: آخر تحديث

نيجيرفان برزانى الرئيس المقبل للعراق

60
62
43

بات من المؤكد ان مرحلة ما بعد الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن وانسحاب القوات القتالية تختلف عن مرحلة ما قبله، وذلك بدليل عدة مؤشرات امريكية على الساحة السياسية للعراق واقليم كردستان، واولى المؤشرات ان رئيس الاقليم نيجيرفان برزاني بدأ يعد نفسه ليكون الرئيس المقبل للعراق بضوء اخضر امريكي وفرنسي وايراني وتركي، وكذلك بدأ قوباد طالباني نائب رئيس الحكومة يعد نفسه رئيسا للاقليم لتعويض الاتحاد الوطني الكردستاني عن حقه بمنصب رئاسة العراق.

وتدل القراءات ان خطة تهيئة نيجيرفان لرئاسة الجمهورية وقوباد لرئاسة الاقليم، هي من اعداد الرئيس المخضرم مسعود برزاني بالتنسيق مع جهات كردية وعراقية واقليمية ودولية خاصة فرنسا، والسبب في ذلك يعود للفصل الحاسم بين قطبين قويين داخل حزب البرزاني الاول بقيادة نيجيرفان والثاني بقيادة مسرور برزاني.

واكثر الانطباعات السياسية العراقية والاقليمية والدولية تشير الى اعادة ترشيح مصطفى الكاظمي رئيسا للوزراء بعد الانتخابات النيابية، وذلك بدعم امريكي وسعودي وايراني، لان الكاظمي المحسوب على الشيعة حقق بعض النجاح على الساحتين الاقليمية والدولية لقيادة العراق في المرحلة الراهنة، وبالنتيجة هو يبدو مقبولا لقيادة البلاد في المرحلة المقبلة، ويبدو ان الولايات المتحدة قد ارسلت اولى علاماتها بالموافقة من خلال زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بغداد لنقل الاشارة، وذلك بالتوازي لتسليم رئاسة الجمهورية الى البرزاني، ومشاهد واجراءات وبرامج الزيارة التي اعدت للرئيس ماكرون في بغداد واربيل، كان الغرض منها اظهار الدعم الدولي للكاظمي والبرزاني، وذلك لتحقيق السيناريو المعد لترشيح الاول لرئاسة الحكومة وترشيح الثاني لرئاسة العراق.

ورغم ان زيارة الرئيس ماكرون الى عاصمة الاقليم رتبت بمظاهر بروتوكولية رسمية وشخصية بمستوى عالي، الا ان اربيل كانت محطة عابرة لان الزيارة بالاساس كانت دينية للتعرف على احوال المسيحيين في الموصل بنسبة اعلى واحوال الايزيديين بنسبة اقل، ولكن بعد العودة من نينوى ابدى الرئيس الفرنسي اهتماما شخصيا غير عادي بالرؤساء من العائلة البرزانية بينما الاهتمام ببقية الشخصيات كان بمستوى الدرجة الثانية، حتى ان الرئيس الفرنسي بدى في بعض اللحظات وكأنه الناطق الرسمي باسم مسعود برزاني وحزبه وعائلته، واهتمامه برئيس الاقليم نيجيرفان برزاني قد برز بمستوى عالي من الاهتمام بدرجة كبيرة وكأن البرزاني رئيس على مستوى دولة وليس على مستوى اقليم.

وضمن هذا السياق، وعندما نلج في حالة الرئاسة العراقية نجد ان ما يؤخذ على رئيس العراق عدم التمكن من عمل شيء للبلد على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والاصلاحي، وعدم القدرة على كسب ود الدول الاقتصادية للاستثمار في البلاد، وكذلك عدم القدرة على جلب المال الخليجي للاستثمار في العراق، وايضا عدم القدرة على تقديم مبادرات فعالة لمجابهة الفساد الرهيب القائم في كل مفاصل السلطة، وكذلك عدم القدرة على تقديم شيء فعال بخصوص مكافحة البطالة وتوفير فرص العمل، هذا وغيرها من السلبيات الكبيرة التي تسجل على الحالة الرئاسية.

