لندن : أثارت الفوضى التي اجتاحت نادي تشلسي الإنكليزي في أعقاب العقوبات المفروضة على مالكه الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش، جدلاً جديداً حيال مصادر الأموال التي تغذّي أغنى الدوريات في أوروبا.
جُمّدت أصول النادي الإنكليزي بعد استهداف أبراموفيتش من قبل الحكومة البريطانية في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، وبالتالي بات محظوراً من الاستفادة مالياً من مبيعات التذاكر والسلع التجارية.
سيُسدل البيع العاجل لبطل أوروبا الستار قريباً على 19 عاماً من النجاح المتواصل تقريباً تحت قيادة مالكه البالغ من العمر 55 عامًا، والذي كان شاهداً على خمسة ألقاب في الدوري الإنكليزي الممتاز ولقبين في دوري أبطال أوروبا.
كانت المباراة الأولى لتشلسي على أرضه منذ فرض العقوبات أمام نيوكاسل الذي أصبح نموذج ملكيته أيضاً في دائرة الضوء، بعد استحواذ مثير للجدل عليه في تشرين الأول/أكتوبر الماضي من قبل تحالف بقيادة صندوق الاستثمارات السعودي.
وأثارت منظمة العفو الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان مخاوف حيال عملية الشراء قائلة إنها محاولة "تبييض رياضي" للسجل الحقوقي للمملكة الخليجية.
وفي انعكاس للتركيز المكثف على القضايا خارج الملعب، اضطر مدرب نيوكاسل إيدي هاو إلى الرد على أسئلة بعد مباراة تشلسي، بشأن عشرات الإعدامات في السعودية بدلاً من الحديث عن مجريات المباراة.
ويأمل نيوكاسل في أن يسير على خطى مانشستر سيتي المملوك إماراتياً، والذي أصبح القوة المهيمنة في البريميرليغ على مدار العقد الماضي على خلفية استثمارات ضخمة.
ورغم ذلك، فإن قرار الإمارات بالامتناع عن التصويت على قرار لمجلس الأمن الدولي يدين الغزو الروسي على أوكرانيا والاجتماع الأخير بين مالك النادي الشيخ منصور بن زايد آل نهيان والرئيس السوري بشار الأسد حليف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أدّى إلى تجديد التركيز على سيتي.
وقال النائب عن حزب العمال البريطاني المعارض كريس براينت، إنه سيكون "من الجيد رؤية رحيل" الشيخ منصور كمالك للنادي، وسط انتقاد الحكومة لقاءه مع الأسد قائلة إنه يقوّض احتمالات تحقيق سلام دائم في سوريا.
قال خبير الأعمال الرياضية سايمون تشادويك لوكالة فرانس برس إنه رغم القلق حيال مصادر تمويل أندية الدوري الإنكليزي الممتاز، من الصعب توقع تغيير ذي مغزى على المدى القصير، حيث يصطف المليارديرات من جميع أنحاء العالم لشراء تشلسي.
وأوضح الأستاذ المتخصص في الرياضة في جامعة "إمليون" لإدارة الأعمال أنه "يمكن لكرة القدم الأوروبية أن تفطم نفسها من أموال روسيا والصين والسعودية، لكن ماذا تبقى؟ إذا غادروا، من يحل محلهم؟".
وتابع "إذا أخذنا مثال تشلسي، فإن أحد الخيارات لاستبدال الروسي (أبراموفيتش) هو كونسورتيوم من مليارديرين أميركي وسويسري، لذلك بالنسبة لمشجعي كرة القدم البريطانيين، فإن الوضع لن يتغير".
نقطة تحول؟
وتقر الحكومة البريطانية بالحاجة إلى إجراء تعديل، ونشر مراجعة بقيادة المشجعين لحوكمة الرياضة في تشرين الثاني/نوفمبر.
وتشمل التوصيات إنشاء هيئة تنظيمية مستقلة جديدة لكرة القدم الإنكليزية واختبارات للمالكين والمديرين الجدد لضمان "أوصياء جيدين فقط" يمكنهم إدارة الأندية.
قال الرئيس التنفيذي لرابطة الدوري ريتشارد ماسترز في وقت سابق من الشهر الحالي، إن اختبار مالكي ومديري الأندية في الدوري يخضع للمراجعة، وسط مطالبة من وزير الرياضة نايجل هادلستون بأنه يجب أن يكون "أكثر قوة".
وقال هادلستون أمام لجنة من المشرعين الأسبوع الماضي إنه يعتقد أن اللعبة الإنكليزية عند "نقطة تحول".
وأضاف أن "المراجعة التي يقودها المشجعون مهمة بشكل محوري"، مع ترقب رد الحكومة الكامل في الأسابيع المقبلة، مؤكداً "نحن ندرك أن هناك إخفاقات في هيكل وحوكمة كرة القدم الإنكليزية".
هذه الأسئلة حيال نماذج الملكية والرعاية ليست مسألة فريدة للدوري الممتاز.
فيقترب نادي باريس سان جرمان المملوك قطرياً من تحقيق لقبه الثامن في الدوري الفرنسي خلال عشر سنوات، في حين تعرض الاتحاد الإسباني لكرة القدم لانتقادات بسبب نقله للكأس السوبر إلى السعودية.
وفي ألمانيا، قطع نادي شالكه العلاقات مع عملاق الغاز الروسي "غازبروم" المملوكة من الدولة، غير أن بايرن ميونيخ التزم باتفاق رعاية مع قطر رغم انتفاضة المشجعين التي عطلت الاجتماع العام السنوي للنادي في تشرين الأول/نوفمبر.
تتعرض الأندية ورابطة الدوري الإنكليزي الممتاز لانتقادات بسبب إهمالها على ما يبدو في طرح أسئلة بحثية حيال مصدر أموالها في رحلة البحث عن الألقاب في صناعة ذات منافسة شديدة.