: آخر تحديث
حرارة الأرض تعيق جهود مكافحة الحشرات والطفيليات وتهدد الأمن الغذائي

"توتا أبسولوتا" تفتك بمحاصيل الطماطم في المغرب

2
2
2

إيلاف من الرباط: مع حلول فصل الصيف، ألحقت حشرة "توتا أبسولوتا"، المعروفة باسم "حفّارة الطماطم"، خسائر جسيمة بالمحاصيل الزراعية في المغرب، وصلت في بعض المناطق إلى 35% من الإنتاج، ما دفع السلطات والباحثين إلى تكثيف جهودهم لاعتماد وسائل مقاومة مبتكرة بعد تراجع فعالية المبيدات التقليدية.

وتُعد هذه الحشرة، الوافدة من أميركا الجنوبية، أحد أخطر الآفات التي تواجه الزراعة المغربية، خصوصًا في ظل قدرتها على تطوير مقاومة سريعة للمواد الكيميائية، وانتشارها الواسع بفعل ارتفاع درجات الحرارة وتغير الفصول.
ولمواجهة هذا التهديد، تبنّى المغرب، بحسب بيان لوزارة الفلاحة، مقاربة متكاملة لمكافحة حشرة "توتا أبسولوتا"، ترتكز على الرصد المبكر، واستعمال المصائد الفيرمونية، وتناوب المحاصيل، والمعالجة الموضعية. كما تم توسيع شبكة الإنذار الزراعي لتشمل متابعة دقيقة لتكاثر الآفات، وتفعيل التدخلات الوقائية.
كما باشرت مصالح وزارة الفلاحة، خاصة في منطقة سوس (وسط المغرب)، اعتماد "تقنية الحشرة العقيمة" ضد ذبابة الفاكهة المتوسطية، عبر إطلاق ملايين الذكور المعقّمة للحد من تكاثر الحشرة طبيعيًا. ويُنتظر تعميم هذه التقنية لاحقًا لمكافحة حشرات أخرى، مثل "توتا أبسولوتا"، إذا أثبتت فعاليتها التقنية والاقتصادية.

البدائل البيولوجية تكسب أرضًا جديدة
وبحسب الوزارة، يجري التوسّع تدريجيًا في استعمال تقنيات المكافحة البيولوجية، من خلال توظيف كائنات حية مفترسة أو بكتيريا طبيعية كـ Bacillus thuringiensis، بالإضافة إلى استعمال الحشرة النافعة Macrolophus pygmaeus للقضاء على البيوض واليرقات. وتُزرع "أشرطة زهرية" في بعض الحقول لجذب هذه المفترسات الطبيعية وتحفيز توازن بيئي ذاتي.
غير أن هذه الأساليب، رغم أنها صديقة للبيئة،لاتزال محدودة الانتشار نتيجة كلفتها العالية، وضعف التكوين التقني لدى عدد من المنتجين، ما يستدعي تعزيز الدعم الحكومي وتوسيع برامج التأطير الفلاحي.

مناخ متغير وآفات جديدة
لا تتوقف التحديات عند الآفات المعروفة، إذ مع تصاعد تأثير التغير المناخي،. رصدت مصالح وزارة الفلاحة، بداية ظهور أنواع جديدة من الحشرات والطفيليات في مناطق لم تكن بها من قبل، ما يعقد مهمة المراقبة والاحتواء. كما أن قلة التساقطات المطرية واستمرار فترات الجفاف لأطول مدة، يُضعف مناعة النباتات، ويفتح المجال أمام انتشار غير مسبوق للآفات.

البحث العلمي في الواجهة
يراهن المغرب على المعهد الوطني للبحث الزراعي (INRA) لتطوير حلول مبتكرة، تجمع بين مقاومة فعالة وحماية بيئية. ويعمل المعهد على إرساء منصات ميدانية للتجريب والتكوين، من أجل توعية الفلاحين بالبدائل الحديثة وتكييف تقنيات الإنتاج مع المعطيات المناخية والبيئية المستجدة.

الأمن الغذائي على المحك
ومع اعتماد المغرب بشكل كبير على صادراته الفلاحية، وعلى رأسها الطماطم والحوامض، تبرز حماية الإنتاج الزراعي من الآفات باعتبارها أولوية وطنية. ويرى خبراء أن المضي نحو تعميم المكافحة البيولوجية، وتنويع الزراعة، وتحسين البذور، هو السبيل لضمان أمن غذائي مستدام في مواجهة تقلبات البيئة والسوق معًا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.