وفي المرحلة الراهنة يبدو ان هنالك قراءة جدية جديدة للحالات الرئاسية وللواقع العراقي من قبل دول صديقة، وتمثل مؤشر التوجه الجديد بعقد فمة جمعت الاضداد في العاصمة الاتحادية باسم (قمة بغداد للتعاون والشراكة) وبحضور ورعاية من الرئيس الفرنسي السيد ماكرون، ويبدو ان الهدف من هذا التجمع الاقليمي الدولي ينحصر بعدة نقاط وهي: اعادة بناء العراق اقتصاديا وعسكريا وامنيا لان اعادة القوة والاقتصاد للبلاد تساعد على ضمان استقرار المنطقة واستتباب الامن والسلام، دفع الدول الى الاستثمار بمشاريع كبيرة وتقديم المنح والمساعدات المالية للتعاون والشراكة، واعادة البناء والتنمية عن طريق اقامة مشاريع مشتركة كبيرة وذلك لربط الدولة العراقية بالدول المجاورة بالكهرباء والطاقة والطرق وخطوط سكك الحديد، والعمل الدولي الجاد على ادخال استثمارات كبيرة الى العراق لوجود ركائز اساسية لاقامة المشاريع كتوفر الايدي العاملة الفنية ومواد الخام الاساسية والقدرة الشرائية للاسواق العراقية، وتمتع العراقيين بقدرة شرائية كبيرة.

واستنادا الى هذا المنظور الاقتصادي فان العملية السياسية المولودة بعد الانتخايات ستطعم بعلاقات اقليمية ودولية ايجابية مرفقة بعملية استثمارية كبيرة للاموال الخليجية والعربية والاسلامية والاجنبية، والجهات السياسية المرشحة لقيادة هذه المرحلة الجديدة هي السيد مصطفي الكاظمي كرئيس وزراء والسيد نيجيرفان برزاني كرئيس جمهورية والاثنان بدعم وتنسيق وتشارك مع الرئيس الفرنسي ماكرون وبدعم من الولايات المتحدة والتحالف الدولي، فالاول مرشح للتمثيل السياسي والامني والعسكري والثاني مرشح لاعادة بناء واعمار الدولة ولقيادة اكبر عملية استثمارية بالمنطقة، وذلك لتمتع برزاني بالثقة في مجال العلاقات الاستثمارية الواسعة مع الشركات الدولية والاقليمية، ولتمتعه ايضا بعلاقات جيدة مع جميع القيادات السياسية العراقية.

ولكن السلبيات التي تسجل على الرئيس نيجيرفان برزاني والقادة الكرد من قبل الشارع العراقي ومن بعض القيادات السنية والشيعية، انه يقود مجموعة شركات عملاقة بالفساد مثل بقية السياسيين بالاقليم والعراق، والقادة الكرد علمانيون من النخاع للعظم، ويحملون دائما نوايا سيئة لاذية العراقيين، ويستولون على اموال الميزانية دون تقديم مقابل، ونوايا الانفصال حاضرة في اغلب توجهات ساسة الكرد، هذا وغيرها من المخاوف التي تبديها اراء الشارع في بغداد والمحافظات.

لهذا فان اولى المهام التي تترتب على كاهل البرزاني هو العمل على تقليل او ازالة تلك المخاوف للشارع العراقي عن طريق قرارات فعالة، ومنها معالجة مسألة اتصافه بالفساد بمبادرة ذاتية اصلاحية، واعداد برنامج عملي للبناء والعمران الشامل في البلاد، والقيام بقيادة حملة دولية باسناد من مجلس الامن لاعادة الاموال المنهوبة والمسروقة من العراق ومن الاقليم التي تقدر باكثر من نصف مليار مليار دولار، واطمئنان العراقيين بالنوايا السليمة للساسة الكرد بخطوات عملية صادقة، وغيرها من اعمال وبرامج مطلوبة عاجلة واجلة لاعادة ثقة العراقيين بقادة الكرد وخاصة من البرزانيين.

وهنا لابد من تسجيل العوامل العراقية والكردية والاقليمية والدولية التي تستند في تقديراتها لدعم ترشيح نيجيرفان برزاني لرئاسة الجمهورية العراقية، وهي ما يلي: الثقة الاستثمارية التي يملكها مع الشركات العراقية والخليجية والايرانية والتركية والروسية والفرنسية والامريكية والبريطانية، والسمعة التجارية التي يتمتع بها الرئيس الحالي للاقليم في مجال النفط وعقد الاتفاقيات مع الشركات البترولية الانتاجية والتسويقية، والسمعة القيادية السياسية المتسمة بالمرونة والاعتدال والتفاعل والتعامل الايجابي مع الاصدقاء والخصوم السياسيين على المستويين الكردستاني والعراقي، وامتلاك القدرة الانجازية على تنفيذ واتمام المشاريع بجميع قطاعاتها الخدمية والعمرانية والبنائية، والتمتع بعلاقات متفاعلة للسياسي المتمتع بخواص رجال الاعمال مع الشركات العالمية والاقليمية، وثقة المصارف والبنوك الكردستانية والعراقية والاجنبية، وغيرها من الاسباب التي عمقت قوة العلاقة القيادية لهذا السياسي العراقي الكردي مع شخصيات دولية عديدة خاصة مع رئيس فرنسا السيد ماكرون، وهذه الدولة خامس دولة كبرى وعضو دائم بمجلس الامن وعضو فعال بحلف ناتو وعضو مؤسس للاتحاد الاوربي.

