: آخر تحديث

حتى الأمكنة

3
3
3

ولدت الأمم المتحدة، والمأساة الفلسطينية في وقت واحد تقريباً. لم تكن هناك دولة فلسطينية يعترف بها العالم، وكانت هناك دولة إسرائيلية يتسابق على الاعتراف بها عملاقا المرحلة، الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي.

منذ ولادتها، كانت الأمم المتحدة جزأين:

واحداً تنفيذياً ملزماً، ممثلاً بمجلس الأمن، وآخر سياسياً معنوياً يضم جميع الدول الأعضاء، تلقى فيه خطابات، وترفع فيه المعنويات، ويعلو فيه التصفيق والشكر لمن حضر. رغم ضعفه، ظل هذا الجزء الأخلاقي مهماً بالنسبة إلى الشعوب المتظلمة. إنه على الأقل، منبر قضائي تطرح فيه شكواها. وكان العرب ينتظرون حلول موعد الدورة العادية للجمعية العامة، كي يطرحوا قضاياهم في خطب مختلفة في صوت رجل واحد. لكنهم أصبحوا مقتنعين أن الوقوف أمام ذلك المنبر أفضل من البقاء خارج القاعة. ثم إن الجمعية العامة خالية من الفيتو الأميركي، وعلى ما قال مولانا «أبو الطيب»: «فليسعد النطق إن لم تسعد الحال».

هذا من حيث الزمان وسالف الأوان، أما من حيث المكان، فإن القيمة المضافة، أن المنبر في أميركا، ومن أميركا، هو في نيويورك، أم المنابر والأضواء. ولم تقحم أميركا موقفها السياسي في حق الفلسطينيين والعرب بالمجيء إلى المدينة. بل فتحت الباب لياسر عرفات نفسه بالمجيء عام 1974، حاملاً المسدس وغصن الزيتون، ومعتمراً الكوفية الفلسطينية التي أصبحت رمزاً عالمياً.

تعوَّد الجميع هذه المعادلة:

للعرب الحق في قول ما يريدون حتى فوق الأرض الأميركية، وللأميركيين أن ينسفوا كل ما قيل بفيتو واحد، ماشي؟... لأ. مش ماشي. هذا العام لن يعطى الفلسطينيون حتى تأشيرة الدخول إلى الجمعية العامة. ولا حتى محمود عباس، رمز الاعتدال الفلسطيني الذي قال: «يا ولاد الكلب، سلموا اللي عندكم وخلصونا».

عندما انتقلت القيادة إلى أبو مازن، قال خاملو المقاهي: «الزلمي أميركاني». الآن، ممنوع الزلمي... حتى من الحضور.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد