: آخر تحديث

بلاك هات 2025 ومستقبل التكنولوجيا

1
1
1

معرض بلاك هات 2025 واحد من أبرز المحافل العالمية التي تُعيد تعريف مستقبل التكنولوجيا والأمن السيبراني، منذ تأسيسه في التسعينيات، تحول المعرض من منصة لمختصي الاختراق الأخلاقي إلى حدث استراتيجي يجمع الحكومات ورواد الصناعة وخبراء الأمن لمناقشة أحدث الابتكارات ورسم مسارات الحماية في الفضاء الإلكتروني، ومع انعقاد المعرض في الرياض؛ يُتوقع أن يكشف الستار عن فرص غير مسبوقة في مجالات الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمومية، وأمن إنترنت الأشياء (IoT)، وبناءً على مفهوم "الثقة الصفرية" (Zero Trust)، الذي بات حجر الأساس في دفاعات المؤسسات العالمية.

معرض بلاك هات 2025 مرآة لثورة تقنية تُعيد تشكيل مفاهيم الأمان، فالتقدم في الذكاء الاصطناعي التكيفي سيتيح أنظمة قادرة على التنبؤ بالهجمات قبل وقوعها، بينما تطرح التطورات في الحوسبة الكمومية تحديات جوهرية تستدعي تحديث خوارزميات التشفير الحالية، كما سيحظى أمن سلاسل التوريد الرقمية باهتمامٍ غير مسبوق، خاصة بعد سلسلة الاختراقات التي كشفت هشاشة الشبكات العالمية. ومن المتوقع أن يُسلط الضوء على شراكات بين القطاعين العام والخاص لتمويل مشاريع الأمن السيبراني في الدول الناشئة، مما يفتح آفاقًا لاقتصاد رقمي أكثر مرونة.

لا يخلو المشهد من معارض أخرى تتنافس في المجال ذاته، لكن بلاك هات يتفوق بكونه جسرًا بين البحث الأكاديمي وتطبيقاته العملية. على عكس مؤتمر ديف كون (DEF CON)، الذي يركز على الجانب التقني العملي والتجارب الميدانية، يركز بلاك هات على الحلول الاستراتيجية المدعمة بأبحاث رصينة، بينما يُعنى معرض آر إس إيه كونفرنس (RSA) بالسياسات التنظيمية، يبرز بلاك هات كمنصة حيادية لا تروج لأي منتج، ما يعزز ثقة المشاركين في موضوعية المحتوى. وفيما تُركز مؤتمرات مثل إنفوسيكيوريتي أوروبا على الأسواق الإقليمية، يبقى بلاك هات الحدث العالمي الأشمل، حيث تُناقش قضايا الأمن السيبراني من منظورٍ إنساني شامل، من حماية الخصوصية إلى مواجهة الحروب الإلكترونية.

لا يمكن فصل حديث بلاك هات 2025 عن طموحات المملكة العربية السعودية، حيث يتوافق مع رؤية 2030 في تحويل المملكة إلى مركزٍ تقنيٍّ رائد، ستستفيد السعودية من مخرجات المعرض عبر عدة مسارات؛ فمن خلال مشاركة الكوادر الوطنية في الورش التدريبية، وتعزيز الشراكات مع شركات عالمية مثل Palo Alto Networks وIBM لبناء مراكز أبحاث محلية. وسيُعزز الحدث مكانة الرياض كوجهةٍ للشركات الناشئة في الأمن السيبراني، خاصة مع مبادرات مثل "نيوم" و"الدرعية"، التي تُركز على البنية التحتية الرقمية الآمنة.

ومن المسارات بناء المواهب عبر التعاون مع الهيئة الوطنية للأمن السيبراني (NCA) لتصميم برامج تدريبية مُخصصة، ما يدعم هدف المملكة في توظيف 60 ألف خبير سيبراني محلي بحلول 2030، ومن المتوقع أن تُعلن خلال المعرض شراكات استراتيجية بين السعودية وشركات التكنولوجيا العالمية، لتطوير حلول مبتكرة تخدم قطاعات الطاقة والصحة والتعليم، مع التركيز على حماية البيانات الوطنية.

تستثمر السعودية 7.2 مليارات دولار في الأمن السيبراني بحلول 2030، عبر شراكات مع عمالقة مثل IBM ومايكروسوفت. وتستهدف تدريب 60 ألف خبير محلي عبر أكاديمية الأمن السيبراني، لمواجهة التهديدات المتطورة. هذه الجهود ستجعل منها لاعبًا محوريًا في «بلاك هات 2025»، عارضةً حلولًا مبتكرة تدعم رؤية 2030، وتحول المملكة إلى مركز عالمي لأمن الاقتصاد الرقمي.

بينما نشهد تحولاتٍ تقنية هائلة، يبقى الأمن السيبراني الدرع الواقي للتنمية المستدامة، والأمن السيبراني ليس خيارًا، بل استثمار في استقرار المستقبل وازدهار الأوطان، وبلاك هات 2025 ليس مجرد حدث تقني، بل بوابة لتبنّي الابتكار كأداة لصناعة عالم أكثر أمانًا، حيث تقود السعودية المسيرة نحو عصر رقمي يحمي الإنسان ويحفز الإنجاز، ففي نهاية المطاف، كما أدرك صنّاع القرار في الرياض، لا يمكن تحقيق التحوّل الرقمي دون بناء منظومة أمانٍ تُمكّن الثقة وتُطلق العنان للإبداع، في منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار 2021 أكد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان: "لا يمكننا الحديث عن التحول الرقمي دون بناء منظومة أمانٍ سيبراني قوي، فهو الركيزة التي تحمي اقتصادنا ومقدراتنا".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد