: آخر تحديث

عدالة ونزاهة.. حسب الطلب

0
1
1

حتى بعد أن أصبح نادي النصر شركة، وحتى بعد أن سلِّمت إدارته التنفيذية والرياضية لخبرات أجنبية؛ إلا أنَّك تشعر أنَّ الثقافة والعقلية النصراوية القديمة لا تزال هي الراسخة والمسيطرة والمسيرة لكل تحركات هذا النادي ومواقفه وردود أفعاله، ويظهر ذلك جليًا في بيان شركة نادي النصر الأخير المتعلق بنظام تسجيل اللاعبين الأجانب تحت 21 سنة، والذي رفض النصر ولا يزال يرفض تعديله (هذا العام) بحجة عدالة ونزاهة المنافسة وتكافؤها كما جاء في البيان!.

النصراويون يرون أنَّ تعديل النظام هذا العام مناف لنزاهة المنافسة؛ لكنَّه سيكون عادلًا ومنصفًا في الموسم المقبل حين يصبح النصر متضررًا، وحين يتجاوز لاعبه البرازيلي أنجيلو غابرييل سن الـ21، و يصبح النصر مضطرًا لأن يضمه إلى قائمة الأجانب الثمانية (فوق 21)، أو أن يقع في ورطة تصريف عقده الباهض والممتد حتى موسم 2029 عبر إعارته أو بيعه بثمن بخس لأندية تعرف جيدًا أنَّ ناديه متورط في عقده بسبب نظام ارتجالي وعشوائي غير مدروس!.

 هذه هي عدالة ونزاهة المنافسة عند النصراويين، وهذه هي المصلحة العامة التي يراها النصراويون، فهم يحرِّمون على اتحاد القدم السعودي التحرك لإنقاذ أنديته من ورطة نظام يضرهم ويخدم وكلاء اللاعبين والأندية الأجنبية؛ مادام أنَّ النصر ليس من ضمن هذه الأندية المتضررة، ويرون أنَّ على اتحاد القدم أن ينتظر انضمام نادي النصر للأندية المتضررة حتى تصبح المصلحة عامة!.

 حين عملت القيادة الرياضية على استقطاب كريستيانو رونالدو للدوري السعودي في الفترة الشتوية وتحديدًا في يناير 2023 مستغلة فرصة أنَّ اللاعب كان متاحًا حينها؛ لم تراعِ أنَّ القرار جاء في منتصف موسم، وأنَّ الهلال والاتحاد كانا ممنوعين من التسجيل، وأنَّ جلب اللاعب للنصر يخدمه ويعزز حظوظه ضد منافسيه في منتصف المنافسة؛ بل قررت أنَّ المصلحة العامة تستوجب إحضاره في ذلك الوقت، وأنَّ التأجيل والانتظار إلى الصيف، ومنح جميع الأندية فرصة التنافس على اللاعب، أو منح اللاعب الخيار لاختيار النادي الذي يرغب باللعب له كان يهدد الصفقة التي تحمل أبعادًا استراتيجية، وتخدم الرؤية الرياضية المتوائمة مع رؤية المملكة 2030، ولم نسمع صوتًا في النصر يتحدث حينها عن عدالة المنافسة!.

 كما أنَّ بيان شركة النصر استند على رفض معظم الأندية لتعديل النظام في الأيام الأخيرة من فترة التسجيل الصيفية؛ لكنَّه لم يذكر أن سبب رفض الأندية التي كانت أول من طالب بالتعديل هو بسبب التوقيت المتأخر من اتحاد القدم الذي طرح الموضوع على الأندية قبل ساعات من إغلاق فترة التسجيل، وأنَّ هذه الأندية هي نفسها من طالب اتحاد القدم بتأجيل التعديل حتى الفترة الشتوية لتحصل على مزيد من الوقت والفرصة للاستفادة من القرار، وأنَّ الأغلبية الساحقة من الأندية تتجه للموافقة على التعديل ماعدا النصر الذي يرى أنَّ المصلحة العامة لا يمكن أن تحصل إلا بتحقق مصلحته الخاصة!.

الطريف بالأمر أن شركة نادي النصر طالبت في بيانها اتحاد القدم بمقاومة أي ضغوطات تدعوه لاتخاذ هذه التعديلات، بينما نجد أنّ الضغوطات الوحيدة التي تمارس ضد اتحاد القدم هنا هو هذا البيان الذي يطالب فيه النصراويون اتحاد القدم بعدم القيام بدوره في دفع الضرر عن أنديته، وبعدم الاستجابة لمطالب 14 ناديًا مقابل رفض وحيد من نادٍ يريد أن يقول إنّه هو من يقرر مصير البقية، وهو من يحدد ويفصِّل مقاييس المصلحة العامة ونزاهة المنافسة على مقاسه!.

بقي أن أشيد بتوقيت البيان الذي اختير بذكاء لإشغال الشارع الرياضي والبرامج الرياضية ومواقع التواصل عن حكاية حارس المستقبل عمران فرهاد عبدالله ابن مدير دائرة الحكام في الاتحاد السعودي لكرة القدم، وهي حكاية لا يمكن تجاهلها حين يكون الحديث عن نزاهة المنافسة وعدالتها!.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد