لا يختلف اثنان ان منطقة الشرق الاوسط مفتوحة على كل الاحتمالات بما فيها تناوب الادوار والتغييرات الحادة في التحالفات وبروز قوى جديدة على الساحة مما يؤدي الى تغيير كبير في الاوضاع على الارض وظهور معادلات جديدة بمجرد دخول هذا الطرف او ذاك في الصراع القائم على قدم وساق, ومن هنا فان تحرك قوات الحشد الشعبي جنوب غرب وغرب الموصل والمشاركة في تحرير بعض المناطق في محافظة نينوى من سيطرة العصابات الارهابية, بعد ان كان دورها محصورا حسب الاتفاق مع التحالف الدولي في اسناد ودعم قطعات الجيش العراقي وعدم دخول المدن, يمكن ان يغير من طبيعة المعادلة ونتائجها خاصة اذا صحت الاخبار المتواتره عن استياء التحالف الدولي من عدم الالتزام بتفاصيل خطة تحرير الموصل.
مشاركة الحشد الشعبي في الهجوم غرب الموصل وباتجاه تلعفرذات الاهمية الاستراتيجية على الطريق الرابط بين الموصل والحدود السورية يفسر بالرغبة الايرانية في السيطرة على هذا الطريق لدعم النظام السوري والاستعداد لأي تغييرات في خرائط المنطقة لفرض شروطها , الامر الذي يعني الاصطدام مباشرة برغبات ومصالح تركيا الجيوسياسية وتطوقها من الشرق والجنوب حتى البحر الابيض المتوسط مما يمنح ايران تفوقا كبيرا في اي جالديران جديدة ولذا فان تركيا لا تهدد فقط باكتساح محافظة نينوى والشمال السوري وانما تعزز من قواتها المرابطة على الحدود مباشرة وتستعد لاقامة دائمة باعتبار ان موضوع الموصل وغرب الفرات لم يحسم في المعاهدات التي اعقبت الحرب العالمية الاولى وانهيار الامبراطورية العثمانية ولا يتوانى المسوؤلون الاتراك عن التأكيد على ان هذه المناطق تابعة لتركيا!!في الوقت الذي تطالب فيه ايران بان يكون لها وجود مساوي للوجود التركي في المنطقة.
ماسبق يهدد باشتعال حرب اقليمية مباشرة لا تذر ولا تبقى رغم كثرة البروتوكولات الاقتصادية والتجارية الموقعة بين البلدين الجارين ايران وتركيا وايضا الى انجرار القوى العظمى الى دعم هذا الطرف او ذاك دون ان يصل, كما يتوقع البعض, الى حرب عالمية ثالثة فهذه القوى لن تغامر بمصير البشرية ولا بشبكة مصالحها المعقدة من اجل حرب اقليمية عبثية وعلى الاغلب ستتفق فيما بينها على اعادة رسم خارطة المنطقة بعد انهاك القوى الاقليمية وضمان عدم تكرار هذا التهديد من خلال بلقنة المنطقة واستحداث دول جديدة خاصة وايران وتركيا تعاني من مشاكل بنيوية حادة في تكوينها ومعرضة للانفجار في اي وقت ناهيك عن العراق وسوريا المقسمة والمجزئة عمليا وفي الوقت الذي تبدو الدول العربية خارج الاحداث وتدور في حلقة مفرغة من الادوار الهامشية بتأييد هذا الفصيل او ذاك من المتحاربين دون جدوى.
جالديران ثانية على الابواب ولا عزاء للخاسرين ولا لعشرات الالاف من الضحايا المتوقعة اللذين سينحرون على مذبح المصالح الجشعة اللاانسانية بدلا من احترام ارادة وحقوق شعوب المنطقة ومكوناتها الاساسية والمساهمة في بناء شرق اوسط يتمتع بالسلام والطمأنينة والاستقرار
[email protected]