: آخر تحديث

سودان الحكومتين.. ثم ماذا؟

5
5
5

خالد بن حمد المالك

أصبح لدى السودان حكومتان وجيشان، وانقسام المواطنين في الولاء بين هذا وذاك، ومن مثل السودان يملك هذا التميز المدمر، وهذا التسطيح في خداع المواطنين والضحك عليهم.

* *

هناك دول أجنبية بعضها على حدود السودان وأخرى بعيدة وموقعها خارج الحدود، وكلها تنفخ في إذكاء الخلافات، وتعمل على تقويض مصادر تمسك السودان بوحدة أرضه واستقلاله، وتأجيج الخلافات بين شعب السودان الواحد.

* *

كانت المملكة الوحيدة التي استشعرت مبكراً خطورة ما يحدث في السودان، فأتاحت الفرصة للمدنيين للابتعاد عن أتون الحرب، واستقبال المهدَّدين منهم ليكونوا ضيوفاً لديها في جدة، وتقديم المساعدات لمن لم يتمكن من مغادرة السودان، وسعت إلى عقد لقاءات بين الجيش والدعم السريع بجدة في حيادية تامة لتطويق الأزمة منذ بدايتها.

* *

نجحت المملكة في التوفيق بين الطرفين، وصدر بيان بوثيقة جدة بما تم الاتفاق عليه، وكان في بنودها ما يعالج الأزمة بالرضا بين الجانبين، غير أن الالتزام بتطبيقها لم يتم، ما جعل الحرب تدوم إلى اليوم، معرضة السودان إلى المجاعة، وفقدان الأمل بحل ينهي القتال، والتلويح بالتقسيم.

* *

العقلاء والحكماء بين السودانيين غابوا في وقت كان يجب أن يكون لهم حضورهم لإطفاء هذه الحرب، ومنع انتشار شرارتها، والحيلولة دون العبث بمقدرات الدولة والمواطنين، لكن ما حدث هو ما نراه في هذا الاصطفاف المجنون بين من هو مع الجيش، ومن هو مع الدعم السريع.

* *

إعلان الدعم السريع عن تشكيل حكومة موازية للحكومة الشرعية، أمر عبثي غير مقبول، وتصرف أحمق وغير عاقل، ولا يصب في مصلحة السودان والسودانيين، بل إنه يعقِّد أي حلول سلمية يمكن أن تُطرح، لتُعالج المشكلة، وصولاً إلى حلول مرضية للجميع، بدلاً من القرارات التي لا تخدم المصلحة، وتباعد المسافات للحصول على معالجات مقنعة.

* *

على أن الفرصة لمعالجة ما حدث رغم كل الدماء الزكية التي سقطت في ميادين الحرب، والدمار الذي أصاب ما بناه السودانيون بعرقهم ومالهم وجهدهم على مدى سنوات طويلة، لا زالت ممكنة من خلال الحوار السلمي، والجلوس على طاولة واحدة بين الفرقاء، متى اقتنعوا بأن القتال ليس هو الطريق الصحيح للخروج من نفق هذه الأزمة.

* *

لا يحتاج السودانيون إلى من يذكِّرهم بأنهم يسيرون الآن في الاتجاه الخطأ، وأن لا مصلحة لهم باستمرار القتال، وأن تداعيات الحرب ستترك آثاراً سيئة، خاصة عندما يتذكَّر المواطنون قتلاهم، ومن أصيب منهم، وحجم الدمار الذي حلَّ ببلادهم، واختفاء الأمن، وما يسود الدولة من جوع وفقر.

* *

إن الأمل لإنهاء هذا القتال مرهون بوحدة الصف، والكلمة النافذة بوعي وعقل، والتحلِّي بأعلى درجات الحكمة والشعور بالمسؤولية، وهذه إن غابت اليوم فيجب أن تحضر غداً ودائماً، وإلا فإن السودان سيبقى في خطر.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.