: آخر تحديث

ما هكذا تورد الإبل

3
3
3

قال تعالى (وفيكم سماعون لهم)، هؤلاء السماعون هم الذين ينخرون في جسد الأمة العربية، خير أمة أُخرجت للناس. ومن حكمة الله أن جعل رسالة العالم في يد العرب، لما يتمتع به العربي من فطنة، وذكاء، وسرعة بديهة تجعله يميز عدوه من صديقه.

وعداء أبناء فارس للعرب ليس جديداً، وما زالوا حتى اليوم يمنون أنفسهم بخيرات أرض العرب، وينظرون للعرب بنظرة ظالمة لا يستقيم بها صفاء، ونجح الفرس في احتلال أربع عواصم عربية، بمعاونة الصهيونية العالمية، لغاية سياسية، ثم فشل الفرس بحكمة المملكة ودول الخليج والعرب، وما ميزهم الله من أناة وحكمة وحسن سياسة، ولكن الفرس قد تركوا وراءهم الكثير من الدواب العربية التي كانوا يمتطونها، تسيح في مراعي الإعلام العربي، تأكل من خشاش الأرض وتتجشأ حقداً وغيظاً.

وليس هناك عربي شريف أو مسلم حقيقي يضمر الشر لمكة المكرمة، قبلة المسلمين، وبيت الله الحرام، والمدينة المنورة، وهذا البلد الأمين "السعودية" الذي لم يألُ جهداً في خدمة الحرمين وخدمة الحجاج والمعتمرين ورعاية شؤونهما، بل ويقدم الدعم لكل العرب. ولا يستقيم الحب والكره للشيء ذاته في النفس الواحدة. وحب مكة وحب المملكة أمر واحد لا ينفصلان، بل الحب هنا عقيدة، وتكفي أحياناً نظرة الوفاء والتقدير التي نراها كل عام في عيون المغادرين في كل منافذ المملكة، ولا يستقيم الحب والكره في الوقت ذاته إلا في القلوب التي فيها مرض، وهؤلاء نعرفهم من لحن القول.

وهنا نتأمل ما قاله محلل سياسي عماني، يملأ الإعلام مدعياً حبه للعروبة والإسلام، مما فتح له قلوب الناس ظناً وأملاً، ولكنه في ثنايا ادعائه نراه يمجد الفرس تلميحاً وتصريحاً.

وعندما نقرأ لابن تيمية قوله (الفرس حمير اليهود) نفهم غايات الفرس ونظرتهم وأطماعهم، فقد أعانوا المغول وأعانوا اليهود، والشواهد اليوم أكثر لمن أبصر بقلبه وعقله قبل عينه. وبالرغم من هذه الحقيقة المسكوت عنها في الإعلام، والغائبة عن الذهن عند التحليل والتفكير، فإن الكثير لم يدر بخلده أن هناك من الكتّاب والمحللين العرب من أحب أن يكون ممن يمكن وصفهم "مجازاً" بمطايا الفرس. لا نقوله عداء ولا تقليلاً، ولكن وصف دقيق لحالهم. وهؤلاء ليسوا جهلاء ولا تنقصهم الدراية والوعي، بل يقومون بتلك المهمة قصداً واستمتاعاً.

الواحد من هؤلاء قادر أن يُحلّل المشهد ويقرأ التفاصيل ويربط الأحداث، ولكنه يوظّف فكره لخدمة الطامعين في أرض العرب وثرواتهم. وقد تجده يظهر بمظهر الغيور المحب للعرب والمسلمين، ويتحدث بحرقة عن الجرحى العرب والأطفال، ويتبنى القضايا ذات الحساسية العالية والمشاعر الفياضة، لأنه يدرك أن أبواب القلوب مشرعة في هذا الجانب، ووسط هذا يبث سمومه ويوهن في صفوف العرب. قال تعالى: (لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا).

وكما قلنا سابقاً، لا تستقيم محبة العرب والمسلمين وكره السعودية في قلب رجل واحد. وما تقدمه المملكة أكثر مما يمكن استعراضه، والقارئ يعلم أكثر مما يمكن أن تكتبه.

إنَّ أسلوب الذين في قلوبهم مرض واحد، وهو ممجوج من اللمز وإطلاق التحليلات العرجاء، لليّ أعناق الفكر العربي، ليخاطبوا قلوباً امتلأت ضغينة على المملكة، ولتجد تلك القلوب في كلام المعشني، ومن سار على نهجه، ما يلائم هواها ويزيد السموم في أوداجها.

ونحن على يقين أن عمان الشقيقة فيها من العقلاء والمفكرين الكثير، الذين يرفضون أن يظهر مواطن عماني على الملأ ليصبح معول هدم للبيت الخليجي الذي يقف سداً أمام أطماع آخرين، وهذه السقطات الإعلامية والفكرية، سننظر لها على أنها في شخص المعني نفسه، وفي الوسيلة الإعلامية العمانية التي تبنّت فكره وبثّت سمومه، وتلوّث بها الفضاء الإعلامي العماني. وعمان التي نعرفها بالحكمة والتاريخ الحضاري الطويل، والعمانيون الذين قابلناهم ورأينا منهم الهدوء والحكمة والظن الحسن والطيبة الكريمة، تجعلنا نحترم صمت البعض منهم، ونتفهّم معهم أن الحكمة تقتضي أن نكون يداً واحدة لحماية الخليج من كل مغرض يضمر في نفسه شراً، ويندس بيننا، وتحت عباءة دول الخليج يتحدث بلغتنا وهو يخدم العدو المتربص بنا.

ونطلب من إخواننا الكتّاب وأهل الرأي في عمان التأكيد على نظرتنا المشتركة للأخطار، وفهمنا لمصالحنا، حتى لا ينزلق الجاهل وراء المغرض في طابور خامس.
وأن يكون الجسد الخليجي واحداً نحارب عنه الأمراض التي تنشأ من فيروسات تبثها قوى خارجية.

وصدق الشاعر خلف العتيبي عندما قال:

من دون صهيون بذتنا صهاينا

تكفر بالإسلام وتركّز كماينها

وصهيون هنا وصف مختصر لكل عدو متربص للخليج وللعرب ولوحدة وقوة القرار فيه.

وفي هذا دعوة لكل الخليج والعرب: أخرجوا مطايا الفرس من الإعلام العربي، فهم لا ينتمون لنا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.