: آخر تحديث

جلادو حماس أشد مضاضة

4
5
3

من أهم ما تنشده المجتمعات الأمن والاستقرار والعدل والمساواة، ويعد أمن المجتمع من أولويات أي سلطة قائمة. وقيام السلطة بتهديد أمن واستقرار المجتمع داخلياً وتعريضه للخطر خارجياً يضعها في موقف عداء وكراهية واستهجان، وصولاً إلى تفكك المجتمع وفتح باب الفتنة والاقتتال الداخلي.

ويشتكي سكان قطاع غزة من ظلم وبطش حركة حماس منذ تأسيسها وسيطرتها على القطاع حتى اليوم. وبطش حركة حماس بالشعب الفلسطيني شنيع وفضيع جداً ومتكرر، ويتصف بالسادية والشروع في الإبادة والإهانة والمساس بكرامة كل فلسطيني وعربي، وإحداث شرخ في العلاقة ما بين الفلسطينيين أنفسهم، وجراح لا يمكن برؤها.

وهنا يطرح تساؤل ملحّ: لماذا تدار وتعالج الشؤون المدنية في غزة بهذا الأسلوب؟ وأين دور النظام الأمني والقضائي في غزة؟ ومن المسؤول عن هذه الممارسات، وهل هؤلاء الجلادون مخولون رسمياً للقيام بها؟ وأين دور قيادات حماس في إيقاف مثل هذه الممارسات ومحاسبة مرتكبيها؟ ولماذا لا يصدر المتحدث الرسمي لحركة حماس بياناً توضيحياً حول هذه الممارسات للرأي العام الفلسطيني والعربي والعالمي؟

إقرأ أيضاً: العاشر من رمضان والجندي العربي

الحقيقة أنَّ ما يحدث من ممارسات من حماس في غزة لا يرضي أحداً، داخل البيت الفلسطيني وخارجه. وما نراه من إجرام وإهانة ومساس بالكرامة لا يتخيله عقل، ويشابه عمليات الميليشيات الشيعية ضد السنة في إيران والعراق وسوريا واليمن ولبنان.

ويقول صاحب المعلقة الشاعر طرفة بن العبد البكري:

وَظُلمُ ذَوي القُربى أَشَدُّ مَضاضَةً
عَلى المَرءِ مِن وَقعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ
فَذَرني وَخُلقي إِنَّني لَكَ شاكِرٌ
وَلَو حَلَّ بَيتي نائِياً عِندَ ضَرغَدِ

وقد يشكك البعض في هذا الأمر، لكن مع تسرب العديد من التسجيلات المرئية لبعض حالات العقاب الميداني، الذي أصبح علامة مميزة لجلادي حماس، انكشف بكل جلاء حجم هذه الممارسات الإجرامية السافرة.

حيث يقوم بعض مقاتليها بعمليات عقاب تقوم على السحل والضرب المبرح في كافة أجزاء الجسد من قبل عدة أشخاص، يليها إطلاق نار مباشر من أسلحة رشاشة على أجساد الفلسطينيين الذين يقعون في قبضتهم، بتهمة أو أخرى، ومن مسافة قريبة، خصوصاً في الأقدام والركب. وهذه الأسلحة لا تستعمل إلا في معارك حقيقية، ومحرم استخدامها ضد المدنيين حتى أثناء الحرب، فكيف تُستخدم كوسيلة عقاب وعذاب ضد مدنيين عزل؟

إقرأ أيضاً: يوم التأسيس السعودي: اعتزاز وتأمل

وبات الخوف من بطش وقمع حماس يقلق كل فلسطيني في غزة أكثر من القصف الإسرائيلي، وأصبح المدنيون في غزة تحت رحمة عصي ورصاص جلادي حماس. إن رؤية مثل هذه المشاهد الأليمة تثير في النفوس الكثير من الاشمئزاز، وتخلق المزيد من مشاعر الكراهية والقهر والغبن، وتزيد من الجروح الدامية في القلوب المحبة والمناصرة للشعب الفلسطيني.  

كيف لا؟

ونحن نشاهد فلسطينياً يعتدي على أخيه الفلسطيني، وينكل به أشد تنكيل، ويفعل به هذا الفعل الشنيع بحجة معاقبته على ارتكابه مخالفة أو جريمة موجبة للعقاب، من دون محاكمة، وبوسائل وطرق محرمة.

