: آخر تحديث

ترامب بين الوضوح والغموض

5
5
4

خالد بن حمد المالك

الرئيس الأمريكي ترامب يضع المتابع لتصريحاته وقراراته ومواقفه في حيرة من أمره، لا يعرف مدى جديته من هزله، وهل هي مواقف ثابتة أو هي في سياق المناورات وجس نبض خصومه ومعرفة ردود أفعالهم.

* *

رئيس أكبر دولة في العالم يقول اليوم ما يخالف كلامه أمس، ويناقض غداً ما كان قد قاله من قبل، أحياناً يجمع بين الصرامة والذهاب إلى المهادنة، يهدِّد ويتوعَّد بأقسى العبارات، وما يلبث أن يتراجع ويعود إلى الهدوء في تصريحاته.

* *

يضع خصومه بين خيارين إما استخدام القوة أو مساعدتهم على الازدهار، والخيار الأخير يكون بحسب تجاوبهم مع أطروحاته، وتقبلهم لقراراته، لكنه إذا ما قُوبل بالرفض لا يجد حرجاً في طرح بدائل هينة وسهلة لتقريب وجهات النظر.

* *

ترامب حيَّر العالم، وأمريكا لم تشهد رئيساً يماثل هذا الرئيس في مغامراته في أخذ قرارات خطيرة قد تعرِّض مصالح أمريكا للخطر، ولكنه يعتقد أنه يعمل من أجل أن تكون أمريكا عظيمة، منطلقاً من أن أمريكا أولاً.

* *

لهذا لم يفرِّق بين الأعداء والأصدقاء، ولم يعط الأصدقاء ما يميِّزهم في علاقاتهم التاريخية بأمريكا، بل وصفهم بأنهم يستغلون أمريكا مثلهم مثل أعدائها، ولهذا فرض الرسوم الجمركية عليهم، كما فعل مع الأعداء، وهمَّشهم في قضية مباحثات حرب أوكرانيا، وفي المباحثات مع إيران، وفي حرب إسرائيل الدموية في قطاع غزة.

* *

هذا الرئيس لا تستطيع أن تتعرَّف على نواياه في الحاضر، فكيف بك أن تقرأ ما سيفعله في المستقبل، فالتناقضات لديه تُربك من يريد تفسير اتجاهاته، وتُعجز المحلِّلين من الوصول إلى معرفة نواياه المخبأة، كون ما يعلنه بصراحة لا يعني عدم القيام بما يناقضه.

* *

الأخطر في اندفاع الرئيس ترامب، أنه يعرِّض اقتصاد وأمن العالم للخطر، وقد تكون أمريكا من بين المتضرِّرين، لكنه لا يعترف بذلك، ويعتقد أنه ممسكبين يديه بمفاتيح أمن واقتصاد العالم، وأن على العالم أن يتعايش مع أقواله وقراراته، وهو ما لا يمكن أن يتحقق، لأن للقوة العسكرية المضادة حساباتها.

* *

منذ أقل من ثلاثة أشهر، تولى خلالها الرئيس ترامب السلطة في قيادة أمريكا، فأحدث مخاوف لدى العالم بقراراته، ويرى المراقبون أنها تصب في خلق فوضى في العالم، وقد تجر ربما إلى حروب لا مصلحة لأمريكا فيها، حتى أن بعض أعضاء الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه أعلنوا معارضتهم لكثير من قراراته.

* *

ومن بين أسوأ مواقف البيت الأبيض في عهد ترامب موقفه من حرب إسرائيل للوجود الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، واستيلائها على أراض لبنانية وسورية، ودعمه لتل أبيب في هذه الجرائم.

* *

لقد همَّش ترامب دور أمريكا في تحسين العلاقات الدولية بين دول العالم، وإنهاء النزعات والحروب في المناطق الساخنة من العالم، وبدلاً من ذلك هدَّد بالاستيلاء على قناة بنما، وضم جرينلاند لأمريكا، وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة والاستيلاء عليها، وضم كندا لأمريكا لتكون واحدة من ولاياتها، وما إلى ذلك من قرارات شملت ملفات مهمة.

* *

لقد أربك الرئيس الأمريكي العالم، ودهور الاقتصاد والتجارة الدولية، وخلق أزمات ومخاوف لدى دول كثيرة، ولا يزال يواجه العالم يومياً بقرارات بالغة الخطورة على الأمن والاستقرار، دون أن يفكر بما تتركه قراراته من سلبيات على العالم ودون أن تنجو منها أمريكا نفسها.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد