في ظلّ توقف مؤقت لإطلاق النار ومحاولة النظام الإيراني لالتقاط أنفاسه، تتوالى الاعترافات الصريحة من كبار مسؤوليه، كاشفةً عن عمق الأزمة الداخلية التي تعصف به من جوانب سياسية، أمنية، اجتماعية واقتصادية. من أعلى هرم السلطة تتردد أصوات الخوف والذعر من خطر داخلي متجذر يتجاوز أي تهديد خارجي تقليدي.
الرعب من العدو الداخلي: الشعب والمقاومة
في تصريح لافت، قال جواد موغوئی أحد أبرز صناع الوثائقيات الأمنية للنظام، إن الوضع الحالي يُشبه عام 1981 – عام إعلان منظمة مجاهدي خلق الحرب ضد نظام الملالي – مضيفاً: «نزل مئة ألف من أعضاء منظمة مجاهدي خلق المسلحين إلى الشوارع… لم يكن حتى رئيس سجن إيفين آمناً في سجنه».
تصريحات موغوئي تعكس إدراك النظام العميق بأن الخطر الحقيقي لا يكمن في حدود خارجية، بل في الداخل؛ في المقاومة المنظمة، والشعب الذي دفع ثمناً باهظاً من دمائه.
المثير أنه أقرّ لاحقاً بفشل سياسة التعتيم على مجاهدي خلق، معترفاً بأنهم أعادوا بناء حضورهم في الرأي العام، وأصبحوا قوة مؤثرة في مفاصل الأحداث الكبرى، ومنها انتخابات 2017 وقضية مجزرة عام 1988. وقال: «هذا التيار (مجاهدي خلق) يمتلك 400 ألف من القوى الساعية للإطاحة قادر على تحويل أي احتجاج إلى انتفاضة».
أما مثاله من محافظة لرستان كان صادماً: «في دورود هناك قتلى في كل انتفاضة، لأنها تضم شهداء من الثمانينات، والذاكرة ما زالت حية، والدافع للإطاحة أقوى».
الهلع في قمة النظام: "لعبة العدو" تغزو كل بيت
في السياق ذاته، قال آقا محمدي، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، في جنازة أحد قادة الحرس: «العدو نسج مؤامرة داخلية، ودرب خمسين ألف جاسوس خلال عشر سنوات».
رعب واضح من الاختراق الشعبي، ومن تكرار سيناريو الانتفاضات التي لم تنطفئ جذوتها، بل تتغذى من كل محاولة قمع.
اقتصاد على حافة الانهيار واعتراف بالخسائر
الحرب الأخيرة، وإن كانت قصيرة زمنياً، كشفت هشاشة البنية الاقتصادية. حسين راغفر، خبير اقتصادي حكومي، قال إن "13 مليون إيراني حُرموا من دخلهم" بسبب قطع الإنترنت. وأضاف: «الطبقات الفقيرة التي كانت تعاني مسبقاً أصبحت الآن في وضع أسوأ بكثير»
هل القمع يمنع الانتفاضة؟
التجارب التاريخية تؤكد أن القمع لا يلغي الفكر المقاوم. كما قال منتظري، نائب خميني سابقاً: «مجاهدو خلق ليسوا أفراداً، بل فكرٌ ومنطق... لا يمكن حل المشكلة بالقتل».
اليوم، والنظام يتخبط في أزماته، ويستعين بالجيش والباسيج والمدارس والمساجد لقمع الشباب، يظل السؤال الحقيقي: هل سينجح في إخماد نار الانتفاضة القادمة أم أن كل خطوة قمعية تُضاف إلى رصيد الغضب الشعبي القابل للانفجار؟
اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