لا يخفى ان الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس المرحوم جلال طالباني اعتبر من اكثر الاحزاب الكردستاانية ثورية بافكاره الماركسية والماويوية قبل الانتفاضة، ولا ينكر انه قد تمكن من السيطرة على ساحة النضال في جبال وسهول الاقليم ابان عهد حكم النظام البائد، لشجاعة قواته البيشمركة الباسلة، ولجرأة عملياته العسكرية ضد القوات العسكرية العراقية والجيش الشعبي والاجهزة الامنية وقوات الجحوش الكردية الموالية للنظام، وعلى الصعيد الجماهيري كان للحزب موقعا شعبيا كبيرا، وكان يملك انصارا كثيرا، وظل هذا الاندفاع للحزب الى ايام انتخابات برلمان سنة 1992، ولكن بعد لانتفاضة ظهر له منافس قوي وهو الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الاقليم السابق مسعود برزاني بدعم من تركيا وعراق صدام حسين، ونتيجة لهذا الامر تمكن حزب البرزاني من الاستحواذ التدريجي على السلطة وتسيس اصوات الناخبين لكسب مقاعد اكثر في الانتخابات اللاحقة، وبالتالي تمكن الديمقراطي الكردستاني رويدا رويدا من خلال التزوير الانتخابي السائد بالاقليم، ومن خلال الدعم الاقليمي من فرض نفسه على الاقليم كحزب حاكم.
وبينما خلال هذه المرحلة وبعد فترة الحرب الداخلية تعرض الاتحاد الوطني الى انتكاسات انتخابية متتالية، وخاصة بعد المرحلة اللاحقة للاتفاقية الاستراتيجية بين الرئيسين البرزاني والطالباني، حيث فقد الحزب نصف انصاره لاسباب سياسية واقتصادية، وكذلك نتيجة لانتقال زعيم الحزب جلال الطالباني الى بغداد لتبوء منصب رئاسة العراق وترك رئاسة الاقليم للسيد البرزاني، وبذلك تحول الحزب الديمقراطي الى الحزب الحاكم المطلق في اربيل ودهوك، ومقابل ذلك شهد المشهد السياسي تقلص حجم ودور الاتحاد الوطني متحولا الى حزب يأتي بصعوبة الانفس بالمرتبة الثانية او الثالثة، ولكن مع هذا فان انصار الطالباني وبالرغم من رحيله يحسب لهم، ويعتبر حزبهم الحاكم الثاني للاقليم وهو صاحب النفوذ المطلق في السليمانية والمحبوب جماهيريا في كركوك.
واليوم يشهد حزب الطالباني محاولات جادة لتفعيل حضور فعال على الساحة السياسية الكردستانية والعراقية، ولكنه يشهد في نفس الوقت ازمة قيادية على الرئاسة، بين نجل الطالباني بافيل وابن عمه لاهور، وبتعبير اخر فان الحزب يشهد مشكلة عائلية بين طرفين اقرباء لبعضهما للاستحواذ على قيادة الحزب، ومازالت اجواء المشكلة تشهد مراوحات دون حلول حاسمة، ولغرض ابعاد الاتحاد عن تداعيات غير متوقعة للازمة الحاصلة داخل عائلة الطالباني، وافساح المجال لتبني طرح حل عملي يستوعب مطالب الطرفين لامتصاص اثار المشكلة، فاننا من باب تفهمنا للواقع السياسي الكردي العراقي، وطرحنا للعديد من المبادرات الكردستانية، فاننا نطرح مبادرة جديدة امام القيادات الاتحادية وخاصة رئيس المكتب السياسي الاعلى للاتحاد السيد كوسرت رسول علي، وهي عبارة عن مجموعة اقتراحات سياسية عملية، وذلك لحل الازمة واخراج حزب الاتحاد من عنق الزجاجة التي وضع فيها، والاقتراحات هي بمثابة وصايا طالبانية منطلقها مبدأ شدة الورد وسياسة التوافق التي كان يدعو اليهما الرئيس المرحوم، وهي بلا شك عند دراستها وتبنيها تساعد على حلحلة المشكلة في حالة الاخذ بها، والاقتراحات هي كالاتي:
الاقتراح الاول: الاقرار بان قيادة الاتحاد الوطني ملكية عائدة لعائلة المرحوم جلال الطالباني الزعيم المؤسس لحزب الاتحاد الممثلة بنجليه بافل وقوباد، وذلك لحين اقرار نظام سياسي اخر بالاقليم، وذلك تمشيا مع التقاليد الحزبية العائلية السائرة عليها غالبية الاحزاب الكردية في الاقليم وعلى رأسهم حزب البرزاني، ولهذا لابد ان يكون رئيس الحزب احد النجلين للطاباني، ويقترح اختيار بافل كرئيس للحزب وفق التقاليد الحزبية التي تسير عليها الاتحاد الوطني، ويكون مسؤولا وقائدا عن الشقين العسكري والامني، ويجب ان يكون الموضوع عند تبنيه مفرغا منه، وذلك لحصر قيادة ورئاسة الاتحاد فقط بعائلة الطالباني في المرحلة الراهنة لحين عقد مؤتمر اخر شامل للحزب.
الاقتراح الثاني: اختيار قوباد طالباني نائبا اول لرئيس الاتحاد الوطني ومسؤولا عن الشقين السياسي والحكومي، وفي عين الوقت اختيار درباز نجل القيادي كوسرت رسول نائبا ثانيا لرئيس حزب الاتحاد ومسؤولا عن التنظيم الحزبي والشؤون الادارية.
الاقتراح الثالث: الغاء النظام الفاشل للرئاسة المشتركة وتوحيد رئاسة الاتحاد، واعفاء لاهور شيخ جنكي من كل صلاحياته ومواقعه الحزبية والعسكرية والامنية وترشيحه او اختيار شخصية اخرى مؤهلة محسوبة عليه لمنصب رئيس جمهورية العراق مثل فؤاد معصوم وبرهم صالح او وزير سيادي مرشحا عن الاتحاد الوطني الكردستاني للمناصب المستحقة بها بعد فرز الانتخابات النيابية المقبلة في العراق.
بالختام وبهذه الاقتراحات العملية يمكن اعادة قيادة الاتحاد الوطني الى مسار الامان والاستقرار والسلام، والحل المطروح يراعي ويحافظ على مصالح الاطراف المعنية بمشكلة الرئاسة، ويحمل بادرة طيبة لاختيار قيادة شبابية لحمل راية الاتحاد الوطني في المرحلة الراهنة المتسمة بالازمات وبصعوبة الخيارات والاتجاهات المطروحة على الساحات الكردستانية والعراقية والاقليمية، وبذلك سيتم ابعاد المخاطر الخطيرة القائمة على الحزب، وستعود البسمة والثقة الى انصار الطالباني لكي يقوم الاتحاد الوطني باداء مهامه الكردية والعراقية والتنظيمية والشعبية والحكومية والبرلمانية، ورغم الفساد الرهيب السائد والقمع المتسلط للحزبين الحاكمين الا ان النظام السياسي الحاكم المستقر بالاقليم لابد من الحفاظ عليه وحمايته، ولابد من ادامة الاستقرار والثبات والسلام، ولابد من العمل الجاد المشترك لحزبي البرزاني والطالباني لابعاد اي خطر حقيقي داخلي او خارجي عن اقليم كردستان، و(يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) المائدة/14، والله من وراء القصد.
وصايا طالبانية الى حزب الرئيس المرحوم مام جلال
مواضيع ذات صلة