معركة الوعي في الأردن الهاشمي والأجواء الديمقراطية السائدة فيه قد أفرزتا مساحةً كاملةً للإنسان بشكل عام وللمرأة بشكل خاص، ويختلف نضالنا عن نضال المرأة في الأقطار الأخرى ومنها إيران على سبيل المثال؛ فنضال المرأة في الأردن نضالٌ تنموي يخطو للأمام بنجاح انطلاقاً من رشد القرار السياسي والاجتماعي في الأردن. ورغم محدودية الموارد الاقتصادية، إلا أنَّ المرأة والمجتمع الأردني بشكل عام قد حققا كل ما يمكن تحقيقه من خلال مشاركة الجميع البناءة في عملية البناء والتنمية والتطور الحضاري، وكذلك للمرأة العربية على اختلاف ظروفها حظوظ أوفر مقارنة بالمرأة الإيرانية التي تعاني الإعدامات والقمع التعسفي والاستبداد واضطهادها عنصرياً كامرأة حيث تتدنى نظرة النظام الحاكم إليها إلى حد الامتهان واستباحة الكرامة والدم وقتل أبنائها واستعبادهم خاصة الإناث منهم.
لكنَّ الملفت للانتباه أنَّ المرأة الإيرانية، رغم كل هذه الكوارث التي حلت بها في حقبتين دكتاتوريتين متعاقبتين، لم تخمد ولم تتراجع شعلة نضالها وسطرت أروع درجات البطولة والإقدام والتضحية بالنفس والإيثار، فنجد أنَّ عشرات الآلاف منهن قد نلن كرامة الشهادة على طريق الحرية، ولم تثنِ مقاصل الإعدامات عزيمتهن أو تُضعِف من حماستهن، بل على العكس من ذلك حيث أصبحن رائدات للمد الثوري والنضال من أجل حرية وديمقراطية ورفعة وطنهن ومجتمعهن، فهن اليوم قياديات بالأغلبية في أكبر وأقدم ائتلاف وطني إيراني، أي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وقياديات في أكبر وأقدم منظمة سياسية إيرانية، أي منظمة مجاهدي خلق، ومن غير المنصف أن نقارن نضال المرأة الأردنية بنضال المرأة الإيرانية لأننا بذلك نقارن من يناضلن تحت مظلة النعيم في الأردن بمن يناضلن في عمق الجحيم في إيران، وهذا هو ما يدفع حرائر الأردن والأمة العربية والعالم إلى مؤازرة المرأة في إيران والمقاومة الإيرانية من أجل حقوقها المشروعة، وكم يسعدنا ما حققته من نجاح وتقدم في مسيرتها النضالية التي فاقت كل التحديات لتكون قدوة وأُنموذجاً حياً للصمود والعطاء في الشرق الأوسط والعالم.
أن تناضل من أجل حقوقك فهذا سعيٌ نبيل، وأما أن تناضل وتنصهر وتفنى من أجل الغير والقيم الجميلة فهذا قمة الإيثار والنبل والجمال الذي نادراً ما يتوفر في البشر، وأن تناضل على هذا النحو عقوداً طوال ضد أعتى رجعية عرفها التاريخ المعاصر وفي وسط عالمٍ من التحديات وبلا حليف فهذا يستحق كل الإجلال والتقدير ووقوف كل أحرار العالم إلى جانبك، وهذا ما يتجلى في إحياء المقاومة الإيرانية ليوم المرأة العالمي كقيمة وفريضة سنوية ثابتة تحتضرها وتشاركها شخصيات نسوية عالمية مرموقة مؤمنة بحقوق المرأة أينما كانت ومقرة بشرعية نضال الشعب الإيراني؛ مؤمنة بوجود ومسيرة المرأة الإيرانية الرائدة نحو التغيير في إيران لتنطلق من خلالها واقتداءً بها نهضة المرأة الرائدة بالمنطقة والعالم.
لم يقتصر الدور الفاعل للمرأة الإيرانية على ما تقوم به المرأة القائدة في أشرف 3 أو المقاومة الإيرانية، بل امتد إلى داخل إيران من خلال نساء وحدات المقاومة اللائي كسرن حاجز الخوف لدى النساء في داخل إيران حتى أصبحن يقاومن النظام وأجهزته القمعية في صورٍ من أروع صور الصمود والتحدي وبشعارات ترفض أباطيل النظام الإيراني وادعاءاته بالدين عندما هتفن بشعار ماضون بثورتنا بحجاب وبلا حجاب رداً على ادعاء النظام ببطلان الثورة الإيرانية القائمة مُدعياً بأنها ثورة تتعارض مع الدين والقيم.
في إحياء يوم المرأة العالمي عندما جددت مريم رجوي ثباتها على قيمها ومبادئها وبرنامج المواد العشر الذي تتبناه جدد معها أحرار العالم موقفهم الثابت بالوقوف إلى جانب الشعب الإيراني في تطلعاته المشروعة نحو الحرية والديمقراطية، ونجدد نحن أبناء الأمة العربية ثباتنا على موقفنا المؤيد لنضال وتطلعات الشعب الإيراني بجميع مكوناته ليس إيماناً بشرعية حقوقهم ونضالهم فحسب بل لإيماننا بأن منطقتنا لن تستقر إلا بعد قيام إيران ديمقراطية وغير نووية بفعل نهضة المرأة الإيرانية الرائدة... إيران حرة ومعاصرة تقوم على مبادئ العدل والمساواة واحترام مبادئ حسن الجوار وحقوق الإنسان والقوانين والأعراف الدولية.. وبقيامها سينتهي عصر المزايدات والتدخلات السافرة في شؤون دول المنطقة ويعود الاستقرار والازدهار إليها.