عثمان بن حمد أباالخيل
التسامح لغة السعادة، وطوق النجاة من الغرق في طوفان المشاكل والأحقاد والعداوات. التسامح ميزة الذين يتملكون مشاعرهم ويضبطون أنفسهم في المواقف الصعبة التي تستوجب التحلي بالصبر والحكمة. التسامح يعزز من الروابط الاجتماعية ويضفي طابعاً من التفاهم والاحترام المتبادل بين الناس، مما يساهم في بناء علاقات إنسانية قوية تاجها المحبة والاحترام.
يخطئ وما أكثر الذين يخطئون حين يظنون أن التسامح مذله ومهانة ليتهم يدركون ويعرفون أن التسامح نابع من صفاء القلوب. التسامح ليس تنازلا من ضعف أو خوف هو صادر عن قوة إرادة وعزيمة صادقة في الانتصار على النفس، قال تعالى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (النور:22). فإن ذلك كله من شأنه ترسيخ دعائم الأمن والأمان في المجتمع.
نحن بحاجة إلى معرفة ثقافة التسامح التي تنهل من تعاليم الإسلام الحنيف. للتسامح صور كثيرة ومنها التسامح الديني، وثقافة التسامح الفكري، وثقافة التسامح الاجتماعي، وثقافة التسامح السياسي، وثقافة التسامح العرقي، وما يهمنا في هذا المقال هو التسامح بين الناس التسامح الاجتماعي، وحين يغيب التسامح تزداد المشاحنات والتراكمات التي تتسبب المشاعر السلبية، والتي تؤثر على العلاقة مع الآخرين، مرة أخري التسامح يساعد الإنسان على التخلص من المشاعر السلبية، ويعطي الثقة بالنفس ويقدر ذاته وينعكس عليه الشعور بالسعادة ومن لا يعشق السعادة. تدمع عيني وتزداد دقات قلبي حين أتذكر نحن الناس لسنا خالدين في هذه الدنيا وإنما راحلون، فسامح وافتح قلبك لمحبة الاخرين،وتذكر دائما أن تدخل الهواء النقي إلى رئتك المفعم بالتسامح. (احذر من رجل ضربته ولم يرد لك الضربة فهو لن يسامحك ولن يدعك تسامح نفسك) ورد برنارد شو. أبدًا لا تنتظر الضربة، بل قدم وردة حمراء عنوانها المحبة والتسامح.
لا شك أن التسامح ونسيان الإساءة والذكريات المؤلمة يجلب فوائد صحية للإنسان هذه حقيقية يعيشها أصحاب القلوب البيضاء، أنها دعوة للجميع أن التسامح الحقيقي تتجلى الضرورة الملحة لتعليمه للأجيال الناشئة وتربيتهم على التحلي به خاصة في مراحل الطفولة الأولى والحمد لله، هذا نهجه الكثير في مجتمعنا ونطلب المزيد من غرس مفهوم ثقافة التسامح.
حقيقة من (فولتير) بقوله: وما هو التسامح، إنه نتيجة ملازمة لكينونتنا البشرية. إننا جميعاً من نتاج الضعف. كلنا هشون وميالون للخطأ. لذا دعونا نسامح بعضنا ونتسامح مع جنون بعضنا بشكل متبادل. وذلك هو المبدأ الأول لقانون الطبيعة. رمضان شهر الخير والبركات، والعفو والتسامح والتصالح انها فرصة سانحة لأولئك المترددين في التسامح، افتح قلبك وصفي النية وسامح حتما سوف تشعر بالسعادة حين تؤدي إحدى أركان الإسلام بصدر منشرح.
(اذهبوا فأنتم الطلقاء) هذه أعظم وثيقة للتسامح أطلقها رسول الله «صلى الله عليه وسلم» يوم فتح مكة، حينما ملك أمر من طردوه وآذوه واتهموه باتهامات باطلة ما أنزل الله بها من سلطان وضيقوا الخناق على كل أتباعه ومناصريه، وبرغم كل ذلك لم يفكر رسولنا الكريم في الانتقام أو الثأر منهم أو حتى رد الإساءة بالإساءة.