: آخر تحديث

النرجسية في السياسة!

52
49
48
مواضيع ذات صلة

يُخطئ من يتصور أن العاملين في السلطات الحكومية والتشريعية حتى في الأنظمة الديموقراطية لا يعانون من النرجسية التي تحولت إلى ظاهرة سياسية بعد تطورها من اعتلال سلوكي لدى الافراد إلى اعتلال سياسي لا علاقة له بالتاريخ ولا الجغرافيا.

تعتبر النرجسية ظاهرة شاذة في السياسة ولكنها ذات انتشار واسع على مستوى القرار السياسي الاحادي وجاذبة إعلامياً. فأصحاب الفخامة والسعادة يسمعون صوتهم وليس صوت العقل ولا المنطق.. يرون أنفسهم ولا يرون غيرهم.. يستمتعون بسماع صدى أصواتهم في الإعلام وليس الرأي الأخر!

والنرجسية ظاهرة أخذة بالنمو والتطور منذ أزمنة في ميادين الحكم الأحادي أي حكم الفرد الواحد الذي لا يميز الفجوة بين الحاكم والشعب ولا يميز أيضاً بين التحديات الأنية والمستقبلية ودور الأنظمة الديمقراطية في ازدهار وتطور الدول والشعوب.

تشوهت أنظمة ديمقراطية، بدلا من تطورها ونموها بما يخدم الشعوب والدول تنموياً. فأنماط الاستبداد بالقرار السياسي باتت تأتي بحجج ودوافع شتى بعيدا عن كافة اشكال التضامن مع مصالح الشعوب والدور المطلوب للنهوض من أجل مستقبل هادف. فأصحاب القرار يتفننون بالاستبداد السياسي!

نرجسيون سياسيون يتكسبون من الأزمات بكافة أشكالها وألونها على حسابات وطنية وقومية، فهؤلاء طلقوا قواعد الحريات السياسية البسيطة واستبدلوها بالذات الانانية حتى لو نيران الفتنة تشتعل في الأوطان وتئن الشعوب من ضياع فرص الازدهار والتطور واستمرار الحرمان دون نهاية!

نجد أن النرجسية لها جماهير سياسية حاكمة تتناغم مع بعضها من حيث تبادل أدوار الاستبداد والقمع للحريات وافتعال الأزمات باسم الديمقراطية ودساتير معطلة لا قيمة فعلية لها بالمقارنة مع طبيعة التحديات التاريخية والحالية والواقع المزري الذي يشهده عالمنا العربي.

وتتجلى النرجسية في الحكم عند أصحاب القرار السياسي من أصحاب الخبرة الطويلة في الميدان العسكري والأمني. فإنتاج العنف غاية سياسية عندهم وتصديرها ضمن المحيط القريب والبعيد بغية ترهيب المجتمعات والشعوب عموما من المطالبة بالحقوق المدنية!

يمثل النرجسيون السياسيون دور المستمع الجيد للآراء والمقترحات، في حين الغاية من الاصغاء ليس التنفيذ بقدر التعرّف على ما يدور بالأذهان حتى يتم عسكرة القرار السياسي لتطويق الحريات والمشاريع الإصلاحية وهي في مهدها!

طاقة انانية جبارة تهيمن على عقول الساسة من عسكريين وغيرهم ليكونوا حاكمين وليس محكومين بدساتير وأنظمة ديمقراطية حتى يتم وأد الأصوات المناضلة من أجل الحريات المدنية واتمام فصل الحركة الثقافية والفكرية عن السياسة والإصلاح عموماً!

يسعى النرجسيون في السياسة إلى خلق حالة جماهيرية متحمسة نحو تبجيل أصحاب القرار السياسي الأناني للشعوب حتى لا تنحرف التطلعات الشعبية نحو العدالة الاجتماعية والاقتصادية.. غايتهم إغداق الأموال العامة على جوانب استهلاكية بغية تطبيق سياسية الإلهاء!

النرجسية في السياسة ظاهرة عربية بامتياز تهدف إلى تبرير الفوضى والاستبداد السياسي.. خطر يتلو الاخر على الدول والشعوب، في حين يتلذذ أصحاب الاستبداد السياسي في سيادة الفوضى بدلا من الاستقرار!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.