ولهذا نجد ان الاهتمام الذي ابدته فرنسا تجاه القضية العراقية، علامة بارزة جديدة في المشهد السياسي، واطلاق مبادرتها السياسية لتشكيل محفل اقليمي دولي للتعاون والشراكة مع العراق، يبدو انها خطوة استباقية تحضيرية للاحلال محل الوجود الامريكي في البلاد خاصة وان واشنطن تعهدت بسحب قواتها القتالية نهاية السنة، والمبادرة الفرنسية تجاه الوضع العراقي تستند في تحريكها وتثبيت دورها السياسي والاقتصادي والعسكري على التعاون والتنسيق مع بغداد واربيل لتكون فرنسا الحليف الرئيسي لهما، ولغرض تحقيق هذا السيناريو تعمل باريس برعاية الرئيس ماكرون على تسويق مصطفى الكاظمي ونيجيرفان برزاني كشخصيتين مؤهلتين لقيادة العراق في المرحلة المقبلة، وفي حال تحقق هذا الامر وسط ما هو مرسوم من قبل الرئيس ماكرون والرئيس مسعود برزاني، فان علاقات التعاون والتنسيق والشراكة بين بغداد وباريس واربيل ستدخل في مرحلة مزدهرة باوج قوتها وازدهارها اقتصاديا وماليا وتجاريا، وستكون بداية صحيحة للنهوض بالعراق بعاصمته ومحافظاته من جديد في كل مجالات الحياة وفي كل القطاعات الاقصادية والخدمية.

وعلى الصعيد العراقي فان التأمل بشخصيات قيادية اقتصادية قوية لقيادة العراق قادرة على فرض التاثير والتغيير على الواقع الحياتي والمعيشي والمالي والتشغيلي للعراقيين وخاصة الشباب، واخراج البلد من ازماته الخانقة، تحمل امالا قليلة ومتسمة باليأس، ولكن مع هذا نأمل بالامل لدى كل عراقي، وذلك لدفع هذا الأمل نحو التحقيق والتغيير بايجابية فعالة تساعد على ضمان الحياة والمعيشة بكرامة لكل العراقيين، والمرحلة المقبلة قد تحمل هذا الامل المرتجى، فمن المؤمل جدا انها تحمل بذور التغيير والنهوض والبناء.

ولا ينكر ان ثوار تشرين قد بحثوا عن القائد الاقتصادي المالك لمفاتيح التغيير فلم يجدوه، ولكنه اليوم ممكن العثور عليه وايجاده وسط معادلة عراقية واقليمية ودولية بمعاونة فرنسية، وهي قيادة الرئيسين الكاظمي والبرزاني، ويمكن عقد اتفاق عقد اجتماعي معهما بشروط وطنية لتسليم حكومة ورئاسة العراق لهما.

والكلام الحكيم لاغلب الخبراء والمعنيين الاقتصاديين يقول لا بمكن النهوض بالعراق الا باستثمارات كبيرة، ولا يمكن تحقيق هذه الغنيمة الاقتصادية العملاقة الا من خلال قيادة جديدة موثوق بها اقليميا ودوليا واقتصاديا وماليا، والامل مرتجى بما سيتحقق لاستقبال المرحلة المقبلة.

بالختام، نأمل ان يستلهم العراقيون اسباب العمران والتنمية للتخلص من الفقر والمرض والبطالة وضيق الحياة والمعيشة، ويقدرون على مسك مفاتيح التغيير للبدء بمرحلة البناء والعمران وضمان العيش الكريم، فيقدرون على النهوض بالحاضر لضمان مستقبل زاهر لكل العراقيين ولكل الاجيال بالخير والامن والسلام.

وخير ما نختم به المقال قول الله تعالى (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) التوبة/105، والله من وراء القصد.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي