: آخر تحديث

بين ثقافة الخوف والرسائل الآمنة

6
4
4

هيفاء صفوق

- عندما تريد أن تضعف شيئا ما ازرع حوله ثقافة الخوف، وعندما تريد أن تسيطر على إنسان اجعله يشعر بالخوف، وللأسف هذا ما يحصل الآن في كثير من وسائل التواصل، أو الأفلام التي تصدر العديد من الأفلام المرعبة التي تحرض على القتل والعداوة والكراهية والانتقام، أو الفيديوهات التي تقتات على عقول الناس في زرع الخوف من كل شيء.

- قوة الإنسان بثقته في نفسه وإدراكه بالهبة التي زودها الله عزَّ وجل فيه من قدرات وإمكانيات لا أحد يستطيع أن ينقص منها شيئا، الوحيد القادر على إهمال هذه القدرة والقوة هو الإنسان نفسه.

- هناك الكثير من يروّج ويصنع ثقافة الخوف لتحطيم قدرة الإنسان على الإنتاج والإنتاجية وتحطيم الإرادة والعزيمة لجعله إنسانا لا معنى من وجوده، لذا فأسهل شيء في زعزعة أي المجتمع هو زرع ثقافة الخوف في حياتهم، وهذا يجعلهم مسلوبين الإرادة عاجزين عن تحقيق التقدم والتطور أو تحقيق الأهداف التي يريدون تحقيقها والسبب عدم إيمانهم بقدراتهم وإمكانياتهم انهم يستطيعون فعل شيء ما، لذا سهل التحكم فيهم، و بث الرعب والمخاوف في حياتهم.

- اليوم، نحن في حاجة لبث الرسائل الآمنة التي تحيي العقول والقلوب بالتفاؤل والامان تبث فيها روح العزم والعمل والقدرة، وعندما يمتلك الإنسان الطمأنينة والشعور بالأمان يساعده ذلك على التركيز فيما يريد تحقيقه ويبعد عنه التردد ويساعده في اتخاذ القرارات الصحيحة.

- الأمان النفسي هو القاعدة الأساسية التي تزود الإنسان بالثقة والقوة والإصرار، وتجعله قادرا على الحركة والعمل والسعي، رغم الظروف أو الأزمات أو الصعوبات.

- مهم أن ينتبه الإنسان على ماذا يركز، على ماذا يشاهد، يجلس مع من، يستمع لمن, المرجفون ليس فقط في الخارج، بل أحيانا يكون أقرب الناس يبث قصص الرعب والترهيب من باب النصيحة، وأحيانا في تواجد الصغار من الأطفال الذين يبدأ الخوف يسري في دمائهم منذ الصغر، وهناك فرق بين التربية الأمنة والتربية المبنية على الترهيب والتخويف، الأول تحصد شبابا يافعا قويا ناجحا، والثانية تحصد شبابا ضعيفا لا يثق في نفسه، لا يتحمل المسؤولية، لذا يجب الانتباه لتلك الرسائل المبطنة التي تحد من قدرة الإنسان وتجعله في متاهة من الأفكار والتشاؤم والعجز.

- الخوف أبوابه عديدة، تارة يظهر كصديق مخلص يشعر صاحبه بالحرص وعدم التقدم، وتارة يظهر بمحاولة جنى الأموال لتأمين المستقبل فيجلس صاحبه طوال عمره يبحث عن المزيد من هذه الأموال فيخسر حياته كلها في الركض والمتاهة والخوف من المجهول، وتارة يظهر من باب الغيرة والشك بأنه محب لصاحبه وهو في الحقيقة عكس ذلك تماما، بل هو متخف خلف التملك والسيطرة خوفا من خسارة شيء ما، وتارة يظهر الخوف في رفض الجديد والتمسك بالهوية المزيفة التي تلبس القناع لتخفي هشاشة صاحبها، وكما نرى الخوف له أبواب عديدة مخادعة للإنسان بمسميات كثيرة.

- هنا يأتي السؤال: لم لا نعكس تركيزنا على ثقافة الخوف إلى ثقافة الأمان وزرعه في أنفسنا ومن حولنا، ما هو هذا الشعور الذي يجعل كل واحد فينا متفائلا بأقدار الله، يتقن فن العيش في اللحظة وينظر خارج الصندوق، صندوق الظروف أو العقبات أو المرجفين للخوف، وينظر إلى رحمة الله في هذا الكون الواسع، كم منا أعطى هذا الخوف بداخله مساحة كبيرة استنزفت من مشاعره الشيء الكثير، وكفت يديه عن الحركة أو الابتكار أو التجديد بسبب الخوف من الفشل، أو الوهم بعدم القدرة على النجاح.

- نجد الرسائل التي نبعثها كل يوم لذواتنا (الحديث الذاتي) هو سلاح ذو حدين، إما رسائل آمنة أو رسائل مخيفة و شتان بين هذا وذاك، الرسائل الآمنة تجعل كلاً منا مزدهرا بسماحة كبيرة من الشعور الطيب والطمأنينة والسكينة مما ينعكس على حياتنا وعلى من حولنا وعلى علاقاتنا وعالمنا الخارجي وقدرتنا على بلوغ الأهداف التي نصبوا لها.

- الرسائل الآمنة هي رسائل شجاعة تحكي لنا كل يوم عن الموهبة والقدرة والإمكانية التي زودنا بها الله، تجعلنا كل يوم نفكر ماذا نفعل، وماذا نصنع، وكيف نبتسم ونضحك، تجعلنا آمنين رغم تحديات الحياة، هناك قوة جبارة في داخلنا كوقود المحرك في كيفية العيش الطيب والحياة المريحة، بينما الرسائل المخيفة نشاهد صاحبها عند المناقشة والحديث يحاول أن يثبت صحة معتقده، لا يريد أن يغير ما اعتاد عليه فيفقد الكثير من التوازن ويعيش في سجن من صنع يديه.

إضاءة:

- هناك فرق بين الخوف المرضي، وهذا يحتاج إلى علاج عند متخصصين وبين ثقافة الخوف التي نتلقاها لتصبح عادة في حياتنا، وبين الحذر والانتباه المنطقي دون المبالغة فيه.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد