وددتُ لو أن مترجماً عربياً، يتقن الصينية والروسية، كان بين الزعيمين الصيني والروسي أثناء «دردشتهما»، وهما يشاهدان العرض العسكري في ساحة تيانانمن بالعاصمة الصينية، بكين، بمناسبة الذكرى الـ80 لانتهاء الحرب العالمية الثانية. واجتمع بهذه المناسبة جمعٌ من الدول والأطراف الناقمة على أميركا والغرب، قبل أيام.
لو كان هذا المترجم العربي، الأديبُ الأريبُ، حاضراً، لكان حريّاً به أن يترجم لقادة هذه الدول الكبرى، بيتاً من أروع مفاخر العرب الأديبة، الفائضة بالحكمة وعِبَر الحياة، من «حكيم العرب» زهير بن أبي سُلمى، حين قال:
فلا تَكتُمُنَّ اللهَ ما في نُفوسِكُم لِيَخفى ومهما يُكتَمِ اللَهُ يَعلَمِ!
اللقطة، التي بثها التلفزيون الصيني الرسمي بشكل مباشر وشاهدها مئات الملايين، أظهرت مترجم بوتين وهو يقول: «التكنولوجيا الحيوية تتطور باستمرار، يمكن زرع الأعضاء البشرية بشكل متواصل، كلما عشت أكثر أصبحت أصغر، وقد تصل حتى للخلود».
ليعلق الرئيس الصيني شي بالقول: «هناك من يتوقع أن يعيش البشر في هذا القرن حتى 150 عاماً»، بجانبهما كان الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون «يبتسم».
ربما ابتسم رجل الصواريخ في كوريا الشمالية، لأمرٍ يعلمه هو فقط، يتعلّق بمدى الوقت المُتاح للعالم كله! أمزح طبعاً...
لكن لو كان صاحبنا المترجم، ثلاثي اللغة، عربياً وصينياً وروسياً، بدرجة أدبية راقية، ما زال معنا ولم يغادر المكان أو الحياة، لاقترحتُ عليه أن يضيف لهم بيت زهير:
سئِمتُ تكاليفَ الحياة ومن يَعِشْ ثمانينَ حَولاً لا أَبا لَكَ يَسأَمِ!
وحين انبرى الرئيس الصيني، شي، ليخطب في الجمع المهيب، مستعرضاً جمهوراً ناهز الـ50 ألف شخص ليقول: «السلام أو الحرب». قال ذلك وتمرّ أمامه - ليس الأبطال كَلمى هزيمة، كما قال صاحبنا المتنبّي عن صاحبه سيف الدولة - بل تمرّ أمام زعيم «يأجوج ومأجوج» جملة من الأسلحة المذهلة، مثل: الصواريخ الفرط صوتية إلى الطائرات المسيّرة البحرية.
هل ما زال صاحبنا المترجم الثلاثي النادرة، حاضراً؟
إذاً ليختم لهم بما ختم به زهير، رجل السلام وعدو الحروب:
وما الحربُ إِلّا ما عَلِمتُم وَذُقتُمُ وما هُوَ عَنها بِالحَديثِ المُرَجَّمِ
متى تبعثوها تبعثوها ذَميمَة وَتَضرَ إِذا ضَرَّيتُموها فَتَضرَمِ
فَتَعْرُكُّمُ عَركَ الرَحى بِثِفالِها وتَلقَحْ كِشافاً ثُمَّ تَحمِلْ فَتُتْئِمِ!
آه... نسيتُ، سنرسل هذا المترجم الثلاثي نفسه، لزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ليُقرِئه السلام، ويتلو عليه هذه الكلمات باللغة الإنجليزية الأدبية، إن كان «دوني» يحب أدب الحكمة.