: آخر تحديث

الفن لا يغنِي ولا يُشبِع

3
4
4

عبدالعزيز التميمي

يعتقد البعض أن الفنان بصفة عامة إنسان مرفه يملك ما لا يملكه غيره من المادة، والعكس هو الصحيح؛ فقد وصل الحال ببعض الفنانين المبدعين، وأوصلتهم الظروف العسرة، إلى ما لا يحمد ولا يسر، فهناك في منتصف القرن التاسع عشر انتحر الفنان فان غوغ، بسبب تضوره جوعاً محافظاً على كرامته وعزة نفسه التي تمنعه عن التسول.

وفي زماننا هذا الكثيرون من الفنانين في جميع مشارب الفنون يعانون الأمَرَّين؛ وبين يديهم أعمال فنية خالدة تسطر الأمجاد للبلاد والعباد، وقد يبقى العالَم سنوات طوال يدرس ويعلم جماليات أعمالهم، فنحن اليوم ندرس ما تركه فان غوغ (1853 - 1890) من أعمال تسجل لهولندا التي لم ترحم جوع وعوز الذي تباع أعماله اليوم بالملايين من الدولارات.

للأسف هذا هو حال أكثر الفنانين في أغلب دول العالم إلى يومنا هذا الذي نعيشه، فقد يكون هناك -وهم أقل من عدد أصابع اليد الواحدة- من وجد من يعتني به مثل الإسباني بابلو بيكاسو، (1881 - 1973) وزميله الإسباني الذي عاش بقية عمره في باريس سلفادور دالي، (1904 - 1989) وهؤلاء استثناء كونهم وجدوا الدعم والاعتناء بهم بعد أن ساهمت الدولة والمؤسسات المعنية فيها بتسليط الضوء عليهم بشكل استثنائي خاص، فعاشوا عيشة تختلف إيجابياً عن حال غيرهم ممن كانت نهايتهم مأسوية مؤثرة وغير مقبولة للعقل والمنطق.

فهل هناك في الوسط من ينهض لنجدة فنان يعيش بيننا؟ لا أقول إنه يتضور جوعاً بل أقول إنه لا يجد ما يكفيه لسد حاجته كفنان يبني للمجد العام بنياناً مشرفاً للجميع بصفة عامة، وقد يبقى اسمه في سجلات التاريخ إلى مئات السنين، فنحن نبعد عن عباقرة عصر النهضة في القرن الخامس عشر والعصر الباروك في القرن السادس عشر وعن إبداعات رامبرانت (1606 - 1669) الذي أسس لمدرسة التشريح وترك أعمالاً تثبت أن الفنان التشكيلي كان يدرس علم التشريح البشري كما يدرسه طلبة الطب في الجامعات المتقدمة العريقة حتى زماننا هذا الذي نعيشه للأسف، الفنان يموت جوعاً وبين يديه إنتاج عمره الذي سخره لمجتمعه ومن حوله، فهل من مجيب باحترام وعزة لهؤلاء الذين هم بيننا من المبدعين؟! أو أن هناك من يسمع صراخهم ويلبي؟!

أسأل الله السلامة والأمن والأمان والرخاء للجميع.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد