في خطوة استندت إلى دعوى "تزوير" تقدم بها أحد النواب، اتخذت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، أعلى سلطة قضائية في البلاد، أمس الثلاثاء قرارا بإنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، أبرز سياسي سني عراقي.
وجاء في البيان الذي نشر على الموقع الرسمي للمحكمة أنها "قررت إنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد ريكان الحلبوسي اعتبارا من تاريخ صدور الحكم في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2023". كما اتخذت المحكمة قرارا مماثلا بحق النائب ليث مصطفى حمود الدليمي الذي أقام الدعوى عليه، وفقا للبيان.
وكان الدليمي قد اتهم الحلبوسي بـ"تزوير" تأريخ طلب استقالة باسمه قُدِّمَ سابقا، بهدف طرده من المؤسسة التشريعية.
والدليمي، وهو أصلا نائب سني كان ينتمي إلى حزب "تقدم" الذي يتزعمه الحلبوسي، اتهم رئيس البرلمان في بيان بإنهاء عضويته كنائب في كانون الثاني/يناير عبر "أمر نيابي غير قانوني".
في المقابل، وصف الحلبوسي قرار المحكمة بـ"الغريب" وقال إنه سيسعى لاستيضاحه.
يشار إلى ان الحلبوسي خرج من القاعة فور سماعه أنباء عن قرار المحكمة قبل أن يعلن افتتاح الجلسة البرلمانية العادية بعيد اجتماع النواب.
كان الحلبوسي يقضي فترة ولايته الثانية رئيسا للبرلمان، وهو المنصب الذي تولاه لأول مرة في عام 2018.
ويعد هذا المنصب الأعلى الذي يمكن أن يتقلده مسلم سني، وفق النظام السياسي العراقي الذي تأسس بعد الحرب في عام 2003.
ويتولى نائب رئيس البرلمان، محسن المندلاوي، وهو شيعي، رئاسة البرلمان مؤقتا، لحين انتخاب رئيس جديد.
استقالة ثلاثة وزراء
ساعات بعد قرار المحكمة، بإقالة رئيس مجلس النواب، أعلن ثلاثة وزراء في الحكومة عن استقالتهم احتجاجا على هذه الخطوة وفق ما أعلن الحزب الذي ينتمون إليه.
وأفاد حزب "تقدم" السني في بيان انه يرى في قرار المحكمة الاتحادية العليا بإنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي "خرقا دستوريا صارخا واستهدافا سياسيا واضحا".
وأعلن مقاطعة جلسات ائتلاف ادارة الدولة، واستقالة ممثلي الحزب في الحكومة الاتحادية. وهم نائب رئيس مجلس الوزراء وزير التخطيط د. محمد علي تميم ووزير الصناعة والمعادن د. خالد بتال النجم، ووزير الثقافة والسياحة والآثار د. أحمد فكاك البدراني.
كما أعلن الحزب في بيانه استقالة ممثلي الحزب من رئاسة ونواب رؤساء اللجان النيابية، بالإضافة للمقاطعة السياسية لأعضاء الحزب مجلس النواب عن حضور الجلسات.
بيان حزب تقدم عقب إقالة الحلوسي
هيمنة شيعية
ويشكل حكم المحكمة العليا تطورا آخر في العراق الذي يشهد اضطرابات سياسية، حيث تؤدي الانقسامات الداخلية إلى تشكيل وكسر التحالفات بين الأحزاب الرئيسية وزعماء التحالفات السياسية.
غالبا ما تكون الانتخابات وتعيين المسؤولين في أعلى المناصب في الدولة عمليات شاقة يمكن أن تستمر عدة أشهر، وتعقدها مفاوضات لا نهاية لها مع صعوبة كبيرة في التوصل إلى اتفاقات.
ويهيمن على البرلمان الذي يضم 329 نائبا حاليا ائتلاف من الأحزاب الشيعية الموالية لإيران، وحتى داخل هذا التحالف توجد انشقاقات.
ومع انتخاب 37 نائبا من حزب تقدم خلال الانتخابات التشريعية لعام 2021، تولى الحلبوسي زعامة ائتلاف سني كبير داخل البرلمان، قبل حدوث انشقاقات في معسكره.