشد الأعلى للنظام الإيراني علي خامنئي: "حيثما لا يوجد أمن، يوجد الحقد".
ولكن ماذا يعني خامنئي بمفهومي "الأمن" و"الحقد"؟ إنَّ قادة النظام يظلون دائماً غامضين بشأن تعريف المصطلحات الأساسية التي يستخدمونها بانتظام. على سبيل المثال، في العقود الأربعة الماضية، لم يصرح الخميني أو خامنئي أو غيرهما من مسؤولي النظام بوضوح بتعريفاتهم لـ"الأمن" و"الحرية". ولكن للحصول على فكرة عن معناها، من المفيد فحص خطاب النظام حول "العقوبات".
لقد صاغ جهاز الدعاية للنظام وخامنئي نفسه مراراً وتكراراً الإجراءات الأميركية والأوروبية باعتبارها "عقوبات ضد الشعب الإيراني". ولكن هل من المنطقي أن تفرض الحكومات عقوبات على شعب دولة أخرى؟ في جميع أنحاء تاريخ العلاقات الدولية، أين توجد مثل هذه السابقة؟ إن هدف وأساس هذه العقوبات هو الأنشطة النووية للنظام - وليس الشعب الإيراني.
نظرة أقرب إلى "الأمن" و"الحقد"
دعونا نفحص أين يتماشى "الأمن" و"الحقد" مع معانيهما ووظائفهما الحقيقية في مجالات مختلفة وأين تم إفراغهما من المعنى واستخدامهما كأدوات للمصالح السياسية ومكاسب السلطة والسعي إلى الهيمنة.
1. الأمن
من وجهة نظر خامنئي، يشير "الأمن" إلى التطورات التي تضمن مكانة النظام والحفاظ عليه.
بالنسبة للجمهور الإيراني، يعني "الأمن" حالة تضمن الوظائف وسبل العيش والدخل وحرية المعتقد، اليوم وفي المستقبل.
بالنسبة للمعارضة، يعني "الأمن" القدرة على التجمع والتعبير بحرية عن المعتقدات وإجراء المناصرة والوصول إلى التعليم والنشر وانتقاد النظام ومحاسبته، مع حماية أنشطتهم قانونيًا وقانونيًا.
بالنسبة للسجين، يعني "الأمن" وجود محامٍ مستقل، والتمسك بمعتقداته دون تعذيب أو نفي، والحفاظ على الاتصال بالعائلة، والتحرر من الاعترافات القسرية، والإفراج عنه في نهاية عقوبته.
بالنسبة للمرأة، يعني "الأمن" الضمانات القانونية والشرعية للمشاركة في الشؤون السياسية والاقتصادية والثقافية والمهنية، فضلاً عن الاستقلال في اختيار أسلوب حياتها ومعتقداتها وملابسها.
بالنسبة للطالب، يعني "الأمن" أن والديه قادران على تحمل تكاليف الكتب واللوازم والملابس والطعام والاحتياجات التعليمية والترفيهية الأخرى، مع توفير التعليم المجاني حتى المدرسة الثانوية.
من منظور إنساني، يتضمن "الأمن" ضمان عدم تركيز الموارد السياسية والاقتصادية في أيدي النخبة الحاكمة بل استفادة جميع الفئات الاجتماعية والمهنية.
يركز مفهوم خامنئي عن "الأمن" على الحفاظ على السلطة وهيمنة النظام. في المقابل، يشير "الأمن" للطبقات الاجتماعية والمهن إلى ضرورة عامة لضمان البنية الأساسية للحياة البشرية والكرامة.
2. الحقد
بالنسبة لخامنئي، يستلزم "الحقد" رفض الخضوع لمعتقدات النظام وسياساته، وامتلاك أفكار مستقلة، وملاحقة أهداف تتعارض مع النظام. إن مساءلة المواطنين، وخاصة مراقبة المنظمات المستقلة للسيطرة المطلقة للنظام، هي في نظره "حقد".
من وجهة نظر الشعب، يصف "الحقد" وضعًا مفروضًا حيث تكون سبل عيشهم وظروف معيشتهم الطبيعية معرضة للخطر باستمرار من قبل السياسة والاقتصاد، مع تعرض معتقداتهم وحرياتهم للتهديد والقمع بشكل دائم.
من وجهة نظر أحد أعضاء المعارضة، فإن "الحقد" هو عندما تحرمهم السلطات من الحق القانوني في حرية الفكر والنشاط والمعارضة، بينما يواجهون باستمرار تهديد القمع والسجن وحتى الموت.
من وجهة نظر السجين، فإن "الحقد" هو عندما يُحرم من حق التمثيل القانوني المستقل، وحرية الإيمان بمبادئه المختارة، ولا يملك أي سبيل للعدالة ضد التعذيب والنفي والاعترافات القسرية تحت التهديد.
من وجهة نظر المرأة، فإن "الحقد" هو عندما يتم قمع هويتها الإنسانية واستقلالها الشخصي وحقها في الاختيار بحرية باستمرار من قبل الحكام وأيديولوجيتهم، بينما يتم انتهاك حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية تحت مبررات دينية وأيديولوجية.
من وجهة نظر الطالب، فإن "الحقد" هو عندما يشعر والديه بالخجل لعدم قدرتهم على تحمل تكاليف تعليمه، مما يجبره على ترك المدرسة، أو العمل كعامل أطفال، أو البحث عن الطعام من أجل البقاء، وكل ذلك في حين يطاردهم الاستغلال والإساءة وانعدام الآفاق.
من منظور إنساني، فإن "الحقد" هو عندما تمارس الطبقات النخبوية في المجالات السياسية والدينية سلطتها وثروتها وقدرتها على فرض التزامات سياسية وعسكرية لفرض إرادتها على المواطنين، مما يخلق القمع المنهجي والفساد والبؤس في المجتمع.
الخلاصة
إن الوضع المزري لحياة الناس وسبل عيشهم؛ والمعارضة المنفية والمسجونة والمعدومة؛ والنساء اللواتي يواجهن المضايقات الدينية والتمييز بين الجنسين المؤسسي؛ والطلاب المجبرين على ترك الدراسة، وعمال الأطفال، وأطفال الشوارع؛ والفرض المتعمد للتفاوت الطبقي والبطالة والتضخم والضائقة النفسية الواسعة النطاق - كلها مظاهر "حقد" النظام الهادف إلى ضمان "الأمن" لبقاء النظام.
والحقيقة هي أن معظم الإيرانيين يكافحون ضد النظام لتأمين "الأمن" الشامل والتخلص من "الحقد" الراسخ المضمن في معتقدات النظام وأيديولوجيته وبنيته. كما أدركوا أن النتيجة المرجوة لا يمكن تحقيقها إلا من خلال الإطاحة بمصدر هذا "الحقد".