: آخر تحديث

السينما صناعة اقتصادية واعدة

6
7
6
مواضيع ذات صلة

يدرك القائمون على صناعة السينما في العالم أهميتها الاقتصادية؛ لأنها اقتصاد قائم بذاته يساهم بنسب كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي لأي دولة، وكما تشير المؤشرات أيضًا إلى أنّ رواد السينما والمسارح والحفلات يشكلون أكثر من 60% من المواطنين، كما أن هذا الجمهور يتنوع بتنوع الأفلام نفسها روائية عاطفية، تاريخية، وثائقية، أو هزلية، وربما بوليسية، أو درامية، إضافة لأفلام الصور المتحركة، وهذا ما جعل دول العالم تلتفت إلى تلك الصناعة الواعدة، كاقتصاد مستقل جاذب لفئة الشباب خاصة، ولا أقصد هنا فن التمثيل أو الكتابة أو الإخراج، أو حتى التصوير والمونتاج، ولكنني أقصد الصناعات الاستراتيجية المغذية لهذا الفن، ومنها صناعة الديكور والملابس، والصوت والموسيقى، وجميعها صناعات كثيفة العمالة الجاذبة، ذات العوائد الاقتصادية الجيدة، إضافة لدور العرض السينمائي التي تضيف قيمة مضافة للثروة العقارية وتطوّر استغلالها، بما يتناسب وهذه الصناعة.

إن صناعة السينما وتشعباتها قادرة على ضخ المزيد من الاستثمارات في الاقتصادات الوطنية، واستغلال البنية التحتية والتقنية، والكوادر الشابة، واستيعاب ثقافات جديدة تفرز واقعاً فنياً خاصاً بالمنطقة، وكذلك تعمل المهرجانات الفنية على تنشيط الحركة السياحية وزيادة الإشغال الفندقي، والترويج للمقاصد السياحية التاريخية الحضارية والتراثية، ومن ثم التأثير الاقتصادي الإيجابي على الناتج المحلي.

وإذا نظرنا إلى التفكير الاستراتيجي للحكومة سنجد أن رؤية المملكة اهتمت بصناعة السينما أكاديمياً، من خلال فتح المعاهد المتخصصة، وثقافياً باستضافة المهرجانات والفعاليات العالمية، ومحلياً بإقامة مهرجانات نوعية مثل مهرجان البحر الأحمر السينمائي، الذي يثبت نجاحه عاماً بعد عام رغم أن عمره لا يتجاوز ثلاث سنوات، والأهم من ذلك كله دور هذه المهرجانات في إثراء الحياة الفنية بالمملكة، والحراك الفني الاجتماعي، في إطار التحول الكبير الذي تشهده السعودية خلال السنوات القليلة الماضية، إضافة إلى فن صناعة الهوية السعودية لأن تنظيم واستضافة المملكة لعدد مهم من المهرجانات والفعاليات الفنية والسينمائية له انعكاس كبير على المستوى الاقتصادي والثقافي أو الاجتماعي إلى جانب التأثير الفني، والإسهام في إنتاج وتقديم العديد من الأعمال الفنية ذات الطبيعة الخاصة، التي تساعد على الترويج للهوية والبيئة السعودية والمجتمع بأطيافه واختلافاته، وثقافته وتراثه، وتعكس بإيجابية ثراء الحياة الاجتماعية السعودية، وتقديم ذلك للعالم في قالب فني مبهر.

إن المهرجانات الفنية، والسينمائية أو المسرحية بوجه خاص، تثري صناعة المؤتمرات، وتساهم في دعم المواهب الشابة في جميع التخصصات الفنية، وتثقل تجاربهم، وتفتح نوافذ الإبداع أمامهم، خاصة عندما تتاح لهم الفرصة للقاء قادة تلك الصناعة على أرض المملكة في مواعيد محددة كل سنة، والاستعداد لتلك المحافل بأعمال ذات جودة عالية، وفتح أبواب النقاش والنقد القائم على أسس فنية إبداعية مدروسة، ومن ثم يصبح الفن السعودي قوة ناعمة مؤثرة في حياة شعوب أخرى، كما صنعت الولايات المتحدة الأمريكية، وتسيّدت العالم فناً واقتصاداً في هذا المجال، وأصبح العالم كله يتابعها، ويلهث خلفها..

وما يحزننا جميعاً الإحصائيات الرسمية التي تشير إلى أن صناعة السينما لا تتجاوز 0.1% من الناتج المحلي الإجمالي لأغلب الدول العربية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد