: آخر تحديث

المملكة ومكافحة الوحش القاتل

4
4
4

حمود أبو طالب

أعلن وزير الداخلية اللبناني أحمد الحجار خلال مؤتمر صحفي في بيروت، الثلاثاء، إحباط أكبر عملية تهريب لمخدر الكوكايين إلى لبنان بناءً على معلومات دقيقة وردت من السلطات السعودية إلى مكتب مكافحة المخدرات. بدوره، علق المتحدث الأمني لوزارة الداخلية العميد طلال الشلهوب، أنّ العملية جاءت بفضل المتابعة الأمنية الاستباقية لنشاطات الشبكات الإجرامية، التي تمتهن تهريب المخدرات، وبناءً على معلومات قدمتها الداخلية السعودية ممثلةً بمديرية مكافحة المخدرات، للجهاز النظير في لبنان.

في اليوم نفسه، صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، أن القوات الأمريكية هاجمت قارباً يحمل كمية كبيرة من المخدرات بعد أن غادر فنزويلا وقضت عليه، مؤكداً تشديد الحصار على تهريب المخدرات إلى أمريكا ومحاربتها بكل قوة؛ أي أن رئيس الدولة بنفسه هو من أعلن الخبر وليس إدارة مكافحة المخدرات أو حرس الحدود.

هنا نعيد الحديث عن الحقيقة المعروفة بشأن مافيا صناعة وتهريب المخدرات القاتلة، وما تتمتع به من قوة ونفوذ على المستوى العالمي، وقدرة على اختراق الحدود، لكنها دائماً في مواجهة سلطات مكافحتها، ونسبة النجاح تعتمد على قوة ونزاهة ومعلومات تلك السلطات.

وقد كانت المملكة، وما زالت، هدفاً رئيسياً لإغراقها بالمخدرات من قبل عصابات إقليمية ودولية، ولا بد أن نعترف بأنها أصبحت مشكلة مؤرقة بعد أن حصدت كثيراً من شبابنا، ذكوراً وإناثاً، ومن مختلف الشرائح العمرية، وكلفتنا الكثير من المشكلات الاجتماعية والصحية والأمنية. لكن الجيد في الأمر أن الجهات الأمنية، وفي مقدمتها إدارة مكافحة المخدرات، تطورت كثيراً في السنوات الأخيرة لجهة استباقها معلوماتياً عن محاولات التهريب، ليس للمملكة فحسب وإنما إلى دول عدة بفعل التنسيق الكبير بين الجهات ذات العلاقة، والرصد الواسع لشبكات التهريب الذي تقوم به المملكة، وحقق نجاحات كبيرة متوالية.

ومع كل ذلك، نحن أمام مشكلة عامة لا تخص الجهات الرسمية وحدها؛ مشكلة يجب أن تتظافر فيها جهود المجتمع مع الدولة لمحاصرة السموم الفتاكة التي تحصد شبابنا وتدمر عقولهم وأجسادهم. هؤلاء ضحايا في نهاية الأمر، والمجرمون هم عصابات الاستيراد والتوزيع والترويج، من أعلى مستوى إلى أدناه. واجب المجتمع أن يسهم بكل ما يستطيعه في التبليغ عن أي اشتباه بشأن المخدرات عبر القنوات الرسمية التي توفر السرية والحماية، لكن المهم أيضاً استمرار وتكثيف التوعية بخطر المخدرات في كل مكان، وعبر كل الوسائل، لأنها وحش قاتل لا يرحم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد