من المستبعد أن يطل سيد البيت الأبيض على المنطقة الشهر المقبل الا وفي جعبته اتفاق إطار، على الاقل، مع ايران.
لا مكان في قاموس السياسة الاميركية للصدف. والزيارة التاريخية للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية الشهر المقبل تتزامن في توقيتها مع انتهاء مهلة الشهرين التي منحتها الإدارة الأميركية لإيران للتوصل إلى اتفاق حول ملفها النووي.
تدرك واشنطن نقاط القوة والضعف لدى طهران، وتعي جيدا ان الهدف الاساس بالنسبة لطهران هو المحافظة على ديمومة النظام، وتنفيس الاحتقان الداخلي الناجم عن الاوضاع الاقتصادية والمعيشية الخانقة التي خلفتها العقوبات.
وفي مكان ما، ربما تقدر واشنطن التنازلات الاستراتيجية الكبرى التي قدمتها طهران، قسرا او طوعا، وفي طليعتها تفكيك وحدة الساحات وتقييد الفصائل الموالية في لبنان والاراضي الفلسطينية واليمن او العراق.
في المقابل، تدرك طهران نقاط الحاجة، ومكامن الاغراء لدى الادارة الاميركية. وتعي تماما ان اي تحرك داخلي لن يكون بعيدا عن الدعم الخارجي. وعندما تعلن ايران ان المرشد علي خامنئي يحرم امتلاك السلاح النووي، فذاك جواب واضح لمطالب واشنطن التي ردت معتبرة على لسان مبعوثها الرئاسي ستيف ويتكوف ان من حق طهران امتلاك الطاقة النووية السلمية.
بعد جولتين ناجحتين من المفاوضات في مسقط وروما، اعتبر وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي ان ما كان مستحيلا اصبح الان اقرب الى التحقق.
لا احد يعلم ماذا يدور على طاولة التفاوض، بيد ان المواقف المتفائلة تشي بان "ارضية بناء الثقة تجمع "محور الشر" كما كانت تطلق واشنطن على ايران، و"الشيطان الاكبر" كما سبق للقيادة الايرانية ان وصفت الولايات المتحدة. وتترشح معلومات عن ملامسة ايران في تنازلاتها حد القيام بعمليات تجميلية للنظام!
على ايقاع المتغيرات المتسارعة التي تشكل النظام العالمي الجديد، تمضي المفاوضات الايرانية الاميركية بثبات، فيما الحرب التجارية الكونية التي اطلقها سيد البيت الابيض ضد الصين تفرض خارطة تحالفات بحجم التحديات، والادارة الاميركية بحاجة اليوم الى حلفاء لا اعداء. خاصة اذا كان مشروع حليف الغد يملك النفط والغاز والمعادن والقوة البشرية فضلا عن موقعه الذي يشكل همزة وصل وفصل لمشروع مبادرة الحزام والطريق الصينية!
الان، المنطقة وربما العالم تحت تأثير "تسونامي" المفاجآت، وثمة من يرى ان التفاهم الاميركي الايراني ليس وليد الساعة. بل ان ود المصالح المتبادلة خرج من كواليس الغرف المظلمة الى حيز الاجهار. حتى ان البعض يتوقع تطور التعاون بين واشنطن وطهران لتصل مرحلة احياء الشاهنشاهية.. ولكن بثوب اسلامي مجمّل!