في ظل الأزمة الإنسانية الخطيرة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ونتيجة العدوان الإسرائيلي الهمجي والمستمر منذ أكثر من شهر، استجابت المملكة العربية السعودية لنداءات الأشقاء والأصدقاء، ودعت إلى عقد قمة عربية إسلامية طارئة في الرياض، لبحث سبل وقف العنف والدمار، ودعم الجهود الدولية لإيجاد حل سياسي عادل وشامل للقضية الفلسطينية. وقد شارك في هذه القمة، قادة وممثلون عن 57 دولة عضو في منظمة التعاون الإسلامي، و22 دولة عضو في جامعة الدول العربية، إلى جانب ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمات إقليمية ودولية أخرى.
البيان الختامي جاء مختلفا هذه المرة على غير عادته التي اعتدنا ان نراها ونسمعها، وربما يكون تجاهل المجتمع الدولي لقضية فلسطين والصمت الذي يخيم في مجلس الامن والأمم المتحدة، وعدم قدرتها على اتخاذ أي قرار يعاقب فيها إسرائيل، حمل البيان موقف موحد ومتضامن من قبل الدول العربية والإسلامية مع الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الإسرائيلي، ويؤكد على الالتزام بالحل السياسي القائم على حل الدولتين ومبادرة السلام العربية، ويدعو إلى تحرك دولي فاعل لوقف العنف والدمار وفرض القانون الدولي، كما حمل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن تصعيد الصراع وتعطيل السلام، ويدين جرائمها وانتهاكاتها وسياساتها الاستيطانية والتهويدية والأحادية، وطالب بمحاسبتها وفرض عقوبات عليها، وحذر من التداعيات الخطيرة لاستمرار عدوانها على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
قمة الرياض ابرزت دور مصر في التوسط والوساطة لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، يدعم جهودها ومبادراتها في هذا الصدد، واشادت القمة بتضحيات المقاومة التي يبذلها الشعب الفلسطيني وفصائله المختلفة في الدفاع عن حقوقه وكرامته. وعكس البيان الإحباط والاستياء من عجز مجلس الأمن عن اتخاذ أي إجراء فعال لحماية الشعب الفلسطيني ووقف العدوان الإسرائيلي، وانتقد المواقف المتحيزة والمتساهلة لبعض الدول الكبرى مع إسرائيل، ودعا إلى تفعيل دور الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في حل القضية الفلسطينية وفرض السلام العادل والشامل. بيان القمة العربية والإسلامية الاستثنائية ادانت بشدة العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشريف، واعتبرته جرائم حرب ومجازر همجية تخالف القانون الدولي والإنساني، وطالبت بوقفه فورا ومحاسبة مرتكبيه. كما أكدت على مركزية القضية الفلسطينية، ووقوفها بكل طاقاتها وإمكاناتها إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله وكفاحه المشروعين لتحرير أراضيه المحتلة كافة، وتلبية جميع حقوقه غير القابلة للتصرف، وخصوصا حقه في الحرية والدولة المستقلة.
رأت القمة أن السلام العادل والدائم والشامل الذي يشكل خيارا استراتيجيا هو السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة وحمايتها من دوامات العنف والحروب، وأن هذا لن يتحقق من دون إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين.
من المهم على امانة منظمة التضامن الإسلامي وجامعة الدول العربية، تكثيف جهودها لفضح اعمال وممارسات الكيان الصهيوني، وأيضا دورها في تصفية القضية الفلسطينية، وهذا يتطلب تنفيذ ما جاء في البيان من مواقف ومطالب وتوصيات، والعمل على تحويلها إلى إجراءات ومبادرات ومشاريع ملموسة وفعالة، تحقق الأهداف المرجوة منها، وتعزز التضامن والتعاون والتكامل بين الدول العربية والإسلامية، وتدعم الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وتحرير أراضيه وتحقيق حقوقه.فضلا عن متابعة ومراقبة تطورات الوضع في فلسطين والمنطقة، والتنسيق والتشاور بين الدول العربية والإسلامية، والتواصل والحوار مع الدول والمنظمات والفاعلين الدوليين، للضغط على إسرائيل لوقف عدوانها والالتزام بالقانون الدولي والمرجعيات السلمية، وللتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في الحرية والدولة المستقلة، مع تقديم الدعم السياسي والمالي والإنساني والإعلامي للشعب الفلسطيني، وتعزيز قدراته ومقاومته وصموده، وتخفيف معاناته ومأساته، وتحسين ظروفه المعيشية والصحية والتعليمية، وتمكينه من تحقيق التنمية والازدهار. واهمية توحيد الصف الفلسطيني وإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية، وتعزيز الشرعية الفلسطينية والمؤسسات الوطنية والقيادة الفلسطينية، وتفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية، وتمثيل جميع مكونات الشعب الفلسطيني وتحقيق مصالحه العليا.وضرورة تعزيز الوعي والتضامن والتعاطف مع القضية الفلسطينية في الرأي العام العربي والإسلامي والدولي، ومواجهة الحملات الإسرائيلية والصهيونية والمؤيدة لها، التي تحاول تشويه صورة الشعب الفلسطيني ونضاله وحقوقه، وتبرير جرائم الاحتلال وانتهاكاته وسياساته.
امام العرب وإسرائيل طريق شائك، والمتضرر الوحيد منها الشعب الفلسطيني، حيث تقتل نساءه واطفاله وكبار السن، وتهدم منازلهم ويتأخر حلم وطن آمن، وهنا من الضروري توحيد الصف الفلسطيني وانهاء الانقسام. فحجم الخسائر التي لحقت بغزة لا تقل عن 10 مليارات دولار وهي اعلى من كلفة اعادة الاعمار في 2014 التي بلغت نحو خمس مليارات و500 مليون دولار، وعلاقة إسرائيل مع بعض الدول العربية والإسلامية تمر باختبار صعب، ومتى ما ارادت إسرائيل ان تكون جار يحترم القوانين والأعراف الدولية.. كلما تقدن نحو الامام وتحقيق تنمية شاملة، والا سيبقى عضو غير مرغوب فيه في المنطقة ويبقى منبوذ وغير مرحب به، وفي كثير من المرات الشعوب تموت، حينما تبقى وحيدة، مهما بطشت بجيرانها، فهي تشعر بالهزيمة الاجتماعية. القمة الاستثنائية في الرياض، أرسلت رسالة قوية الى الكيان الإسرائيلي حول وحدة العرب والمسلمين حينما يكون الموضوع يتعلق بفلسطين.