وإدانة أي شخص وتعريضه للعقاب يجب أن يتم على ضوء محاكمة عادلة وإجراءات من قبل المدعي العام، وبحضور محامٍ عنه، ووفق منظومة تشريعية وقضائية وقانونية، وأن يكون العقاب متناسباً مع الجريمة، ودافعه الاقتصاص والردع وإعادة الحقوق لأصحابها.

أما ما تقوم به حماس من بطش بلا وازع ديني أو ضوابط أخلاقية أو إجراءات نظامية، فهو يعدّ جريمة بحق الإنسانية قبل أن يكون بحق الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره.

ألم تتساءل حماس لماذا يقدم بعض الفلسطينيين على ارتكاب بعض الجرائم؟  

ألا تعلم أنها السبب الرئيسي في ذلك، بالإضافة إلى إسرائيل؟  

إقرأ أيضاً: الرياض والسلام العالمي

إنَّ حماس مسؤولة عن وصول سكان غزة إلى هذا الوضع المعيشي الذي أجبر بعضهم على ارتكاب بعض جرائم السرقة بسبب الجوع وقلة ما في اليد.  

لقد مرغت حماس كرامة الشعب الفلسطيني في التراب، وعرضته لكافة أنواع العذاب والدمار، حتى وجد سكان غزة أنفسهم منبوذين في العراء بلا مسكن أو مأوى، وبلا طعام وشراب، بسبب حماقتها وتبعيتها لإيران، وإصرارها على السير بهم في نفق مجهول، خارجاً عن دائرة الإجماع العربي الذي يسعى لإيقاف المخططات الإسرائيلية والإيرانية، التي لا تريد بفلسطين وأهلها خيراً، بل تسعى إلى تهجيرهم، بينما يسعى العرب إلى حفظ كرامة الشعب الفلسطيني وإعادة إعمار ما دمرته حماس وإسرائيل في غزة.  

وحركة حماس تدّعي أنها حركة إسلامية، ومع ذلك لم تطبق الشرع الإسلامي في مثل هذه القضايا، وهذا تناقض بين المسمى والممارسة. والأولى أن تكون ممارساتها أكثر إنسانية، وأكثر شفقة ورحمة بالعباد.  

لقد ابتعدت حماس كثيراً عن تطبيق تعاليم الإسلام حتى في العفو والتجاوز، وكان من المفترض أن تقتدي بالخليفة عمر بن الخطاب (الفاروق) رضي الله عنه، حين أوقف تطبيق حد السرقة في عام الرمادة 18هـ، تقديراً لما يمر به الناس من قحط وفاقة، وليس تعطيلًا لشرع الله، وهو خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم).  

إقرأ أيضاً: يبقى الأردن عزيزاً ملكاً وشعباً

وهذه الممارسات جريمة تُضاف إلى سجل جرائم حركة حماس، ومن أكبر جرائمها التسبب في تدمير قطاع غزة، واحتمائها بسكانه وتعريضهم للخطر. وهذا السلاح الذي تعتبره حركة حماس "خطاً أحمر"، استخدم ضد الشعب الفلسطيني وأُهدرت به كرامته.  

وقبل ذلك، تسببت في هدم مساكنه، وقتله، وتشريده، وجلب الشر والمآسي له، بحجة محاربة إسرائيل وتحرير القدس والأرض الفلسطينية المحتلة.  

ونحن جميعاً مع حق الشعب الفلسطيني في استرداد حقوقه المشروعة، لكن من المؤسف أن جزءاً من ضياع هذا الحق، سواء الوجودي أو المدني، وقع على يد بعض الفصائل الفلسطينية.

ولذلك أصبح من الضروري أن يتمتع سكان قطاع غزة بإدارة مدنية تحفظ كافة حقوقهم، وتتعاطى مع قضاياهم ومشكلاتهم بطريقة مدنية مؤسسية، مع زيادة صلاحياتها في القطاع للقيام بالدور المطلوب منها، وأن يعاد إعمار غزة، وتعود إلى الحضن العربي.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف