أحمد المغلوث
غالبًا ما تكون الأعمال الفطرية شديدة التفصيل، وبالتالي صاحب هذا الأسلوب يستخدم الألوان الزاهية المشبعة بحبه لهذه الألوان ومن أجل أن تكون أكثر تأثيراً ووضوحاً وبساطة.
وتجد المنظور في أعمال حبيبنا الراحل (محمد الصندل) رحمه الله أكثر تناسقاً وبساطة، من هنا كانت أعماله أكثر شعبية وحتى عفوية، ونتيجة لذلك فإن اللوحة لديه معبرة ببساطة مثله مثل الكثير من الفنانين في العالم ومن أشهرهم أعمال الفنان الفرنسي هنري روسو، وآلاف من الفنانين الصينيين واليابانيين والهنود وبالتالي تحظى لوحاتهم ومشاهد الحياة في أوطانهم بإقبال الناس عليها، بل تجد كثير من الأعمال تم توظيفها في العديد من قمصان والملابس والأوزرة. وكثيرون من الفنانين الفطريين يبتعدون عن رسم الوجوه ومع هذا تحظى رسومهم بالاهتمام وحتى التقدير ومن هنا ومع هذا لا نستطيع تقويم الأعمال الفنية الفطرية خاصة التي اعتمدت على توظيف الزخارف الشعبية في لوحاتهم أو هروبهم من رسم الوجوه في لوحاتهم حتى لا يكتشف عدم قدرتهم على رسم الوجه, ومع هذا نجد فناننا الراحل الصندل ومع أسلوبه الفطري رسم العديد من لوحاته وفيها الكثير من المصداقية والعفوية والتميز البسيط والمؤثّر ولا شك أن الاهتمام بالأعمال الفنية الفطرية باتت ظاهرة عالمية ونجاح هذا الفن ساهمت فيه التقنية الحديثة من وسائل تواصل اجتماعي وانتشار الأعمال الفنية عبر الإنترنت، بل باتت بعض أساليب هذه الفئة من الفنانين الفطريين وعلى مستوى العالم ومع انتشارها إعلامياً منتشرة، بل ومقلّدة إلى حد ما مع تحوير بسيط، بل إنك تكاد تعرف أن هذه اللوحة ما هي اللا محكاة ساذجة للوحة فنان آخر. ليس هنا مجال الحديث عن هذا الموضوع، ومع هذا يجب أن نشير إلى أن الفنان «الصندل بات اسمًا على مسمى» فرائحة فنه الفطري تكاد تشم رائحته من لوحاته. كم افتقدناه على الرغم من رحيله المبكر وهو في عز شبابه ونشاطه الفني وحتى الإداري كونه مديراً للجنة الفنون التشكيلة بجمعية الثقافة والفنون بالأحساء وفي عهده أقيم أكثر من معرض جماعي.
وما زلت أذكر بساطته وتقبله لما يقترحه عليه أعضاء اللجنة التشكيلية كان يأخذ برأي زملائه وأنا واحد منهم، حيث اقترحت عليه. أن يقيم المعرض الجماعي السنوي أمام الناس ليكون قريباً منهم. وكان الاقتراح أن يكون في أرض فضاء بجانب الشارع المؤدي إلى القطار وعلى بعد خطوات من الشارع المتجه داخل الهفوف. وتم تنفيذ الفكرة ونجح المعرض نجاحاً مبهراً. وكذلك طلبت منه أن يكون معرضي الشخصي الأول في مجمع الأحساء التجاري. عام 1402هـ فوافق على الفور وبفضل الله وأقولها بتواضع كان معرضاً ناجحاً خاصة بعدما تشرّفت بافتتاح المعرض تحت رعاية صاحب السمو الأمير محمد بن فهد بن جلوي -رحمه الله- وبث خبر الافتتاح في نشرة الأخبار الرئيسة الأولى. وما زلت أذكر موافقته وأعضاء اللجنة أن تحتضن الجمعية (دورة للرسم الكاريكاتوري) من إعدادي وإشرافي كان ذلك عام 1407هـ وبتواضع كانت دورة ناجحة أبدع فيها المتدربون، بل كشفت «الدورة» عن وجود مواهب متميزة تؤكد على وجود موهبة الرسم لدي مجموعة منهم. ونسبة كبيرة من المشاركين في هذه الدورة الناجحة مدرسين لمادة التربية الفنية، بل بعضهم رسامون مجيدون.. وماذا بعد يجب أن أشير بالتقدير لدوره الخلاق في جمعية الثقافة والفنون بالأحساء خاصة لجنة الفنون التشكيلية في إثراء المجتمع في المنطقة بالنشاطات والفعاليات الفنية والثقافية المختلفة. رحل عنا الفنان الصندل وما زالت لوحاته رائعة ومشبعة بالإبداع الفطري والبصري ورائحته «الصندلية». ومن هنا قالوا: الإبداع حياة متجددة تتوارثها الأجيال.