: آخر تحديث

غزة.. حرب الظلام

3
3
3

ضياء رشوان

منذ بدء حكومة بنيامين نتانياهو حربها الدموية بمراحلها المتتابعة على قطاع غزة في الثامن من أكتوبر 2023، بكل ما تشهده من فظائع غير مسبوقة على كل الأصعدة الإنسانية، وهناك حرص مستمر واستراتيجي من هذه الحكومة على أن تظل هذه الحرب وكل فصولها وحلقاتها المأساوية على الأرض في جنح الظلام.

وكان هذا يعني ولا يزال، بالنسبة لتلك الحكومة، ألا يسمح الجيش الإسرائيلي بدخول أي صحافي أو إعلامي، سواء أجنبي أو إسرائيلي، القطاع لتغطية مجريات الحرب، طيلة ما يقرب من عامين من بدئها.

وعلى الرغم من مئات المطالبات من وسائل الإعلام العالمية والمنظمات الأممية والدولية للسلطات الإسرائيلية بالسماح للمراسلين الأجانب بدخول غزة لتغطية الحرب، فقد كان القرار الإسرائيلي غير قابل للتغيير وصارماً «لن يدخل أحد من هؤلاء إلى القطاع».

وبدا مؤكداً في ظل هذا أن لدى إسرائيل ما تخفيه أو تخشى من كشفه في هذه الحرب الدموية، ولهذا خرقت سمة أساسية للدولة الديمقراطية التي تزعم أنها كذلك، وهي حرية تداول المعلومات والرأي والتعبير وحق الرأي العام في التعرف على الحقائق من خلال إعلام حر.

من هنا لم يكن أمام وسائل الإعلام في مختلف دول العالم، لتغطية ما يجري في غزة، سوى الاعتماد الكامل على مراسليها وممثلي وكالات الصحافة العالمية بداخلها، من الصحافيين والإعلاميين الفلسطينيين أبناء القطاع.

وهكذا، وبحسب جميع المصادر الدولية والأممية، أضحت غزة هي معسكر الإبادة الأوسع والأكثر توحشاً للصحافيين والإعلاميين منذ أن عرفت البشرية مهنتهم..

من جهتها، أكدت منظمة العفو الدولية، في بيان أخير لها، أنه لم يسبق لأي نزاع في التاريخ الحديث أن حصد هذا العدد الكبير من الأرواح في صفوف الصحافيين، مقارنة بالإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، مطالبة بإجراء تحقيق مستقل ومحايد في قتل الصحافيين الفلسطينيين، وتحقيق العدالة والتعويض لعائلاتهم.

إن ما يجري في غزة من تصفية وتعمد استهداف الصحافيين والإعلاميين من الجيش الإسرائيلي، وصولاً إلى تلك الأرقام القياسية غير المسبوقة، يؤكد أن الحرب التي تجري هناك منذ قرابة العامين، ليست فقط دموية وتتنافى مع كل قواعد القانونين الدولي والإنساني، بل هي أيضاً حرب الظلام الأولى في التاريخ الحديث، التي لا تريد السلطات الإسرائيلية للرأي العام العالمي أن يراها على حقيقتها بكل تفاصيلها المروعة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد